بلدان
فئات

30.03.2025

23:35
ماكرون: الضربات على بيروت تنتهك وقف إطلاق النار
23:28
شاب بحالة متوسطة اثر حادث طرق في عرعرة النقب
23:23
النائب منصور عباس يؤدي تكبيرات العيد احتفالا بحلول عيد الفطر السعيد
23:13
إليكم الحلقة الثلاثين من برنامج ‘ من وحي رمضان ‘ – تابعوا
09:22
حوّلت غرفة الغسيل إلى مرسم .. سلسبيل سليم من عرابة تروي حكاية عشق كلها ألوان
08:29
فيديو متداول: نعامة هاربة ‘تسابق‘ السيارات على طريق سريع في السعودية
08:14
الشرع يعلن تشكيل حكومة جديدة في سوريا
07:48
الرئيس أبو مازن يوجه كلمة للشعب الفلسطيني لمناسبة حلول عيد الفطر المبارك
07:43
حماس تعلن الموافقة على مقترح بشأن غزة والجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته في رفح
07:20
‘اليوم لعب - بكرة حقيقة‘.. حملة توعوية في طمرة للحد من المفرقعات والمسدسات البلاستيكية
07:18
حورة تستقبل العيد باحتفال مميز
07:12
العنف لا يتوقف : مُصابان فجر أول أيام العيد في الطيبة
07:07
احتجاجات حاشدة في إسطنبول على سجن رئيس البلدية
06:57
السعودية والإمارات وقطر ولبنان تستقبل أول ايام عيد الفطر
06:49
حالة الطقس أول أيام العيد
06:36
بوتن يهنئ مسلمي روسيا بعيد الفطر المبارك
06:21
أكثر من 4 ملايين مصل ومعتمر بالمسجد الحرام ليلة 29 رمضان
23:54
وزير الصحة الفلسطيني يطلع المبعوث الألماني على ‘الواقع الصحي والإنساني المأساوي في فلسطين‘
23:44
مجلس رؤساء الجامعات يبحث جهود إغاثة التعليم العالي في غزة
23:40
اتحاد أبناء سخنين يعود لملعبه ويفوز على عيروني طبريا
23:35
ماكرون: الضربات على بيروت تنتهك وقف إطلاق النار
23:28
شاب بحالة متوسطة اثر حادث طرق في عرعرة النقب
23:23
النائب منصور عباس يؤدي تكبيرات العيد احتفالا بحلول عيد الفطر السعيد
23:13
إليكم الحلقة الثلاثين من برنامج ‘ من وحي رمضان ‘ – تابعوا
09:22
حوّلت غرفة الغسيل إلى مرسم .. سلسبيل سليم من عرابة تروي حكاية عشق كلها ألوان
08:29
فيديو متداول: نعامة هاربة ‘تسابق‘ السيارات على طريق سريع في السعودية
08:14
الشرع يعلن تشكيل حكومة جديدة في سوريا
07:48
الرئيس أبو مازن يوجه كلمة للشعب الفلسطيني لمناسبة حلول عيد الفطر المبارك
أسعار العملات
دينار اردني 5.2
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.77
فرنك سويسري 4.18
كيتر سويدي 0.37
يورو 3.97
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.35
كيتر دنماركي 0.53
دولار كندي 2.57
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.45
دولار امريكي 3.68
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-03-30
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.64
دينار أردني / شيكل 5.13
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.94
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.14
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.88
اخر تحديث 2025-03-10
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

المحامي زكي كمال يكتب : في الشرق لا جديد يُذْكَر - بل قديمٌ يتكرّر

21-03-2025 08:47:31 اخر تحديث: 21-03-2025 11:49:00

لم تكن أعمال العنف التي شهدتها منطقة الساحل في غربيّ سوريا ابتداء من السادس من آذار الحاليّ، والتي كانت موجّهة بالأساس ضدّ الأقليّة العلويّة، وأوقعت وفق المرصد السوريّ لحقوق الإنسان، قرابة 1400 قتيل مدنيّ

 المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

غالبيّتهم العظمى من العلويّين، حالة أو حدثًا مفاجئًا، بل إنها ومنذ اليوم الأوّل لتولّي أبو محمد الجولاني القادم من "داعش"، أو بتسميته الجديدة الرسميّة والسياسيّة أحمد الشرع الذي يعدّ بسوريا الحديثة التي تشكّل مكانًا تنصهر فيه كافّة المجموعات، وتذوب فيه كافّة الخلافات بغضّ النظر عن الديانات والمذاهب والانتماءات، رافدًا ذلك بلقاءات صحفيّة واجتماعات دبلوماسيّة استعرض فيها وسط إعجاب الكثيرين شخصيّته الجديدة ووعوده بديمقراطيّة وانتخابات قادمة نحو اعتراف أوروبيّ وعربيّ ومشاركة في قمّة القاهرة، كانت حدثًا يعتبر حدوثه أكيدًا، أو حتى حتميًّا، ليبقى السؤال حول التوقيت والعوامل التي ستشكّل المحفّز لحدوثه. وهو ما بدأ عندما هاجم مسلّحون موالون لنظام الرئيس السابق بشار الأسد في منطقة الساحل وتحديدًا اللاذقية وبانياس وخاصّة مدينة جبلة في السادس من آذار 2025، معدّات عسكريّة وأفراد من قوات الأمن، تلته اشتباكات عنيفة، ردّت عليها قوات الأمن السوريّة صباح الجمعة بعمليّات تمشيط واسعة في غرب البلاد، وبعدها اشتباكات وصدامات مع المسلّحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد، في إثبات آخر أن لا جديد في الشرق الأوسط بما فيه سوريا، بل قديم يعاد ويتكرّر بتغيّر الأسماء والمسمّيات والمواقع، وسوريا أحمد الشرع ليست محصّنة من حدوثه، بل يبدو إنها مهيّأة اجتماعيًّا وسياسيًّا ومذهبيًّا لذلك، وكان عليها بسلطاتها أن تتوقع ذلك، وأن تمنعه لكنّها لم تفعل.
أقول إنه كان على أحمد الشرع توقع ذلك، وهذا أقلّ ما يمكن، فسوريا بقيادته شكّلت نهاية 54 عامًا من حكم عائلة الأسد، وهي عائلة علويّة، وفي الشرق كما في الشرق، تسود الاتهامات والمفاهيم الجمعيّة والقبائليّة، دون اعتبار للأفراد الذين يشكلون الجماعة فكلّهم في الهمّ، أو الاتهام سواء، وتسهل صياغة الأعداء والخصوم، دون التعمّق في التفاصيل، فهكذا أسهل، ومن هنا كان من الواضح أن الأغلبيّة السنيّة في سوريا تضمّ جماعات مسلّحة متطرفة ، تمتهن "الاتهام الجماعيّ" وتعتبر كافّة العلويّين مشاركين فعّالين، بل ربما مبادرين للفظائع التي ارتكبها نظام الأسد. ومن هنا فعقابهم بعد هروب أبناء عائلة الأسد، ضروريّ، بل ربما واجب دينيّ حتى في شهر رمضان فهم كفرة ومارقون، يحلّ ذبحهم ويستحقّون الحياة فقط داخل القبر، كما كتب في رسالة تهديد واضحة وصريحة جاء فيها "للعلويّ الحقّ في العيش بسلام.. داخل قبره فقط"، أُلصقت بوجبات إفطار رمضانيّة تم توزيعها في الأسبوع الأول من شهر رمضان على الصائمين في مدينة إدلب، وهي لمن نسي، أو تناسى المكان الذي بسط فيه الشرع سلطانه وعزّز قوته ونشر أفكاره، وهو ما كان المقدّمة العمليّة والتسويغ الدينيّ والحقيقيّ لما جاء بعد ذلك من إعدامات ميدانيّة وحرق للمنازل وقتل للعلماء والمفكّرين في القرى العلويّة ما اضطر بعض سكانها إلى الاحتماء بمعسكرات الجيش الروسيّ في منطقة اللاذقيّة وطرطوس وحميميم، طلبًا لحماية روسيّة من فتك أبناء الوطن من السنة، بما في ذلك من مفارقات مؤلمة تثير القلق والمخاوف، وتؤكّد أن الشرق لم يتعلّم شيئًا، وأن سوريا تسير في ركب العراق والسودان وليبيا وغيرها.

