قصة قصيرة بعنوان ‘الطعام فن وذوق‘، بقلم: الكاتبة اسماء الياس
هذا هو حساب الفاتورة واحتفظ بالباقي. حاتم من أكثر الناس حبًا للمطاعم. فهو يقضي أغلب فترات حياته متنقلاً من مطعم إلى آخر.
الكاتبة اسماء الياس - صورة شخصية
وكلما سمع عن افتتاح لمطعمٍ جديد يخبر صديقه فواز بأنه ينوي الذهاب إلى مطعم افتتح حديثًا، إذا أراد مرافقته حتى يتذوقا أطيب المأكولات الشرقية.
فهو من الأشخاص الذين يتذوقون الطعام بلذة لا تجدها عند أحد ما. لذلك عندما اختار رفيقة عمره سألها:
إذا كان لديها نفس الشغف للطعام ولكل شيءٍ لذيذ؟ تفاجأ عندما بدأت تعد له أصناف الطعام التي تحبها وتتفنن بإعدادها. فهي خبيرة بإعداد المأكولات مثل "الكبة النية" المقلوبة ورق العنب والملوخية، والكثير من المأكولات التي تعلمتها من والدتها.
فوالدتها السيدة فوزية من أكثر السيدات شهرة بإعداد المأكولات الشرقية. لذلك قامت بافتتاح مطعمها الصغير داخل إحدى غرف منزلها، وكانت تصنع المأكولات البيتية وتبيعها لكل النساء اللواتي يعملن ولا يجدن الوقت لإعداد الطعام.
حتى اشتهرت مأكولاتها على مستوى البلدة والبلدات المجاورة. وحتى تتوسع بأعمالها قررت شراء مطعم كان صاحبه قد أعلن عن بيعه لأمور خاصة به.
وهكذا أصبحت فوزية من أشهر النساء اللواتي يقدمن الوجبات البيتية بنكهة عالية الجودة.
أما ابنتها درة كانت تشاهد والدتها وهي تطبخ والابتسامة على وجهها.
سألتها ذات مرة:
-والدتي أراك دائمًا مبتسمة وأنت تعدين الطعام، هل وراء تلك الابتسامة سرًا لا أعرفه؟
شرحت السيدة فوزية لابنتها السبب وراء تلك الابتسامة.
قالت لها اعداد الطعام بحاجة للحب والرضا من صانعه، وحتى نأكل طعامًا لذيذًا يجب أن يعد بكل حب، فالطعام يأخذ نكهته من إحساسنا عندما نعده، لذلك تجدينني أعد الطعام بكل حب حتى من يتذوق طعمه يشعر وهو يأكله بسعادة لأن من يأكل طعامًا أعد بكل حب سيجده بلا شك لذيذًا.
لذلك أول درس تعلمته درة من والدتها أن تعد الطعام والابتسامة يجب أن تكون إحدى مكونات الطعام الأولى.
عدا أن درة أخذت من والدتها المهارة بالطبخ وإعداد المأكولات والحلويات الشرقية التي يشتهر بها مطبخنا الفلسطيني. فهي الطالبة المجتهدة التي عملت حتى انهت التعليم بتفوق. وقد درست محاماة واختصت بقانون الجنايات.
وهذا الاختصاص اختارته لأنها وجدت نفسها مسؤولة ولو واحد بالمئة عن هذا المجتمع الغارق بالجريمة حتى الأذنين، رغم الحلول التي طرحت، والتي قدمها جهابذة القانون والمحللين والذين درسوا الجريمة واسبابها. لكن مع الأسف كل الحلول وقفت عاجزة أمام هول المجازر التي تحصل في عالمنا الآيل للسقوط.
لذلك فكرت درة كثيرًا حتى اهتدت للموضوع الذي يلائم تطلعاتها. فقد كانت تحلم أن يكون لها شأن عظيم، من خلاله تستطيع أن تحدث تغييرًا ولو بسيطًا في مجتمعها.
فوالدها زرع فيها منذ الصغر حب التفوق حتى على ذاتها. وهي التي تفتخر به، وتعتبره مَثَلّها الأعلى.
لذلك تمنت أن تكون مثله، وهو الذي يمتلك أدوات النجاح.
أولها أن نضع نصب أعيننا الهدف. ثانيًا أن نعمل من أجل تحقيق الهدف.
لذلك والدها هو الوحيد الذي شجعها وقدم لها الكثير من الاقتراحات لكي تختار الشيء الذي يلائم تطلعاتها.
إذا كان القانون سائد في عالمنا نكون بخير إذ لا يمكن أن يسود الإجرام في مكان يسوده القانون.
وهكذا تم التعارف بين حاتم ودرة. حاتم الذي عاش عمره وهو يبحث عن الإنسانة التي تحمل صفات درة. جميلة ومثقفة ومتعلمة وخبيرة بالمطبخ الشرقي. مع أن الطعام الشرقي كان عشقه الأبدي، لكن جاء من يحل مكانه ويسكن بين حنايا قلبه. درة التي أصبحت حبيبته وعشيقته وزوجته وشريكة عمره.
ومثلما يقول المثل "الطيور على أشكالها تقع"..
من هنا وهناك
-
‘شهيدة التخلف ‘ - بقلم : رانية فؤاد مرجية
-
‘أبو إسلام يحترف صنعة الدهان‘ - قصة قصيرة بقلم : محمد سليم انقر من الطيبة
-
الجيّد.. السيّء.. الأسوأ.. - بقلم : زياد شليوط من شفاعمرو
-
قراءة في ديوان ‘على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت‘: الجرأة والجمال - بقلم : د. أحمد رفيق عوض
-
زجل للزَّيتون - بقلم : أسماء طنوس من المكر
-
قراءة في الديوان الرابع عشر للشاعر سامر خير بعنوان ‘لا بُدّ للصّخر أن ينهَزِم‘
-
قصيدة ‘كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية من المغار
-
‘وذرفت العاصفة دمعة‘ - بقلم: رانية فؤاد مرجية
-
‘ الاستيقاظ مبكراً صحة ‘ - بقلم : د. غزال ابوريا
-
قصة كفاح - بقلم : رانية فؤاد مرجية
أرسل خبرا