‘لم يكن بالإمكان أفضل مما كان‘ - بقلم : وسام بركات عمري
في حديثي عن الماضي وأحداثه مع رجل مثقف، قد بلغ من العمر عتيا ، قال لي المقولة: لم يكن بالإمكان افضل مما كان. بها أنهى الحديث وذهب.. من حينها لم تذهب المقولة من ذهني ، أقلّب بها في تفكيري ..
وسام بركات عمري - صورة شخصية
أوافق حينا ! وحينا ارفض ! وحينا أتفلسف ! وحينا أسلّم ! ثم أنساها.. ثم أعيد الكرة في التفكير ..وهكذا منذ أعوام..
قد نسلّم بها ونستسلم لها ، على انها فكرة التقبل لما حدث ، والرضا والقناعة بالواقع كما هو ، وان كل شيء جرى كما يجب أن يكون ، وما كان لا يمكن تغييره ، فهذا يعطي للإنسان راحة نفسية وتصالح مع الذات وسلام داخلي… ربما!
لكن، قد تثير هذه المقولة نقاشا فلسفيا من اعمق ما يكون! وأن الحياة دائمًا تحتوي على فرص لتحسين الواقع، وأن الإنسان قادر على صناعة مستقبله وتغيير مسار حياته من خلال اختياراته الحالية.
الحياة مليئة بالمفاجآت والمواقف التي تكون خارج إرادتنا، فلا يمكننا التحكم فيه … هنا -الرضا بالله وعن الله - يكون الطريق الصحيح للتصالح مع الذات، لنحصل على السلام الداخلي والرضا، ولكن بشرط ان لا تكون سبب في أن تثير مشاعر الاستسلام عن مصارعة الحياة ! هل فعلاً لم يكن بالإمكان أفضل؟ هذا تجاوزًا لإمكانية التغيير أو النمو ، فالحياة ليست مجرد مجموعة من الأحداث الثابتة التي لا يمكن التعديل عليها ، بل هي مسار مليء بالفرص التي يمكن اقتناصها، وكثير من الاخطاء التي يمكن تصحيحها، فلا نكتفي بما هو قائم ونتوقف عن السعي للتحسين والتطور والجهد والاجتهاد والجهاد لان حتى في أصعب اللحظات، يُمكن للأفراد أن يختاروا تحويل المعاناة إلى قوة، وأن يطوروا من أنفسهم، من علاقاتهم، ومن حياتهم المهنية أو الشخصية. لكي لا يُساء الفهم والخوض في القضاء والقدر لا بد من الموازنة بين الرضا والطموح في عالم مجنون ، سريع التغيير ، كثير الاحداث ، مجرم بحق الضعيف ، منافق بحق القوي .
عندما ننظر إلى حياتنا من خلال هذه المقولة، قد ندرك أنه رغم كل الألم أو التحديات التي مررنا بها نستنتج انها كانت ضرورية لتشكيلنا كأفراد. قد نكون قد خسرنا أشياء في الماضي، لكن الخبرات التي اكتسبناها كانت ضرورية لكي نصبح مَن نحن اليوم. هنا تأتي الحكمة في أن نعرف أن ما حدث كان جزءًا من تصميم أكبر قد لا ندركه في حينه، لكننا نرى أثره بمرور الوقت.
"لم يكن بالإمكان أفضل مما كان" هي مقولة تستحق التأمل، لأنها تطرح مفهومًا مزدوجًا: الرضا والتسليم من جهة، و التطوير والتغيير من جهة أخرى.
هي دعوة للعيش بوعي، لدارسة الماضي كما هو، مع التأكيد أن لدينا القدرة على استقبال المستقبل وصناعته لتحقيق اهدافنا الشخصية والعامة.
من هنا وهناك
-
مقال: ‘فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ‘ - بقلم : الشيخ د. عبد الله ادريس
-
مقال: ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ بقلم : زياد شليوط
-
مقال : ‘ حتى نلتقي صبري ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
متى سينتخب البابا الجديد؟ بقلم : وديع أبو نصار
-
مقال: نحن في المرحلة الاخطر منذ بدء الحرب ..لماذا ؟ بقلم : د. سهيل دياب - الناصرة
-
هل سيبقى النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ قائمًا إلى يوم الدين؟ بقلم : المحامي زكي كمال
-
‘ الوساطة نهج حياة ‘ - بقلم: الشيخ أكرم سواعد
-
‘الاعتذار .. سهل ممتنع تتهاوى عند أعتابه الرجال‘ - بقلم : د. نضير الخزرجي
-
‘ يسوع أنت فصحُ السّماء ‘ - بقلم : زهير دعيم
-
مقال: ليست الأسود والقردة فحسب: عن التجارة غير القانونية بالحيوانات البرية
التعقيبات