سوريا الشرع، التي تحكمها اليوم أغلبيّة سنيّة تأبى كما يبدو إلا أن تسير على خطى سابقاتها من الدول العربيّة التي سيطرت فيها حركات دينيّة على مقاليد السلطة، فعاثت في الأقليّات هناك قتلًا وتنكيلًا وترهيبًا، والعراق تحت "داعش" ومعه شمال سوريا مثال حيّ على ذلك، حتى يكاد المراقب من بعيد يتخيّل أن السلطة والحكم في عُرف هذه الحركات الدينيّة لا يتأتّى إلا عبر اضطهاد وقتل وترويع وسبي الأقليّات لمجرّد كونها كذلك، أو لمجرّد قدرة الأغلبيّة على ذلك، أو قدرة السلطة الجديدة على ذلك، فهذا ما فعلته "داعش" في العراق، ضدّ الأقليّات كلّها ابتداءً من الأقليّة المسيحيّة وكذلك الشيعة رغم أنهم أغلبيّة عدديّة يشكّلون نحو 69% من المواطنين، ومجموعات الأيزيديين، وهو الحال نفسه في سوريا وخاصّة منطقة إدلب تحت نظام داعش، وبالتالي جاءت سوريا لتشكّل نسخة ثانية في المناطق التي سيطر عليها "داعش"، حيث لم يسلم البشر على مختلف انتماءاتهم وطوائفهم، كما لم يسلم الحجر وآثار تدمر خير مثال. وهو الحال في السودان عامّة ودارفور خاصّة والتي شهدت انتهاكات عرقيّة ودينيّة وصلت ربما حدّ التصفية، ما استدعى تدخّل مجلس الأمن لإصدار قرارات أسفرت عن فرض عقوبات اقتصاديّة على السودان، وإحالة مسؤولين سودانيّين للتحقيق أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة التي أصدرت مذكّرة توقيف بحق الرئيس السودانيّ عمر حسن البشير في آذار 2009 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة، لكنها حكمت بعدم وجود أدلّة كافية لمحاكمته بتهمة الإبادة الجماعيّة، فضلًا عن تشكيل لجنة أمميّة لتقصّي الحقائق.

" لا جديد في الشرق "
لا جديد في الشرق، وما كان هو ما سيكون طالما كانت الغلبة للفئويّة والطائفيّة، وطالما كان الانتماء الضيّق هو الأقوى، أما المختلف في الانتماء والعرق والدين والمُخالف في الرأي فهو خارج عن الإجماع بل عدو، وهو ما عكسته الردود العربيّة والدوليّة الخجولة، وخاصّة العربيّة منها والتي اتسمت باللين والعجز، ما دفع العلويين في سوريا وبحقّ من جانبهم، للقول إنهم يتعرضون لتصفية دينيّة وعرقيّة واضحة سنيّة، وسط صمت مرعب، وأن العالم العربيّ، أو الإسلاميّ السنيّ يعتبرهم جسمًا غريبًا وربما غربيّ الميول. وأنهم يستحقون القتل والإبادة، ناهيك عن أن ما حدث يؤكّد أن نظام الشرع الجديد ينظر إلى كافة أبناء الطائفة العلوية على أنهم "أسديّون بكل جوارحهم"، أو تابعون لإيران متناسيًا ربما عمدًا أنهم عانوا بغالبيّتهم من نظام الأسد كغيرهم من السوريّين، وأن قلّة قليلة كلّها من عائلة الأسد استفادت من النظام المذكور، بينما تحفظ كثيرون من التدخّل الإيرانيّ ، ولذلك توجّه العلويّون مجبرين إلى الجالية الدوليّة خاصّة بعد أن لاحظوا الردود العربيّة والإسلاميّة، ومنها أن نددت وزارات الخارجيّة في تركيا والأردن وقطر والسعوديّة والكويت والبحرين ومصر بالهجمات التي شنّها مسلّحون موالون لبشار الأسد واصفين إياها بأنها هجمات نفّذتها مجموعات خارجة عن القانون استهدفت قوات الأمن، وأنها تستهدف أمن سوريا واستقرارها، وتحاول دفعها للفوضى والفتنة والصراع، دون أيّ اكتراث للقتلى في الجانب العلويّ، وانضمّت إلى ذلك قناة "الجزيرة" التي تخصّص ساعات من بثّها لكلّ شاردة وواردة في العالم العربيّ وغزة منذ الربيع العربيّ، وخلال الحرب الأهليّة في سوريا وتقارير موسّعة حول المعارك الدائرة اليوم في السودان، والتي لا يمكن فهم أسبابها ونوايا وأهداف أطرافها وعلى ماذا يتقاتلون، لكنها في حالة أحداث العنف في الساحل السوريّ التزمت الصمت وامتنعت تقريبًا عن تغطيتها، كما امتنعت كليًّا عن توجيه اللوم، أو الانتقاد أو حتى العتب إلى أحمد الشرع أو نظامه، في حين أشارت وزارة الخارجية الإيرانيّة إلى خطورة الانتهاكات بحق الأقليّات، واعتبرت ما حدث اختبارًا حقيقيًّا لحكّام سوريا، بينما طالبت الخارجيّة العراقيّة، وفي ردّ يتجاهل ما يحدث على أرض الواقع من أعمال عنف وقتل، مناشدة بتغليب لغة الحوار ومنع تفاقم الأزمة، في حين أصدر حزب الله بيانًا نفى فيه الاتهامات الموجّهة له بالضلوع في الأحداث.

خلاصة القول هنا أن هذه الأحداث تؤكّد أن النظام القديم في سوريا اختفى، لكنّ النظام الجديد، ورغم تعهّد الرئيس السوريّ أحمد الشرع بالحفاظ على السلم الأهليّ ومحاسبة كلّ من يتجاوز ضد المدنيّين وتشكيل لجنة وطنيّة مستقلّة، للتحقيق في الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيّون، والاعتداءات على المؤسّسات ورجال الأمن والجيش، لم ينجح بعد، في خلق سوريا جديدة، أو ضمان إشارات ولو أوليّة تضمن ذلك، وعلامات السؤال حوله كثيرة، تثير الخشية من العودة إلى عهد حاكم أوحد جديد وجيش يقال إنه واحد، لكنّه مؤلّف من ميليشيات وجماعات تحكمها انتماءات فئويّة منها قوات سوريا الديمقراطيّة والأكراد الذين نجح الشرع في عقد اتّفاق معهم يضمن دمج حركاتهم العسكريّة في الجيش وسلطات الحكم وضمان الأمن المحليّ، وهو اتفاق يثير التفاؤل، ولكن من يضمن استمراره ، خاصّة وأن الأكراد الذين عانوا خلال حكم عائلة الأسد من التهميش والقمع وتم منعهم من الحديث بلغتهم، وتمّ سحب جنسياتهم، لن يقبلوا بنسخة أخرى من ذلك، إذ عملوا على بناء إدارة ذاتيّة في شمال شرق سوريا، ومؤسّسات تربويّة واجتماعيّة وعسكريّة، واعتبروا السلطة الجديدة فرصة لبناء سوريا جديدة وضمان حقوق جميع السوريّين، لتكون صدمتهم باستبعادهم من الدعوة لمؤتمر حوار وطنيّ عمل على تحديد عناوين المرحلة الانتقاليّة، ناهيك عن الاعتقاد أن الاتفاق جاء بضغط خارجيّ ومبادرة خارجيّة حيث تم بعد أسبوعين من دعوة زعيم حزب العمال الكردستانيّ عبد الله أوجلان، في إعلان تاريخيّ، بحلّ الحزب وإلقاء السلاح، في خطوة رحّب بها أكراد سوريا، وهو اتفاق برز فيه دور الجنرال الأمريكيّ مايكل كوريلا والضغط التركيّ سعيًا إلى ضمان هدوء الأكراد، وهو الحال في منطقة جرمانا حيث أبدى الشرع الحذر الشديد من المواجهة مع الميليشيات والجماعات المسلّحة الدرزيّة هناك، وذلك جرّاء تحذيرات واضحة وصريحة من إسرائيل، التي توجّه إليها علويّون أيضًا وفي مقدمتهم زعيم العلويين في تركيا، الشيخ سليم نارلي عبر طرف ثالث إلى إسرائيل طالبًا تدخّلها لحماية العلويين، والسؤال الواضح هو كيف ستتعامل الإدارة السوريّة الجديدة وبضمنها الجماعات التي تتكوّن منها سوريا مع التحديّات الأكيدة نحو بناء سوريا الجديدة، وما هو مشروعها السياسيّ والعسكريّ فمعظم الأراضي السوريّة ما زالت خارج سيطرتها، إضافة إلى أنه من الواضح اليوم أن الغرب على استعداد لتقبل خطابات الشرع حول محاربة الإرهاب والرغبة في السلام والديمقراطيّة وحقوق الإنسان، إذا كان ذلك يخدم مصالحه الاستراتيجيّة وهيمنته الإقليميّة وطبعًا مصالح وأمن إسرائيل، والأنكى من ذلك أن حكام سوريا الجدد مطالبون بالاختيار سريعًا بين شرّين لا بدّ من واحد منهما، فإذا لبسوا ثوب الطائفيّة، فإن ذلك سيفسح المجال لتقسيم بلادهم إلى كانتونات ودويلات تشبه تلك الكيانات خلال الانتداب الفرنسيّ بداية عشرينيات القرن العشرين، وهي دولة العلويين، دولة جبل الدروز، ودولتا دمشق وحلب اللتان جرى توحيدهما معًا سنة 1925، وربما هذا هو مصدر النجوم الثلاث في العلم السوريّ وإن عرّفوا أنفسهم بصفتهم العربيّة سيصطدمون بالتوجّهات الانفصاليّة الكرديّة، وكذلك مع تركيا ومع أمريكا وإسرائيل .

" الحوار المباشر "
والقول لا جديد في الشرق ينطبق على القضية الثانية التي أشغلت الكثيرين وهي الحوار المباشر ، قصير المدى، بين الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب وبين حركة "حماس" في أفضل تعبير عن أن المصالح هي التي تتحكّم في السياسات وبالتالي لا عداء دائم ، وأقول ذلك انطلاقًا من عبر التاريخ التي تزخر، ورغم كون السياسة الأمريكيّة المعلنة ترفض التفاوض مع الحكومات والجماعات التي تعتبرها معادية، أو تضعها ضمن خانة الإرهاب، بالعديد من الحالات تاريخيًّا التي لجأت فيها واشنطن إلى تفاوض مباشر مع هذه الحركات للوصول إلى أهدافها، وبعد فشل محاولات التوصّل إلى اختراقة بوسائل أخرى. ومن هنا جاءت مفاوضات المبعوث الأمريكيّ لشؤون الرهائن آدم بوهلر، مع قيادات من "حماس" في العاصمة القطريّة الدوحة، لبحث مسألة أسرى جنود يحملون الجنسيّة الأمريكيّة، بالإضافة إلى ملف الحرب في غزة بشكل عام وإمكانيّة تمديد وقف إطلاق النار، قبل أن تعلن إسرائيل وفاته صبيحة يوم الثلاثاء الثامن عشر من آذار، عبر هجمات عسكريّة أوقعت خلال ساعاتها الأولى مئات القتلى، وهي لقاءات كانت بدأت منذ كانون ثاني/ يناير الماضي، وطرحت فيها العديد من الأفكار، وأجريت في الغالب دون علم حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، وتم اكتشافها بوسائل استخباراتيّة كشفتها وحدة النخبة "8200" في الجيش الإسرائيليّ، ما أثار غضب إسرائيل، وانتهى إلى تنحية بوهلر من منصبه هذا، خاصّة شقّه المتعلّق بالرهائن في غزة.
لم تكن هذه المفاوضات حدثًا عابرًا، أو لمرة واحدة فتاريخ الولايات المتحدة كلّه، وسياسات إداراتها بما فيها إدارة دونالد ترامب السابقة، أجرت مفاوضات مع جهات اعتبرتها معادية وإرهابيّة وخاضت مقابلها الحروب، وهكذا على سبيل المثال خلال حرب فيتنام في ستينيّات القرن الماضي، وبعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها الولايات المتحدة في حرب فيتنام، وصمود جبهة التحرير الوطنيّة "الفيتكونغ"، والتي واصلت هجماتها الفتاكة، لم تجد واشنطن مناصًا من الشروع بمفاوضات معها بدأت عام 1968 واستمرت عدّة جولات, توّجت تلك المفاوضات باتفاقية باريس للسلام في السابع والعشرين من يناير كانون الثاني 1973، والتي أنهت الحرب على فيتنام، التي كانت كارثيّة للأمريكان من ناحية عدد القتلى والخسائر، والضغط الداخليّ في أمريكا، ونظّمت عمليّة الانسحاب من هناك، جاءت بعدها مفاوضات الرهائن مع إيران، بعد الثورة الخمينيّة عام 1979 وأطاحت بالشاه رضا بهلوي، حيث تمكن الإيرانيّون من احتجاز 52 أمريكيًّا من بينهم عناصر في المارينز، بعد اقتحامهم مقرّ السفارة الأمريكيّة في طهران، وبعد أن باءت بالفشل محاولات أمريكيّة عديدة لإطلاق سراحهم منها عمليّة إنزال بطائرات عموديّة أطلق عليها اسم "مخلب النسر" انتهت إلى كارثة ومقتل القوّة التي وصلت لإطلاق سراحهم خلال فترة رئاسة جيمي كارتر، توجّهت الولايات المتحدة للتفاوض المباشر مع الإيرانيّين بوساطة جزائريّة، عبر مفاوضات جرت في العاصمة الجزائريّة، وتحديدًا فيلا مونفيلد مقرّ سفير الولايات المتحدة، انتهت إلى اتفاق أطلقت إيران بموجبه سراح الرهائن الأمريكيّين ورفعت واشنطن العقوبات التي كانت فرضتها على طهران بعد الثورة الخمينيّة، وجرى نقل المحتجزين على متن طائرة إلى الجزائر وتسلمتهم بلادهم من هناك.

 المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان هي الأطول عمرًا، فقد بدأت عام 2008 في عهد الرئيس الأمريكيّ الأسبق باراك أوباما، بإيعاز مباشر من مؤسّس الحركة الملا محمد عمر، بوساطة قطريّة وألمانيّة في مدينة ميونخ الألمانيّة، لكنها لم تتمخض عن نتائج ملموسة، وتواصلت المساعي الأمريكيّة للتفاوض المباشر مع حركة طالبان في السنوات 2011 -2013 بهدف تحقيق السلام في أفغانستان، لكنّها فشلت في تلك المحاولات جميعها بسبب سوء التنسيق بين واشنطن وحكومة أفغانستان، وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكيّة عام 2017 دخلت المفاوضات بين حركة طالبان وواشنطن مرحلة جديدة واستؤنفت الجهود مرة أخرى، وعيّنت الإدارة الأمريكية السفير زلماي خليل زاد، وهو من أصول أفغانيّة، مبعوثًا خاصًّا إلى أفغانستان، لتنتهي هذه المفاوضات (تحت إدارة ترامب) إلى اتفاق في العاصمة القطريّة الدوحة في شباط 2020، أي قبل أقل من عام من نهاية ولايته، بمشاركة المبعوث الأمريكيّ الخاصّ بأفغانستان زلماي خليل زاد ومسؤول سياسيّ من طالبان وحضور وزير الخارجية الأمريكيّ مايك بومبيو مراسم التوقيع، تمهيدًا لانسحاب أمريكيّ تامّ من أفغانستان تم في الأول من أيار 2021، سبقه خفض للقوات الأمريكيّة ابتداءً من يوليو تموز 2020، وما زال الجميع يذكر صور المواطنين الأفغان الذين تعلّقوا بعجلات الطائرات العسكريّة الأمريكيّة محاولين الهرب من بلادهم، ليسقطوا إلى موتهم.

وإذا كنّا بحاجة إلى تأكيد أن في الشرق كما في الشرق، وأن المفاوضات مع منظّمات تعتبر عدوًا للولايات المتحدة، وهذه المرة لإسرائيل وتحديدًا المفاوضات مع حركة "حماس" هي محظورات تبيحها الضرورات، جاء استئناف الحرب في غزة صبيحة الثلاثاء ليؤكّد المؤكّد، وهو أن هذه المفاوضات لا تأتي من فراغ ولا تنمّ عن طيب خاطر، بل إنها بمثابة "مجبرٌ أخاك لا بطل" تنتهي في إحدى حالتين، فإما الكشف عنها وإظهارها إلى العلن لتموت فور ملامستها نور الشمس، أو لثبات حقيقة أنها لن تساهم في تحقيق مآرب الطرف الأقوى فيها، وهو إسرائيل في هذه الحالة، فتصبح عبئًا تنسفه قذائف الطائرات والدبابات، ويعود الحال من لغة التحاور إلى لغة التناحر، وهي ظاهرة تستحقّ البحث خاصّة وأنها تؤكّد ما جاء في بداية مقالي أن لا جديد في الشرق، بل قديم يتكرّر بشكل مأساويّ.

" فشل محاولات إشاعة الديمقراطيّة "
خلاصة القول: مؤسفٌ أن يأتي الربيع العربيّ على الشرق فيصبح خريفًا يحرق الأخضر واليابس، يحوّل العالم العربيّ والإسلاميّ إلى ساحات للحرب الأهليّة، أو دويلات عرقيّة وإثنيّة وربما دينيّة، لم ولن تنجح بمنح مواطنيها حياة كريمة وحريّة لا تتعدى الحدّ الأدنى فبقيت كلّ شعوبها فقيرة، ومعظمها دول الحاكم الواحد البعيدة عن الديمقراطيّة، ناهيك عن فشل محاولات إشاعة الديمقراطيّة في بعضها، فكانت النتيجة حاكمًا واحدًا متسلّطًا كما في تونس، أو حكمًا لحركة إسلاميّة كما في سوريا اليوم، في أفضل تجسيد للرؤية المؤسفة حقًّا التي طرحها المؤرخ والباحث برنارد لويس منذ السبعينيّات وتبناها المحافظون الجدد في أوروبا والولايات المتحدة ومنهم إدارة الرئيسين جورج بوش الأب والابن على حدٍّ سواء، وتنصّ كما رواها عام 1979 على تقسيم دول الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة يمكن إدارتها من قبل زعماء فئويّين تدعمهم أوروبا والولايات المتحدة ، يساعدونها بالسيطرة على مرابض النفط والغاز، ويهمّهم أولًا مصالحهم الخاصّة والفئويّة التي ترتبط ارتباطًا عضويًّا، بل يعتمد بقاؤها على الدعم الأمريكيّ والغربيّ، الماليّ والسياسيّ والعسكريّ، والحريّة لا تصلح لهم، وربما من الخطأ التعامل معهم جميعًا على أنهم دول، وإنما قبائل وطوائف وفئات متنازعة، كما قال الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد احمد: "لا الشرق شرق، ولا الرباط رباط، مليون طائفةٍ تُمزقها السياط"، ولا جديد فيه، بل تكرار لما كان وربما اجترار، كما قال الشاعر الراحل نزار قباني: "كل نهار ألبس ذات المعطف، أقطع ذات الشارع، أشغل ذات المقعد، أطلب ذات القهوة، أشتري صحفًا من بلدان الشرق الأوسط، لا أتحمّس كي أفتحها.. فالأخبار هي الأخبار في القرن الأول، أو في القرن العاشر، الأخبار هي الأخبار" .

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك