د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : تصريحات ابو مرزوق اقل تكتيكية واكثر استراتيجية !
تصريحات نائب رئيس حركة حماس في الخارج موسى أبو مرزوق تجاه الموقف من حل الدولتين ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن أشارت وثيقة حماس لعام 2017، إلى قبولها لحل الدولتين كخطوة مرحلية،
د. سهيل دياب - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
لكن الجديد في الأمر هو التوقيت والسياق الذي جاءت فيه هذه التصريحات، ويمكن القول "ان تصريح ابو مرزوق اقل تكتيكي، واكثر استراتيجي".
التوقيت الحالي لهذه التصريحات يحمل دلالات سياسية مهمة، فقيادة حماس وصلت إلى استنتاج مفاده بأنه من غير الممكن التوفيق بين إدارة قطاع غزة بعد الحرب الحالية وبين إنهاء حالة الحرب بشكل نهائي، ولذلك، لجأت حماس إلى إرسال رسائل إلى ثلاثة أطراف رئيسية: المجتمع الدولي، الحاضنة الشعبية للمقاومة، والمجتمع الإسرائيلي.
بالنسبة للمجتمع الدولي، تريد حماس أن توضح أنها ليست متشبثة بإدارة قطاع غزة بمفردها في مرحلة ما بعد الحرب. إلى أن هذه الرسالة تأتي كتأكيد على تفاهمات القاهرة بين فتح وحماس، والتي تتضمن محاولة إقامة لجنة إسناد لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهذا يعني أن حماس على استعداد لأن تكون السلطة الفلسطينية الوجه الشرعي لإعادة إعمار القطاع، مع وجود لجنة إسناد تدير العملية.
أما الرسالة الثانية الموجهة إلى الحاضنة الشعبية للمقاومة، خاصة في قطاع غزة، فأن حماس تريد أن توضح أنها إذا ذهبت إلى حلول سياسية متعلقة بحل الدولتين، فإن هذا التوجه لن يكون مرحلياً فقط، بل قد يصبح نهائياً. هذا التوجه يعكس تغيراً في صورة حماس بعد المواجهات الأخيرة التي استمرت 15 شهراً، حيث تسعى الحركة إلى تأكيد وزنها كحزب سياسي وليس فقط كمقاومة مسلحة.
أما الرسالة الثالثة الموجهة إلى المجتمع الإسرائيلي، تريد حماس أن توضح أن إسرائيل قد أدركت أن حماس لا يمكن إنهاؤها بشكل نهائي. فقد وقعت أسرائيل على صفقة تبادل أسرى مؤخراً، مما يعكس اعترافاً ضمنياً بقوة حماس، ولذلك، تريد حماس أن تقول لإسرائيل أنه ليس هناك ضرورة لمواصلة الحرب عليها، خاصة إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى حل سياسي. هذه التصريحات تأتي في سياق إقليمي ودولي متغير، فمع قدوم إدارة ترامب في الولايات المتحدة، والتغيرات في المنطقة، وصلت حماس إلى استنتاج بأن حل الدولتين قد يكون الحل الأكثر واقعية في الوقت الحالي.
من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو لن تقبل بحل الدولتين بسهولة، وأكثر ما يقلق الحكومة الإسرائيلية هو أن حل الدولتين قد يكون المدخل الأساسي لانهيار الحلم الصهيوني، ولذلك، فإن إسرائيل تفضل طرح حل الدولة الواحدة أو أي توجه متطرف آخر، لأن ذلك يساعدها في مواصلة العدوان والحفاظ على الوضع الراهن.
أما بالنسبة للجانب الأمريكي، فأن الولايات المتحدة قد تكون على استعداد للوصول إلى حل وسط يتضمن إقامة كيان فلسطيني في غزة وأجزاء من الضفة الغربية، مع قيادة سياسية لا تعادي الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه إذا توفرت هذه الشروط، فإن الولايات المتحدة قد تذهب إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
علينا الاشارة الى أن المحور السعودي المصري قد يلعب دوراً مهماً في الضغط على الولايات المتحدة لإيجاد حل للقضية الفلسطينية. إذ تحظى المملكة السعودية بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بأسعار النفط والمعابر البحرية، ولذلك، فإن الضغط السعودي المصري قد يكون مؤثراً في دفع الولايات المتحدة نحو حل الدولتين.هذه التصريحات لحماس تعكس تحولاً في استراتيجية الحركة، حيث أصبح حل الدولتين أقرب إلى الاستراتيجية وليس مجرد تكتيك، مشيراً إلى أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا التوجه سيؤدي إلى مسار دبلوماسي يسعى الى حل دائم للقضية الفلسطينية.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il
من هنا وهناك
-
شكر وامتنان لأستاذي غزال أبو ريا - بقلم : صالح ابوريا مفتش التربية اللامنهجية
-
مقال: هل نقترب من سيناريو زلينسكي في البيت الابيض، مع نتنياهو هذه المرة ؟ بقلم : د. سهيل دياب-الناصرة
-
المحامي وجدي حاج يحيى يكتب : صدام الدولة العميقة
-
مقال: ‘عظم الله اجركم في مجتمع يقتل كل يوم‘ - بقلم : شعاع حجيرات
-
مقال: اسرائيل في حالة هستيريا وازدحام الملفات الضاغطة على نتنياهو - بقلم : د. سهيل دياب
-
المحامي زكي كمال يكتب : في الشرق لا جديد يُذْكَر - بل قديمٌ يتكرّر
-
أسعد عبد الله يكتب : كيف يمكن لكيان سياسي الفوز بالانتخابات؟
-
مقال: إقالة بولر لم تكن بسبب دوره في المباحثات مع حماس بل لتصريحاته حول أنه لا يعمل لدى إسرائيل أو حكومتها
-
مقال: عام على منتدى الناصرة الثقافي - بقلم : مفلح طبعوني
-
مقال: الرّجوع إلى الحقّ - بقلم : الشيخ عبد الله عياش - عضو حركة الدعوة والإصلاح
أرسل خبرا