بلدان
فئات

23.02.2025

°
15:22
نادي كرة القدم الطيبة ومكابي اور عكيفا يتعادلان واتحاد جت يوسع فارق النقاط
15:16
جبل الشيخ يرتدي حُلته البيضاء.. والعاصفة القطبية تجلب المزيد من الثلوج
13:49
الشرطة : ضبط 16 مركبة لمدينين متهربين من دفع الضرائب في قريتي دبورية وإكسال
13:20
حماس: ادعاء إسرائيل بشأن مراسم تسليم الرهائن حجة للتهرب من التزاماتها
13:10
عشرات الآلاف يشيعون حسن نصر الله الأمين العام الراحل لحزب الله
12:44
عضو كنيست من المعارضة خلال جلسة في الكنيست: ‘تم نفي نجل نتنياهو إلى الخارج لأنه ضرب والده‘ - الليكود : ‘كذبة دنيئة‘
11:20
اصابة شاب بجراح متوسطة بحادث عنف في رهط
10:58
الحزن يخيم على طمرة : الأهالي، الطاقم التدريسي وزملاء القتيل يتوافدون لتقديم العزاء - مدير المدرسة : ‘هذه خسارة فادحة لنا جميعًا‘
10:29
الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته العسكرية شمال الضفة الغربية
10:11
معطيات مقلقة حول الأمراض الوراثية في المجتمع العربي: معدل وفيات الرضع في العام 2023 بلغ 5.2 لكل 1،000 مولود مقارنة بـ 1.9 بعموم السكان
09:23
حماس تنشر فيديو يُظهِر مختطفيْن يشاهدان عملية تسليم مختطفين في غزة السبت
09:05
الذهب يهبط بفعل جني للأرباح لكنه يتجه لتسجيل مكاسب للأسبوع الثامن
08:59
مكابي أبناء الرينة يهزم فريق القمة مكابي تل ابيب بهدف وحيد
07:49
بيروت تستعد لتشييع جثمان حسن نصر الله بمشاركة مئات الالاف
07:14
الفاتيكان: البابا فرنسيس في حالة حرجة بعد تدهور صحته
06:58
حالة الطقس : ثلوج خفيفة في الجبال وأمطار متفرقة من الشمال إلى النقب
06:49
إضراب شامل في طمرة اليوم ‘حدادًا على روح الطالب جواد عامر ياسين ورفضًا لتقاعس الشرطة‘
06:31
مكتب نتنياهو: تأجيل الإفراج عن 620 أسيرا فلسطينيا حتى يتم ضمان الإفراج عن المختطفين الاسرائيليين التاليين دون مراسم مهينة
23:47
وزارة: القوات الروسية تصد 3 هجمات مضادة أوكرانية في كورسك
23:47
وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن ويزيد البطالة
أسعار العملات
دينار اردني 5.03
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.51
فرنك سويسري 3.97
كيتر سويدي 0.33
يورو 3.73
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.32
كيتر دنماركي 0.5
دولار كندي 2.51
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.37
دولار امريكي 3.57
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-02-23
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.6
دينار أردني / شيكل 5.09
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.76
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.91
اخر تحديث 2025-02-23
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

المحامي زكي كمال يكتب : جميعنا نملك نفس العين - لكن لا نملك نفس النظرة للأشياء

14-02-2025 08:20:09 اخر تحديث: 14-02-2025 11:15:00

رغم أن تبعات الأحداث المتسارعة التي شهدها العالم عامّة، والشرق الأوسط تحديدًا في العام والنصف الأخيرين، وهي لم تنته بعد، تشكّل، ولا بدّ لها أن تكون كذلك، مدعاةً للتفكير مليًّا في أحوال المنطقة والعالم خاّصة

المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

 أن النتائج المترتّبة على هذه الأحداث، وأخصّ بالذكر ثلاث منها، هي هجمات السابع من أكتوبر 2023 وما تبعها من حرب في غزة، كانت مجرياتها ومواقف العالم منها متوقّعة تمامًا كمخرجات هذه الحرب ونتائجها العسكريّة، وهي تفوّق عسكريّ إسرائيليّ واضح وصريح، وتبعاتها الاقتصاديّة والإنسانيّة، ومع "حزب الله" على الحدود الشماليّة وضربات متبادلة مع إيران والحوثيّين، وانتهاء عهد بشار الأسد في سوريا، واستلام أحمد الشرع القادم من "داعش" وجبهة النصرة مقاليد الحكم، وانتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية، رغم معرفة الأمريكيّين والعالم كلّه بصفاته التي تجعله أبعد ما يمكن أن يكون عن إمكانيّة قيادة دولة عظمى وحيدة بشكل عقلانيّ ومقبول، تحديدًا إزاء ما يشهده العالم من أزمات سياسيّة وعسكريّة واقتصاديّة، وسببًا في إعادة النظر في الاعتقاد السائد خطأً كما يتضح ، من أن القيادات في العالم عامّة وهذه المنطقة خاصّة، تجيد تدبير الأمور وإدارتها واتّخاذ القرارات الصحيحة، والانتباه إلى عواقبها قصيرة المدى وتلك البعيدة، دون أن تكون هذه القرارات متسرّعة وعاطفيّة ومتهوّرة، ودون أن تحرّكها أهداف شخصيّة وحزبيّة وفئويّة يهدف بعضها إلى ضمان البقاء السياسيّ، أو إشباع الرغبة في الانتقام والردّ بالمثل، أو كسب النقاط عبر سياسة خارجيّة تجيء لإخفاء فشل، أو إخفاق داخليّ، أو لصرف الانتباه عن مصاعب داخليّة شخصيّة، أو حزبيّة أو فصائليّة، بل إنها أكثر من ذلك وعلى ضوء ما نشهده في تلك الحلقات الثلاث سابقة الذكر من تصريحات ومواقف وتوجّهات، وفي مقدّمتها تصريحات الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب حول تهجير، أو ترحيل، أو نقل الفلسطينيّين من غزة إلى دول عربيّة وتصريحاته التي يعتبر فيها قضية غزة والفلسطينيين مشروعًا عقاريًّا، ويعتبر قبول الغزيّين لتهجيرهم أمرًا مضمونًا ومفروغًا منه. وهو ما يثير أسئلة حول ما إذا كان يفهم فعلًا معنى وأبعاد ما يقترحه خاصّة وأنه يناقض كافّة الأعراف والقوانين الدوليّة، وقد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانيّة على ضوء تأكيده أنه لن يسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم، وما إذا كان أمرًا مدروسًا، أم أنه مجرّد نزوة واقتراح عابر يشكّل بالون اختبار في أحسن الأحوال، ومحاولة لإلهاء الرأي العامّ في أسوئها، يقابلها في إسرائيل ترحيب واسع يشكّل أيضًا مادّة دسمة للتفكير ما اذا كانت القيادة تدرك فعلًا ما يعنيه الأمر على الصعيد العالميّ والإقليميّ والمحليّ، وعلى كافّة الصعد السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة والاجتماعيّة، أم أنه موقف ينطلق من مكامن فئويّة وربما ظلاميّة متطرّفة لا تعير للمنطق أو القانون، أو العقل، أو المصلحة العامّة أيّ اعتبار، وهو الأمر، بل إنه ربما أخطر، بالنسبة لتصريحات ترامب ومسؤولين إسرائيليين حول قبول الدول العربيّة لهذا الاقتراح، دون أن يقابل ذلك بردّ واضح وصريح من هذه الدول، بل بصمت غير مفهوم، وردود فعل خافتة وخجولة وحتى خائفة تؤكّد الضعف والهوان وقلّة الحيلة وربما حتى انعدام، أو كونها متردّدة وغير مدركة لعواقب الأمور، وقبل ذلك لدورها ومعنى قيادتها ومسؤوليّاتها.

" تحركات دولية "
  ما سبق وعلى ضوء ما شهدناه منذ أسبوعين تقريبًا من تحرّكات دوليّة يقودها الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب تتّسم بالعنف والتسلّط والتسرّع سواء بكلّ ما يتعلّق بتهديد دول جارة بضمّها إلى الولايات المتحدة، أو التلميح كذلك بضم منطقة غرينلاند التابعة للدنمارك، وإغلاق قناة بنما وغيره، وفرض الضرائب على دول عديدة، وكذلك قضيّة التهجير في غزة، وما يدور حول كلّ ذلك من ردود دوليّة تتسم ربما بالقبول أو التسليم والخضوع ، وكلّها أمور تقود في النهاية إلى شرعنة ما هو غير شرعيّ، والقبول بما يناقض مصالح الدول التي يتولّون مناصب القيادة وسدّة الحكم فيها، أو تلك ذات العلاقة بالقضايا التي تمسّها وتلامسها هذه التصريحات، والتسليم أيضًا بأمور تنافي القانون وقوّة المنطق وتنبع من منطق القوّة الأمريكيّ، ما يقود إلى السؤال الجوهريّ حول أزمة القيادات السياسيّة، أو أزمة القيادة في العالم عامّة ومنطقة الشرق الأوسط خاصّة، ومنه تنبثق كافّة التساؤلات الأخرى، حول معنى القيادة، أو كيفيّة وصول بعض المسؤولين إلى مراكز القيادة، دون مقوّمات، أو دون استيفاء الشروط التي يجب أن تتوفّر في القيادة السياسيّة بتعريفها البسيط والأساسيّ، وهو أنها قدرة وبراعة وفاعلية القائد السياسيّ في تحقيق أهداف المجتمع واختيار أفضل الوسائل المناسبة لذلك من خلال التعاون مع مختلف الفئات والمجموعات السياسيّة في الداخل، وتعريفها ضمن السياسات الخارجيّة على أنها التعاون والتواصل مع دول العالم والهيئات الدولية الخارجية بهدف تطبيق برنامج العمل الخاص بالدولة من ضمن البدائل البرامجيّة المتاحة لتحقيق أهداف الدولة في المحيط الخارجيّ، مع الإشارة هنا إلى أنه من غير الممكن كما يظهر من تصرّفات السياسيين الفصل بين السياسة الخارجيّة، أو العلاقة مع الدول القريبة والبعيدة وبين السياسة الداخليّة خاصّة وأن تلك الخارجيّة، تشكّل في كثير من الأحيان وسيلة لخدمة مصلحة داخليّة للقائد، وتأكيدًا لشرعيّته وتؤدّي إلى زيادة شعبيّته، ولذلك يميل إلى التركيز على السياسة الخارجيّة، لكي يعطي الانطباع للرأي العامّ بقدرته على تحقيق الإنجازات وكسب احترامهم، وفي كثير من الأحيان يلجأ إلى اتباع سياسة خارجيّة بناءً على دوافع داخليّة، ولنا في السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاه إيران، واعتبارها الخطر الوجوديّ الوحيد لكسب شعبيّته بين أوساط الإسرائيليّين بأنه المدافع الأوّل عن أمن إسرائيل والوحيد الذي عليهم قبوله واختياره رئيسًا للوزراء، والموافقة على أن يتّبع سياسات يستخدمها لتبرير أمور داخليّة وغايات منها إخضاع مؤسّسات الجيش والمحاكم والقانون والسلطة التشريعيّة لسلطته، أو اتّباع سياسة خارجيّة متشدّدة، وعقد صفقات ما لصرف النظر عن مشاكل داخليّة، وصفقة الجنديّ جلعاد شاليط وإطلاق سراحه في خضم الاحتجاجات حول غلاء المعيشة عام 2011 مثال على ذلك، وهذا ما يتواصل اليوم من سياسة خارجيّة تتعلّق بغزة والرهائن وضرب إمكانيّات التطبيع مع السعوديّة خدمة لأهداف داخليّة هي ضمان بقاء الائتلاف.

" سياسات ترامب الخارجية "
وهو الحال اليوم في الولايات المتحدة والتي يكاد كثيرون يجزمون أن سياسات ترامب الخارجيّة تخدم أهدافًا داخليّة أولها تكريس سمعته على أنه قائد وزعيم لا يخاف المواجهة، وأنه يعمل على إعادة أمريكا إلى عظمتها مجدّدًا بروح الرسائل التي تحملها حركة
 "Make America Great Again" وخطواته ضد الجهاز القضائيّ والخدمات السريّة بما فيها وكالة المخابرات المركزيّة وكبار المسؤولين في الإدارة السابقة، علمًا أن أمثلة كثيرة مشابهة تتوفر في التاريخ الأمريكيّ، ويبدو أن القادة السياسيّين يشعرون بالحاجة إلى القوّة لفرض سيطرتهم داخليًّا وخارجيًّا، ممّا يؤثّر في سياستهم الخارجيّة ، فالرئيس جورج بوش الابن أراد فرض قوته الشخصيّة على سياسته الخارجيّة من خلال غزوه للعراق في العام 2003، وفي كلتا الحالتين الإسرائيليّة والأمريكيّة يبدو تشابه الحالات والسمات حيث يظهر العامل الشخصيّ في شخصيّة وطبيعة القائد السياسيّ وقيامه بخطوات يحظى من خلالها بالتأييد الشعبيّ وحتى الشعبويّ. وهي واحدة من الصفات التي تعكس أزمة القيادة السياسيّة في العالم، وجعلها، أيّ القيادة، متعلّقة بشخصية القائد السياسيّ، وهي حالة كانت حصرًا على الدول الفقيرة والنامية، لكنها تمسّ اليوم دولًا تتغنّى بالديمقراطيّة والليبراليّة، ولكن تتغيّر فيها توجّهات السياسة الداخليّة والخارجيّة على حدٍّ سواء، تبعًا لتغير القادة السياسيّين على عكس الدول الديمقراطيّة الحقيقيّة التي تتّسم بالثبات النسبيّ.
وإذا كانت أزمة القيادة سابقة الذكر تتجلّى في تجيير السياسة الخارجيّة لخدمة تلك الداخليّة وللتستر على إخفاقاتها، فإنها في الشرق الأوسط، إلا ما ندر وتحديدًا الحالة الأردنيّة التي برزت خصوصيّتها ونقاوتها هذه المرّة بإعلان الملك عبد الله الثاني في واشنطن وخلال لقائه مع ترامب أن الفلسطينيّين باقون في غزة، وأن القرار بأيديهم وأيدي الدول العربيّة، دون غيرها، وأنه لن يقبل بما يتعارض ومصلحتهم ومصلحة بلاده مشيرًا إلى طلب ترامب أن يستوعب الأردن فلسطينيي غزة، وهو موقف جاء رغم ما يعصف بالأردن من مصاعب اقتصاديّة، كانت واضحة في كلمات الرئيس الأمريكيّ ترامب والذي استخدمها كنوع من التهديد المبطّن، خلال حديثه عن مساعدات أمريكيّة للأردن، وهو موقف يؤكّد استمرار الرفض الواضح لكافّة المخطّطات التي تستهدف المسّ بالثوابت مقابل الأموال والدعم العسكريّ والاقتصاديّ ورفض التغاضي عن طروحات غير مقبولة والتمسّك بالأصيل من التوجّهات، كما كان الحال بعد ورشة المنامة في ولاية ترامب الأولى، تبدو صارخة وواضحة، وهو الحال هذه المرّة أيضًا. يضاف إلى ذلك الردّ المصريّ الذي رشح أنه كان السبب وراء تأجيل زيارة الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسيّ إلى واشنطن التي زارها هذا الأسبوع وزير خارجيّته، فالردود العربيّة الأخرى كلها جاءت متأخّرة وخجولة ولطيفة، تحاول إمساك الحبل من طرفيه، أولهما عدم اغضاب الحاكم الجديد في البيت الأبيض، بل محاولة استرضائه دون إغلاق الباب وبإحكام أمام مقترحاته، ودون التطرّق إليه شخصيًّا مباشرة أو تلميحًا، أو دون الحديث عن خطوات ما إذا ما واصلت الولايات المتحدة إصرارها، كما يفعل ترامب منذ أسبوع ونصف، على هذه الخطّة، ويؤكّد أنه سيسيطر شخصيًّا على غزة ويمتلكها كعقار خاصّ به، ثمّ يبني عليه مجمّعات دون أن يكون للفلسطينيّين الحقّ في العودة إليه، في تكرار مشابه لما قاله عن الانظمة الخليجيّة خاصّة والعربيّة عامّة من أنها قائمة ومستقرّة بفضله، ولولاه لما استدامت يومًا واحدًا، ملمحًا إلى أنه يمكنه إزالتها، أو التسبّب بدمارها ويتحكّم بمصيرها بشكل مطلق، دون أن يكون لها أيّ ردّ، أو تعليق، بل بالعكس تمامًا فقد أمعنت رغم ذلك في استرضائه وأغدقت عليه مئات المليارات من الدولارات ثمنًا لأسلحة لا حاجة لها بها، إضافة إلى مليارات أخرى يتم استثمارها في الولايات المتحدة خاصّة، ومليارات يتم استثمارها سعوديًّا مثلًا في شركات تابعة لصهر ترامب، جاريد كوشنير المعروف بولائه المطلق لإسرائيل، وسعيه إلى ضمّ الضفة الغربيّة ودوره وزوجته ايفانكا ترامب في نقل السفارة الإسرائيليّة إلى القدس وصفقة القرن. وهي شركات تستثمر هذه الأموال في السوق الإسرائيليّة، علمًا أنه رشح أن كوشنير هو عرَّاب فكرة تهجير الفلسطينيّين من غزة، وكلّها ردود جاءت عموميّة وفضفاضة تتحدّث بعبارات تستخدمها منذ عقود تتحدّث عن "الحق في دولة" وكأنه شعار قائم بحدّ ذاته لا علاقة لطرحه اليوم بقضيّة عينيّة مؤلمة، كما أنه أمر يؤكّد مرّة أخرى لمن شكّك أو تردّد، أن القيادات في الدول العربيّة لا تقيم أيّ اعتبار للرأي العامّ فيها ومعظمه، لو خيّر في كيفيّة الردّ لكان الردّ ربما أقسى، وأن سياساتها الخارجيّة تخدم كلها أهدافًا داخليّة هي ضمان استمرارها وبقائها معتمدة بذلك على أمريكا ، متجاهلة أيّ وزن لمواطنيها وتطلّعاتهم، وبكلمات أقسى فهي قيادات تلغي وجود الشعوب والرأي العامّ وتؤكّد زيف الشعارات حول الوحدة العربيّة والمصير المشترك، واعتبار القدس خطًّا أحمر والدولة الفلسطينيّة أمرا مفروغا منه لأيّ تقدّم سياسيّ، وباختصار قيادات تقول إنها أمّة عربيّة واحدة من الخليج الثائر حتى المحيط الهادر، لكنها في حقيقة الأمر أبعد ما تكون عن ذلك، فهي دول لا تملك مقوّمات الأمّة، بل إنها قبائل بعيدة عن الوحدة تحرّكها مصالحها الضيّقة جدًا وتدرك أن بقاءها لا يتم عبر قواها الداخليّة، بل بقوى خارجيّة، هي تلك التي أسقطت أنظمة عربيّة جارة، وبالتالي تخشى مصيرها نفسه دون أن تدرك أنها أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وبكلمات أبسط، لو كانت هناك أمّة عربيّة فعلًا، ولو كانت هناك قيادات تملك رصيدًا وشجاعة ومصداقيّة لكانت الردود مختلفة، وليس بالضرورة اللجوء إلى الحرب، أو المقاومة المسلّحة والخصام من أجل الخصام، والتي ثبت بأن هذه الوسائل العسكريّة فشلت في الماضي والحاضر، وأيضًا ستفشل في المستقبل، بينما ثبت بأن بناء الإنسان على الانتماء لوطنه يتعلّق بإيمانه بأنه وطنه جسديًّا وعلميًّا وثقافيًّا وحضاريًّا، ويتمتّع بالحقوق والواجبات المتساوية دون الأخذ بقبيلته، أو انتمائه الدينيّ أو السياسيّ أو الفئوي فأوّلًا وآخرًا هو الإنسان المواطن صاحب الحقّ في الكرامة والعيش بالأمن والأمان.

" ردود الفعل "
انطلاقًا مما سبق، لا بدّ من التطرّق إلى الأهمّ، وربما إلى ذلك العامل الرئيسيّ الذي يحدّد ردود الفعل الصادرة عن القيادات المختلفة، وتحديدًا السؤال حول كيفيّة وصولها إلى سدّة الحكم ومواقع التأثير، أو أنواع القيادات، ومنه نشتقّ مصالحها وأنماط تفكيرها وسلّم أولوياتها وتوجّهاتها والطرق التي تواجه فيها الأوضاع والمصاعب والتهديدات والنتيجة النهائيّة لكلّ هذه التصرّفات، أو المحصّلة النهائيّة التي تريد هذه القيادات الوصول إليها، وهي ثلاثة أنواع من القيادات قال عنها العالم الألمانيّ ماكس فيبر، إنها تصل مراكز القيادة، وتحصل على شرعيّتها وسلطتها انطلاقًا من ثلاثة أولها التقاليد، وعندها يكون القائد تقليديًّا، كما هو الحال في المجتمعات البسيطة وتكون سلطته مطلقة، غالبًا ما تتحوّل إلى سلالات قياديّة يتم فيها توريث القيادة من القادة إلى أبنائهم، أو أقربائهم، كما في المجتمعات التقليديّة ومعظم الدول العربيّة خاصّة دول الخليج العربيّ الآخذة بنظام الحكم الملكيّ وبالتالي تصبح القيادة السياسيّة محصورة في أسرة واحدة (الأسرة الحاكمة) لفترات طويلة تمتدّ إلى قرون، وهي قيادات تكون الأقل قدرة على اتخاذ خطوات لمصلحة مواطنيها عامّة او للمصلحة الداخليّة، بل إنها تطوّع سياساتها وقراراتها الخارجيّة لضمان استمرار سيطرتها وسلطتها خاصّة وأنها لا تستمدّ شرعيتها من الداخل بانعدام الانتخابات الرئاسيّة، أو حتى البرلمانيّة الحرّة، وهو الحال بشكل أو بآخر في قيادات حركة "حماس" التي تتّخذ كما اتّضح في هجمات السابع من أكتوبر، قراراتها لضمان سيطرتها وبقائها دون اكتراث للمواطنين، أو لتبعات هذه القرارات وحال غزة اليوم وخطر التهجير وإن كان حاليًّا تصريحيا فقط، خير مثال، إضافة إلى ما اتّضح من عدم قدرة "حماس" على التصرف مع مخرجات قراراتها ومنها قضيّة احتجاز الرهائن الإسرائيليّين، وضمان أبسط مقوّمات الحياة للشعب في غزة وقوامه مليونا إنسان عانوا الجوع والعطش، وثانيها قيادات تصل سدّة الحكم بالطريقة الشرعيّة القانونيّة وهي قيادة تستند إلى القوانين والدستور لتنظيم العلاقات بين السلطة والمواطن، تجعل المواطنين يطيعون الحاكم والقائد انطلاقًا من تلك المعايير التي تشمل حقّهم في اختيار القائد، وواجبهم العمل وفق القانون وهو واجب القيادة مثلهم بل قبلهم، ولا يطيعون القائد لشخصيّته أو لأهداف شخصيّة لهم تجعلهم مطيعين له، ينقادون لرغباته وربما يتحول بعضهم بمرور الوقت إلى مجموعة تقود الحاكم وتؤثّر على قراراته وتوجّهاته، كما حدث في غزو العراق، ودعم رئيس الوزراء البريطانيّ آنذاك طوني بلير له بإيعاز من مستشاريه الذين اعتمدوا على معلومات استخباريّة خاطئة ومضلّلة. وهو ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة والتي ينقاد رئيسها لرغبات رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى والجماعات المتديّنة المحافظة وشركات الأسلحة والمموّلين واللوبي اليهوديّ، وبالتالي هذه كلها مصالح تدفع ترامب مرّة تلو الأخرى إلى محاولة فرض الحلول عنوة، كما أراد هذه المرة عبر اقتراحه تهجير أهالي غزة، وتمرير هذا المخطط" فوق رؤوس" الدول العربيّة بما فيها مصر والأردن والعربيّة السعوديّة والفلسطينيّين، ورغم ذلك مواصلة الحديث عن تطبيع إسرائيليّ سعوديّ، دون أن يرفّ له جفن، أو أن يقيم للطرف الآخر أي اعتبار، وهو ما تكرر خلال الحديث في ولاية ترامب الأولى عن صفقة القرن التي باءت بالفشل، واتفاقيّات ابراهام التي لم يتسع نطاقها، أو قبولها حتى اليوم، وفي إسرائيل حيث يتماشى رئيس الوزراء مع مواقف اليمين الاستيطانيّ المتزمّت سياسيًّا ودينيًّا لضمان سلطته وبقائه عبر تشريعات تخدم مصالحهم وتجعلهم هم أصحاب الكلمة الفصل، كما يبرز في قانون التجنيد الذي يعفي اليهود المتزمتين- الحريديم- من الخدمة العسكريّة بشكل تامّ وخلافًا لمصلحة الدولة واحتياجاتها الأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وتشريعات تقزَّم حقوق المواطنين وتتجاهل بغطاء شرعيّ زائف مصالحهم وتصبّ في مصلحة جهة ما من الخريطة السياسيّة أو قائد ما، وبالتالي نجد نتنياهو يتبع سياسة إدارة الصراعات وليس حلّها رغبة في البقاء في السلطة وإمساك القوة بيديه وحده، وثالثها قيادات تصل سدّة الحكم بواسطة الكاريزما، وهي قيادات تحركها الحاجة إلى الإنجاز الشخصيّ ما يجعلها أحيانًا تميل إلى المخاطرة، لكي تحقق أهدافها، أو تلك التي تعتقد أنها أهداف دولته، ويكون لها تأثير في نفوس المواطنين تجعلهم يلتفون حولها، لكنها قد تصل حدّ إلغاء وجودهم وتُفقد المواطن شخصيّته وربما تنتهي إلى قرارات ترفع من شأن البلاد والمواطن، أو ربما العكس، والأمثلة عديدة منها باراك أوباما، وهو سبب رئيسيّ في مأساة الربيع العربيّ خاصّة في مصر، وقبله ربما جمال عبد الناصر.

" ثلاث مراحل "
استنادًا إلى ما سبق، يتوقّع كثيرون من القيادات أن تفحص كلّ خطة أو اقتراح، وأن تجتاز هذه الاقتراحات المراحل الثلاث اللازمة والضروريّة والتي تحدث عنها علماء في السياسة والأكاديميّة، وأولها مرحلة الصياغة ( Forming ) أي تشكيل الطواقم اللازمة والمهنيّة، وثانيها العصف الذهنيّ، أو النقاش المستفيض (Storming) وثالثها، عرض الخطة بكامل تفاصيلها وإمكانيات نجاحها، أو فشلها ( reforming)، وهو ما لم يتم أمريكيًا وأسرائيليًّا هنا، ولا في صفقة القرن ولا في الدول العربيّة بمعظمها أو العالم الثالث، وهذه من صفات القيادات التي تصمّ آذانها وتغلق عيونها. أما مواقف الآخرين فتعرض خطة مفصّلة دون أي اعتبار للمواقف الصادرة، أو التي قد تصدر عن الجهات ذات العلاقة أو التي قد تصدر، وبالتالي لا يبقى من الخطط الكبيرة إلا اسمها، أو أن يضطر واضعو هذه الخطط إلى استخدام القوة والعنف والالتفاف على القوانين والشرائع الدوليّة لتحقيقها، والتاريخ يؤكّد أن لا نجاح لهذه الخطط، وهو ما يؤكّد أن وصول الأشخاص إلى مراكز القيادة لا يعني أنهم فعلًا يملكون المؤهّلات لذلك، كما يؤكّد أن لا وصفة واضحة لوصولهم ولا قواعد واضحة لتصرّفاتهم، وأن نجاح القائد السياسيّ يعتمد على وجود خصائص وسمات شخصيّة منها السمات العقليّة كالمعرفة وسعة الأفق وحسن التصرّف، كما يقول العالم والباحث، في علم الاجتماع جورج هومانز، مشيرًا إلى أن القيادة تتأثر بالظروف القائمة، مؤكّدًا أنه ليس هناك قواعد واضحة ومحدّدة لتصرّفات الناس وبضمنهم القادة، في مواقف متشابهة فهي تكون مختلفة ومتنوّعة، ويضيف أن البشرية والتي تطمح إلى الاستقرار بحثت عن مثل هذه القواعد طيلة قرون دون أن تجدها، وبالتالي كلما وضعت البشريّة مبدأ ما دارت النقاشات حوله وبالتالي ما يحتاجه القادة هو ليس سلسلة قواعد ومبادئ واضحة ومتّفق عليها تقود إلى تصرّفات واضحة مسبقًا، بل إن القيادات بحاجة إلى خلق منظومات عمل واضحة لتحليل الأوضاع ودراستها بشكل واعٍ يقود إلى قرارات وطرق تنفيذ جيدة، فإذا كان تحليل الحالات والأوضاع صحيحًا ستكون الطريقة الصحيحة لمعالجة القضايا والمشاكل معروفة، ما يعني أن قياديًّا ما يمكن أن يكون ملائمًا لدولة ما في حالة ما لكنه نفسه سيصبح غير ملائم لنفس الدولة في حالات أخرى، وأفضل مثال على ذلك هو وينستون تشرتشل الذي كان القائد الأمثل لبريطانيا في فترة الحرب العالميّة الثانية، وكان مصدر وحي وتشجيع، لكنه لم يكن الشخص، أو القائد المناسب في المرحلة التي أعقبت الحرب وهي مرحلة إعادة الإعمار.

" تحمل المسؤولية "
ختامًا أقول إن وصول البعض إلى موقع القيادة لا يعني أنهم قدر تحمل المسؤولية فبعضهم يصل إلى سدّة الحكم، دون أن يملك قدرات قياديّة، بل بسبب طموح شخصيّ وبالتالي فهو قائد يعمل على محاولة إقناع الغير بتنفيذ أمور لم يكن هو ليقبل تنفيذها، فترامب مثلا، يريد من إسرائيل تسليمه غزة، ومن الدول العربيّة استيعاب الغزيين، وليس أمريكا في كلتا الحالتين، أو يصل القيادة بفضل حدس سياسيّ متطور ، ما يؤكّد أهميّة دور المواطن في اختيار القائد والقبول بقيادته واستبداله، وهو أمر بغيابه تصبح القيادة حالة من النرجسيّة والوحدانيّة، وهذا يقودني إلى مؤلف الباحثين روب غوفي وغاريث جونز (Rob Goffee, Gareth Jones)، بعنوان:" لماذا على شخص ما أن يقبل قيادتك؟"، الذي يؤكّد أن القيادة تكون مرهونة بالظروف الحاليّة، وأنها تتعلّق بالنتائج أيضًا، وليست هرميّة بمعنى أن الوصول إلى رأس السلطة يمنح الشخص صلاحيّات ومهامّ، لكنّه لا يضمن تنفيذها من قبله بنجاح وإتقان، بل إن القيادة تتعلّق بالنتائج والقيادة العظيمة هي تلك التي يمكنها تحريك المواطنين في بلادها لتحقيق إنجازات وخلق أوضاع أفضل وتلك التي تصنع لمواطنيها وعبر تعاون مشترك معهم، إنجازات أكبر ليس من حيث الأداء فقط، بل من حيث أهميّة ومعنى هذه الإنجازات وتأثيرها على حياة الناس. وهنا تبدو النتيجة واضحة، فمعظم القيادات العالميّة والإقليميّة والمحليّة، ذات الصلة بكلّ ما يحدث وحدث في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر وقبله وبعده، أثبتت فشلها وعجزها. أما من يدفع الثمن فهو المواطن الذي عليه أن يسأل نفسه كما جاء في الكتاب سابق الذكر:" لماذا عليَّ أن أقبل بقيادات كهذه"؟؟؟ .. وهو سؤال له ما يبرّره، بل حان وقته، وعليه نسأل أيضًا هل ما يجري حاليًّا من تصريحات القادة في أمريكا والشرق الأوسط وإسرائيل هي انزلاق اللسان حيث لا يمكن استرداد الكلمات، أم أن العمى والظلام في نفوس القادة لا تأخذ بالاعتبار قيمة الإنسان ؟؟؟ أو كما قال جبران خليل جبران " جميعنا نملك نفس العين ولكن لا نملك نفس النظرة للأشياء".

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك