بلدان
فئات

23.02.2025

°
15:16
جبل الشيخ يرتدي حُلته البيضاء.. والعاصفة القطبية تجلب المزيد من الثلوج
13:49
الشرطة : ضبط 16 مركبة لمدينين متهربين من دفع الضرائب في قريتي دبورية وإكسال
13:20
حماس: ادعاء إسرائيل بشأن مراسم تسليم الرهائن حجة للتهرب من التزاماتها
13:10
عشرات الآلاف يشيعون حسن نصر الله الأمين العام الراحل لحزب الله
12:44
عضو كنيست من المعارضة خلال جلسة في الكنيست: ‘تم نفي نجل نتنياهو إلى الخارج لأنه ضرب والده‘ - الليكود : ‘كذبة دنيئة‘
11:20
اصابة شاب بجراح متوسطة بحادث عنف في رهط
10:58
الحزن يخيم على طمرة : الأهالي، الطاقم التدريسي وزملاء القتيل يتوافدون لتقديم العزاء - مدير المدرسة : ‘هذه خسارة فادحة لنا جميعًا‘
10:29
الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته العسكرية شمال الضفة الغربية
10:11
معطيات مقلقة حول الأمراض الوراثية في المجتمع العربي: معدل وفيات الرضع في العام 2023 بلغ 5.2 لكل 1،000 مولود مقارنة بـ 1.9 بعموم السكان
09:23
حماس تنشر فيديو يُظهِر مختطفيْن يشاهدان عملية تسليم مختطفين في غزة السبت
09:05
الذهب يهبط بفعل جني للأرباح لكنه يتجه لتسجيل مكاسب للأسبوع الثامن
08:59
مكابي أبناء الرينة يهزم فريق القمة مكابي تل ابيب بهدف وحيد
07:49
بيروت تستعد لتشييع جثمان حسن نصر الله بمشاركة مئات الالاف
07:14
الفاتيكان: البابا فرنسيس في حالة حرجة بعد تدهور صحته
06:58
حالة الطقس : ثلوج خفيفة في الجبال وأمطار متفرقة من الشمال إلى النقب
06:49
إضراب شامل في طمرة اليوم ‘حدادًا على روح الطالب جواد عامر ياسين ورفضًا لتقاعس الشرطة‘
06:31
مكتب نتنياهو: تأجيل الإفراج عن 620 أسيرا فلسطينيا حتى يتم ضمان الإفراج عن المختطفين الاسرائيليين التاليين دون مراسم مهينة
23:47
وزارة: القوات الروسية تصد 3 هجمات مضادة أوكرانية في كورسك
23:47
وقف المساعدات الأمريكية يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن ويزيد البطالة
23:18
حماس: ‘عدم التزام الاحتلال بالإفراج عن الأسرى خرق فاضح‘
أسعار العملات
دينار اردني 5.03
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.51
فرنك سويسري 3.97
كيتر سويدي 0.33
يورو 3.73
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.32
كيتر دنماركي 0.5
دولار كندي 2.51
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.37
دولار امريكي 3.57
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-02-23
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.6
دينار أردني / شيكل 5.09
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.76
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.91
اخر تحديث 2025-02-23
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

جنون العظمة لدى الحكّام هي الكارثة

بقلم: المحامي زكي كمال
31-01-2025 06:31:03 اخر تحديث: 31-01-2025 08:48:00

وإن كانت أقوال الرئيس الأمريكيّ الجديد دونالد ترامب والتي تباهى عبرها، بدوره في التوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حتى قبل بدء ولايته الدستوريّة وخاصّة قوله إن "اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة كان يجب تنفيذه قبل أشهر،

المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

ولو تمّ ذلك، لكنّا أنقذنا المزيد من أرواح الأسرى الإسرائيليّين، لكن بايدن لم يضغط لتحقيق ذلك. لو لم أصبح رئيسًا لما عاد الرهائن من غزة"، وإعلان الخارجيّة الأمريكيّة من مساء يوم الإثنين الأخير السادس والعشرين من يناير2025، حول تمديد موعد انتهاء انسحاب القوات الإسرائيليّة من جنوب لبنان، والتلميح إلى أن إدارة ترامب قادرة كما يبدو على كلّ شيء في الشرق الأوسط، قد جاءت أوّلًا يقينًا، للاستهلاك الداخليّ، وربما دون حقّ في أن ينسبها إلى نفسه، خاصّة الاتّفاق في لبنان الذي تمّ التوصل إليه منذ أكثر من شهرين، وكذلك جوانب اتفاق غزة خاصّة وأنه اتّضح أنه نفس الاتفاق الذي رفضه رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، منذ أيار 2024، إلا أن التصريح وعلى ضوء كلّ ما سبق والوتيرة السريعة التي تمّ خلالها التوصل إلى الاتّفاق في غزة، تثير أسئلة كثيرة كانت في حالات أخرى ربما ستكون من باب النبش في الماضي، أو البكاء على الأطلال والنفخ في الرماد، ملخّصها، لماذا لا؟ ماذا لو؟ وهل هذه النهاية أو المسيرة المحتومة؟ ونصّها الكامل: لماذا لم يتمّ التوصّل إلى هذا الاتفاق قبل أشهر، ليوفّر ذلك على الطرفين الفلسطينيّ في غزة آلاف الضحايا وتدمير البنى التحتيّة والمنازل ومواجهة البرد والجوع والعطش، والجانب الإسرائيليّ القتلى من الجنود ومعاناة الرهائن والمحتجزين في غزة، وموت بعضهم من اليهود والعرب على حدّ سواء، وهو الأمر في لبنان وتحديدًا لماذا لم يتم التوصّل إلى مثل هذا الاتفاق قبل تشرين الثاني2024؟ وكلّها أسئلة توصل شئنا أو أبينا إلى السؤال الذي لا بدّ منه، حول تقديس الحكّام في هذه المنطقة، العام الأخير خاصّة وفي السنوات الأخيرة عامّة في لبنان وغزة، ، مبدأ الحسم العسكريّ، أو التعنّت حول اعتبار النصر العسكريّ التامّ، أو بكلمات أخرى استسلام الطرف الآخر ورفع رايته البيضاء والتنازل عن كافّة الثوابت مهما كان الاختلاف حولها، النهاية الوحيدة للحرب أو النزاع ، بمعنى النصر المطلق وإخضاع العدو عسكريًّا وسياسيًّا، وهو للأسف الشعار الذي ردّده، وإن اختلفت العبارات والمصطلحات، قادة كافّة الأطراف المشاركة في المواجهة الأخيرة في دائرتيها، القريبة ومنها إسرائيل ولبنان وحزب الله و"حماس" والبعيدة، وتحديدًا إيران والحوثيّين، وعلى نطاق أوسع لماذا ما زال الاعتقاد السائد يقول إن حلّ النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ لن يأتي إلا إذا تفوّق، أو انتصر طرف من طرفيه على الآخر، وأخضعه نهائيًّا ليقبل شروطه كاملة، ويتنازل عن كافّة حقوقه وطموحاته.

" تسوية بين الطرفين "
الأسئلة كثيرة ومتعدّدة حول سبب عدم التوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان في وقت أبكر، وعقد اتفاق، أو صفقة لتبادل الرهائن الإسرائيليّين في غزة بالسجناء الفلسطينيّين، رغم أنه كان من الواضح أن ذلك ممكنا إذا توفّرت النوايا، وبكلمات أخرى إذا توفّر القرار السياسيّ. وهي أسئلة ستبدو أيّ إجابة سريعة عليها، خطوة غير صحيحة، أو على الأقلّ محاولة لعرض الواقع بعكس ما هو، واعتبار ما حدث في العام الأخير، أو منذ السابع من أكتوبر 2023، حالة خاصّة أو منفصلة بكلّ ما رافقها من تعنّت متبادل وسعيّ ، ولو تصريحيّ على الأقلّ، إلى إقناع كلّ طرف لمؤيّديه ومواطنيه، أنه سيحقّق النصر، أو أنه حقّقه وترسيخ رواية تدعم ذلك، لكن الأصحّ هو أن فهم ما حدث في الحرب الأخيرة في غزة ، غير ممكن، أو أنه يبقى منقوصًا ومشوَّهًا إذا لم يستند إلى مراجعة واعية وصحيحة لظروف وملابسات النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، وأسباب عدم حلّه حتى اليوم، رغم أنه ليس النزاع الوحيد الذي شغل العالم في القرن الأخير، وظهر لأول وهلة وكأنه لا مجال لحلّه، أو غير قابل للحلّ، فقد سبقته نزاعات دامية وطويلة بين شعوب عديدة في العالم، منها النزاع في القرن التاسع عشر في سويسرا اليوم ، بين البروتستانت من أصل ألمانيّ والكاثوليك من أصل فرنسيّ، أو الباسك والكستيلينيين في إسبانيا في القرن العشرين، أو الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا الشماليّة، وكلها نزاعات دارت حول الاستقلال الوطنيّ وأبعاده السياسيّة والجغرافيّة وحتى الدينيّة، وكانت تبدو لدمويّتها وقسوتها غير قابلة للحلّ، لكنّها انتهت إلى تسويات وحلول مقبولة على الأطراف جميعها، وهذا ما كان يجب أن يكون في النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، والذي تعذّر حلّه حتى اليوم لأسباب عديدة ومتعدّدة، داخليّة وخارجيّة، كانت مدار بحث بين السياسيّين والباحثين والدارسين، بينهم والت ستيف، أستاذ السياسة الخارجيّة بجامعة هارفارد الأمريكيّة الذي بحث أسباب فشل الجهود المختلفة لإنهاء هذا الصراع، بينما وجدت باقي الصراعات التي شهدها القرن العشرين وقبله حلّها، وصولًا إلى ربط أطرافها بعد الحروب علاقات طبيعيّة سياسيّة واقتصاديّة وعلميّة وغيرها، كما حدث في الصراعات بين أمريكا وألمانيا واليابان، أو دول أوروبا وألمانيا في الحربين العالميتين، وأمريكا وفيتنام، والصراعات الداخليّة في ايرلندا وجنوب أفريقيا وغيرها، ليصل في ختام أبحاثه إلى خمسة أسباب اعتبرها الأهمّ والأبرز والتي تسبّبت في استمرار الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، أوّلها وجود أهداف غير قابلة للتسوية، أو التجزئة كما يقول، ويقصد هنا رغبة الفلسطينّيين والإسرائيليّين العيش في قطعة الأرض نفسها والسيطرة عليها، وهي رغبة كانت متبادلة في بداية الصراع، لكنّها تغيّرت جزئيًّا بعد اتفاقيّات أوسلو رغم أنها بقيت رغبة الجهات والحركات الدينيّة المتزمّتة في الطرفين حتى اليوم، والتي يعتقد كلّ منها أن هذه الأرض ملك شرعيّ ووقفيّ ودينيّ له فقط دون غيره، وثانيها الجوانب الأمنيّة وهي نتيجة مباشرة للعامل الأول وأقصد هنا المساحة الجغرافيّة الضيّقة التي يتم التنازع حولها وإيمان مطلق أو كبير لدى الطرفين، وخاصّة في الجانب الإسرائيليّ، أنه من الصعب وجود وضمان أمن دولة إسرائيل التي تشكّل وطنًا قوميًّا لليهود تعيش إلى جانب كيان فلسطينيّ يقاربها من حيث التعداد السكانيّ، خاصّة إذا ما أضفنا إليه وجود أقليّة عربيّة كبيرة داخل إسرائيل تقارب 25% من مواطنيها وثالثها ازدياد نفوذ وقوة وسطوة أحزاب اليمين الاستيطانيّ الخلاصيّة المسيحانيّة التي تؤمن بحقّ الشعب اليهوديّ في إقامة دولته التوراتيّة، والتي تمتدّ وفق خرائط يرسمها اليمين، وكان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قد ألقى كلمة في مؤتمر للجالية اليهوديّة في باريس خلف خريطة كهذه تظهر فيها أجزاء من الأردن كجزء من إسرائيل، وهو نهج تعزز اسرائيليًّا بعد السابع من أكتوبر، عبر تطلعات استيطانيّة تصل قطاع غزة ولبنان والأردن، يكون العرب فيه رعايا عليهم إبداء الولاء التامّ والطاعة الكاملة، مهما كلّف ذلك من ثمن، وحتى لو كان ذلك جعل إسرائيل دولة ثنائيّة القوميّة وهي معضلة تطرّق إليها الوزير سموتريتش في برنامجه من العام 2017 كما أنه نهج تتبعه حركة" حماس" التي تعتبر فلسطين كلّها وقفا إسلاميا خالصا، كما ينصّ ميثاق الحركة الذي يعتبر اليهود بعد قيام دولة الشريعة الإسلاميّة على أرض فلسطين رعايا من الدرجة الثانية، ورابعها صعوبة قيام كيان فلسطينيّ مستقلّ قابل للحياة حتى وفق مبدأ حلّ الدولتين، خاصّة وأن إسرائيل تطالب بكونه كيانًا منزوع السلاح، تمتلك إسرائيل السيطرة الأمنيّة التامّة على حدوده ومجاله الجويّ لضمان عدم قدرة هذا الكيان الفلسطينيّ على تهديدها بشكل خطير، مع الإشارة إلى أن ما حدث في السابع من أكتوبر، وما ارتكبته حركة "حماس" وما حلّ بالفلسطينيّين من قبل إسرائيل، سيجعل من الصعب تحقيق حلّ الدولتين في المستقبل المنظور وربما إلى الأبد، أما السبب الخامس فهو التدخّلات الأجنبيّة والخارجيّة والتي أذكت الصراع بين الجانبين وأدت إلى إطالة عمره، وهي تدخّلات من أطراف كثيرة منها أمريكا، والاتحاد السوفياتيّ، والدول العربيّة التي كانت صاحبة القرار في رفض قرار الأمم المتحدة رقم 181 أي قرار التقسيم من العام 1947، مع دور خاصّ لإيران منذ ثورة الخميني عام 1979، وتحديدًا في العقدين الأخيرين من خلال دعم طهران لحركة" الجهاد الإسلاميّ" أولًا ثم حركة "حماس" ثانيًا، واستضافة قادتها وتقديم المال والعتاد العسكريّ لها، ناهيك عن دورها في تسليح "حزب الله" وتمكينه من السيطرة على مقدرات الدولة اللبنانيّة، وكلها تأثيرات وتدخّلات خارجيّة أرادت منها الجهات التي تدخّلت جني أرباح استراتيجيّة وماليّة وسياسيّة، أي لغاية في نفس يعقوب، وليس من باب حسن النوايا والأهداف المبدئيّة والأيديولوجيّة الخالصة فقط.

ما سبق ليس استعراضا عرضيّا للتاريخ، بل إنه الإشارة أو التأكيد على أن كافّة محاولات التفاوض والتوصّل إلى تسوية بين الطرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، تجاهلت العوامل السابقة، أو أبقتها إلى نهاية المطاف، أو ما اتفق على تسميته المرحلة النهائيّة، وهو خطأ كان أحد أسباب انهيار اتفاقيّات أوسلو، عبر إفهام الجهات والعناصر المتطرّفة والمتزمّتة في الطرفين، وتحديدًا "حماس" واليمين الإسرائيليّ أن استخدام القوة والعنف يمكنه تأجيل التنفيذ، أو إلغائه، أو ربما درء الخطر الداهم المستقبليّ، رغم وجود دول راعية تعهّدت بضمان التنفيذ ، وكأنها تنسى أو تتناسى أن عجلة التاريخ تدور بسرعة وأن العالم يتغيّر، وهو ما كان، حيث كانت روسيا وأمريكا الراعيين لاتفاقيات أوسلو، لتبقى الولايات المتحدة وحدها في هذا المضمار كدولة عظمى وحيدة، جاءت مصالحها مغايرة على ضوء علاقتها المميزة مع إسرائيل، كما أنه الدليل على أنه رغم كافّة الاتفاقيّات السياسيّة بين الطرفين، أوسلو والخليل وغيرها، لم تتوفّر لدى الطرفين الشجاعة القياديّة، أو شجاعة القادة، ليقفوا أمام الشعبين معلنين على نهج الراحل أنور السادات أن الحرب قد انتهت، بل إن القيادات في الجانبين أرادت إنجازًا مؤقّتًا يمكنها تسويقه على أنه "مرحلة اختبار" يتم خلالها اختبار نوايا الطرفين، وبكلمات أخرى اختبار نوايا المعارضين، كما لم تتوفر في العالم قيادات يمكنها إلزام الطرفين بالتوجّه إلى اتفاق من أي نوع كان، وفق شروط كانت مرفوضة من قبلهما قبل أشهر وتم تسويقها وتسويغها وشرعنتها على أنها المبرّر لرفض الاتفاق والتحذير منه ، لتصبح اليوم مبرّرًا شرعيًّا يتم التباهي به لقبول الاتفاق، وعرضه أمام الأنصار على أنه انتصار، في إشارة إلى أن الأسباب الخمسة السابقة ما زالت ماثلة حتى اليوم بما فيها التدخّل الأجنبيّ والخارجيّ، السلبيّ، دون أيّ تدخّل يلزم الطرفين، وهنا نذكر بما فعله وزير الخارجية الأمريكيّ الأسبق جيمس بيكر عندما رفض إسحق شمير رئيس الحكومة الإسرائيليّ عام 1991، قبيل مؤتمر مدريد، المشاركة فيه وقصاصة الورقة التي كتب عليه بيكر:" عندما تقرّرون المشاركة اتّصلوا بي"، وهو ما يحدث اليوم فالتدخلات الأجنبيّة والخارجيّة، تأتي بنتائج عكسيّة على صعيد العلاقات بين الطرفين ، لأنها تقود إلى التعنّت وإلى اتّخاذ مواقف تخدم الأجنبيّ ومصالحه فقط.

"حالة متشابهة"
داخليًّا يمكن الجزم أن أطراف النزاع تعيش حالة متشابهة للغاية من حيث الانقسامات الداخليّة الشديدة، بل والخطيرة التي تحول دون اتّخاذ قياداتها قرارات صعبة وشجاعة، نحو حلّ الصراع، خشية من المعارضة الداخليّة، ورغبة في ضمان البقاء في موقع السلطة والتأثير، فإسرائيل وكما اتّضح نهائيًّا هذا الأسبوع وبشكل نهائيّ، لن تعود ولم تعد كما كانت، وربما الأصحّ أن نقول إنها لن تعود إلى رشدها، ولن تستنتج العبر الصحيحة من السابع من أكتوبر والتي تقضي بضرورة تصفية الخلافات الداخليّة الضيّقة والسياسيّة، والعودة إلى الوحدة والمصير الواحد وتفضيل المصلحة العامّة على تلك الضيّقة، ولعلّ إعلان وزير القضاء ياريف ليفين عدم اعترافه بتعيين القاضي إسحق عميت رئيسًا لمحكمة العدل العليا وإصراره على مواصلة الانقلاب الدستوريّ الذي أعلنه عشرة أشهر قبل السابع من أكتوبر، ونتج عنه احتجاجات جماهيريّة متواصلة ومكثّفة، وما رشح من معلومات عن خطوات نفّذها مقرّبو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وربما نتنياهو نفسه، تحول دون تشكيل لجنة تحقيق رسميّة ودون تحمّل مسؤوليّة إخفاقات السابع من أكتوبر، خشية دمغه وإلزامه بالتنحّي عن منصبه وإنهاء عهد حكومات اليمين التي أرادت استمرار الحرب لتنفيذ طموحاتها بتوسيع الاستيطان، ومنع أي إمكانيّات لحلّ الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، يؤكّد أن الانقسامات الداخليّة الإسرائيليّة والتي كانت السبب في عدم التوصل إلى اتفاق ينهي النزاع بين إسرائيل والفلسطينّيين ما زالت نفسها التي أعاقت التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقبلها الخوف من اتّخاذ خطوات تقود نحو إنهاء الصراع خاصة وأنه اتّضح أن النصر المطلق الذي تريده إسرائيل وفق تصريحات حكومتها اليمينيّة، لن يتحقّق على ضوء ميزان القوى المحليّ والإقليميّ والعالميّ. وهي انقسامات تغذّيها تدخّلات خارجيّة لجماعات ومموّلين يهود يريدون إسرائيل دولة شريعة تسيطر فيها النزعات اليمينيّة ويكون الجهاز القضائيّ فيها خاضعًا للسياسيّين كما في أمريكا، ويكون جهاز التعليم يمينيًّا يكرّس مواقف مؤيّدة للاستيطان وسنّ القوانين ضدّ الأقليّات بشكل عامّ، وضد العرب بشكل خاصّ، وفي مقدّمتها معهد "كوهيليت" الذي يتمّ تمويله خارجيًّا بعشرات ملايين الدولارات سنويًّا. أما فلسطينيًّا فالتدخّلات الخارجيّة تكرَّس الانقسام الفلسطينيّ وتمنع أيّ احتمال للمصالحة كما أثبتت سنوات طويلة من مفاوضات المصالحة، سواء وصلت من حركة " الإخوان المسلمين" ومؤيّديها في قطر ومصر، أو غيرها، أو من إيران مؤخّرًا ، وتضطر الحركات الفلسطينيّة إلى اتّخاذ مواقف تخدم شاءت أو أبت، الداعمين والمموّلين الخارجيّين، وليس بالضرورة خطوات تقود إلى إنهاء الصراع خاصّة وأنه اتضح أن النصر المطلق الذي تريده "حماس" وفق ميثاقها لن يتحقّق على ضوء ميزان القوى المحليّ والإقليميّ والعالميّ، مواقف ومصالح الفلسطينيّين وتمنع القيادات الفلسطينيّة على مختلف انتماءاتها من اتّخاذ قرارات سياسيّة قد تتناقض وما يريده الداعمون، وهذا ما كان في السابع من أكتوبر خاصّة وأنه اتّضح معرفة طهران بها، ومعرفة "حزب الله" بها أيضًا، وبالتالي تنفيذها دون الأخذ بعين الاعتبار الردود والنتائج الإسرائيليّة والعالميّة والإقليميّة. وهو الحال في لبنان، الذي يعيش انقسامات طائفيّة تلقي بظلالها على السياسات الداخليّة والخارجيّة، وتحول دون اتخاذ قرارات تنهي الخلافات مع إسرائيل، لأن ذلك منوط بمواجهة "حزب الله" وإلغاء سلاحه، ما معناه الوقوف في وجه التدخّلات الإيرانيّة الخارجيّة ورفضها. وهو أمر غير ممكن على ضوء ميزان القوى اللبنانيّ الداخليّ - رغم أنه تغيّر مؤخّرًا بعد سقوط نظام بشار الأسد- الذي يشكّل "حزب الله" فيه بيضة القبان، خاصّة عبر سلاحه الذي لا ينضوي تحت إطار الجيش اللبنانيّ والسلاح الواحد، وبالتالي فالصورة لا تحمل حاليًّا على الأقل أية بشائر نحو الحلّ على ضوء الانقسامات الداخليّة للفئات والأطراف المتنازعة، والتي تكرِّس المصلحة الضيّقة والفئويّة والآنيّة على حساب المصلحة العامّة والنظرة بعيدة المدى ، وتخدم تطلعات البقاء السياسيّ بدلًا من النظر إلى ما تحتاجه البلاد كلها.

ما سبق هو السبب في إطالة الحرب الحاليّة في غزة ولبنان قبلها ومواصلة السياسيّين في إسرائيل على الأقلّ تبرير ضرورة مواصلتها حتى تحقيق النصر المطلق الذي يقينًا لن يتحقّق حتى في عرف وزير الأمن القوميّ المستقيل إيتمار بن غفير، كما يقول أستاذ العلوم السياسيّة بجامعة غلاسكو في اسكتلندا سيان أودريسكول :"أصبحت أؤمن بأن فكرة النصر في الحرب الحديثة ليست أكثر من أسطورة. لقد حان الوقت للتفكير مرة أخرى وبشكل أعمق ممّا فعلنا من قبل حول معنى النصر في حروب اليوم"، وهو السبب لإطالتها فلسطينيًّا في محاولة من "حماس" للحصول على صورة انتصار ، بعد أن اتّضح أن هجمات السابع من أكتوبر سمحت لإسرائيل بالحصول على تفويض دوليّ لنشاطاتها العسكريّة رغم الشكاوى إلى محكمة العدل الدوليّة ومحكمة الجنايات الدوليّة وأوامر الاعتقال ضد بنيامين نتنياهو ووزير أمنه المُقال يوآف غالانت، والنقاش حول كونها أعمالًا ترقى إلى مستوى جرائم الحرب أو الإبادة الجماعيّة، خلافًا لما كان في حروب سابقة أوقعت أعدادًا أكبر من الضحايا، منها مثلًا الحرب الأهليّة في سوريا والتي أوقعت نحو نصف مليون قتيل، دون اعتبارها جرائم حرب، أو إبادة أو غير ذلك، مع الإشارة إلى أن الحروب في منطقة الشرق الأوسط على مدى القرنين الماضيين، استمرت عدّة أشهر، ربما لإيمان القادة والشعوب والدول الخارجيّة أن الحرب هي أسوأ طريقة لتسوية الخلافات السياسيّة، والثقة بأن تكاليف القتال الباهظة ستجعل المتحاربين يبحثون عن تسوية، خاصّة إذا كانت الحرب قد نشبت لمبادرة طرف ما إلى عمل عسكريّ يعتبره وقائيًّا، وهو ما يعرفه ويسمّيه الباحثون على اسم المؤرخ الأثيني "ثوسيديديس" أي "الحرب الوقائيّة، بهدف حسم ميزان القوة الحاليّ قبل فقدان القدرة على التحكّم فيه، ومن ذلك جهود ألمانيا لمنع صعود روسيا عام 1914، وفي ظلّ هذه الظروف يمكن أن تنهار صفقات التسوية .

رغم ما سبق، يمكن القول إن الصفقة الحاليّة ووقف إطلاق النار في غزة ومنع انهيار وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، لم يكونا نتيجة قرار محليّ من الأطراف المتنازعة، بل نتيجة مباشرة لأولويّات الرئيس الأمريكيّ الجديد ، ومن هنا يجب التركيز على أولويّات الرئيس ترامب، فإذا كان ترامب فعلًا يعتبر المنافسة المتزايدة مع الصين، التي تتحوّل، أو تحوّلت إلى قوّة عظمى سياسيّة واقتصاديّة وعسكريّة همّه الأوّل، فمعنى ذلك أنه سوف يسعى إلى تعزيز تحالفاته الأوروبيّة والشرق أوسطيّة لتتلاءم مع ذلك، ربما عبر اتفاقيّات اقتصاديّة واتفاقيّات دفاع مشتركة مع العربيّة السعوديّة، دون أن يصل ذلك حدّ التطبيع مع إسرائيل، أو التنازل عن مطلب قيام كيان فلسطينيّ، والاتفاق على إعادة إعمار غزة، وربما لن يروق ذلك لإسرائيل ، وإذا كان سيعمل على تحقيق ذلك عبر تخفيف حدّة التوتّر مع إيران، كما جاء في تصريحات مستشاريه حول كونهم" لا يعتقدون أن مهاجمة المنشآت النوويّة الإيرانيّة الخطوة الصحيحة، وتأكيدهم أنهم لن يشاركوا فيها مباشرة بل ربما يقدّمون الدعم فقط، فربما سيعمل ترامب على التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران يعتبره أفضل من اتفاق عام 2015، الذي انسحبت منه أمريكا عام 2019 ، ليدخل في صراع صعب مع حليفه الرئيسيّ إسرائيل. ويبقى السؤال الأهمّ: هل أولويّات ترامب هذه واضحة وصلبة المعالم حتى يمكن التنبّؤ بتأثيراتها، أم أنها أولويّات تلائم الدقيقة التي أعلنت فيها، وليس أكثر.. وباختصار فإن القادم من أحداث في العالم عامّة والشرق الأوسط خاصّة سيكون ترامبيًّا من حيث التخطيط والمصلحة والمنطلقات وربما التنفيذ.. وقريبًا سيتضح ما إذا كان في ذلك الخير أو العكس؟؟ ولكن يبقى السؤال لماذا قادة الشعوب تبحث عن العظمة، وعندما تحصل عليها تصبح الجنون بحدّ ذاته .

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il

panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك