قصة الحمامة والصياد
في يومٍ من الأيَّام الصيفية الجميلة كان يسير صيادٌ في الغابة الخضراء التي اعتادت الحيوانات كلها أن تكون آمنة، وكان يحمل الصياد في يده شبكة كبيرةً جدًّا
صورة للتوضيح فقط - تصوير: iStock-fotostorm
وقد عزم على أن يصيد أكبر قدرٍ ممكن من الحمامات، فقد سمع في الآونة الأخيرة أنَّ سعرها بات عاليًا وكثُر طلب النَّاس عليها، واختار الصياد بقعة كبيرةً خالية من الأشجار وفرش فيها شبكته الكبيرة جدَّا، ثم رشَّ على الشبكة بعضًا من حبوب القمح التي تحبها الحمامات وتأكلها أينما وجدت. اختبأ الصياد خلف إحدى الشجرات الكبيرة بعيدًا عن أعين الجميع، حتى لا تشعر الحمامات بوجوده فتهرب منه وتخاف، إذ إنّ الحيوانات هي من المخلوقات الحسَّاسة التي تشعر بوجوده وتهرب منه، وما هي إلا بضع ساعات مضت حتَّى أتت أول حمامةٍ ووقفت على الشبكة وصارت تأكل من حبَّات القمح تلك، ولمَّا رأت حمامةٌ أخرى صديقتها تأكل من حبّات القمح اللذيذة دون أن يصيبها مكروه تقدّمت بهدوء وبطءٍ وأخذت تأكل معها، وما هي إلا دقائق حتى تجمع فوق الشبكة عدد كبير من الحمامات البيضاء الجميلة.
وما هي إلا دقائق حتَّى تقدَّم الصَّيَّاد وشدَّ الشبكة إليه وصارت الحمامات كلها مأسورة في تلك الشبكة الظالمة، وصارت كل حمامةٍ تطير في جهةٍ من الجهات وهي تُحاول أن تُنجي نفسها من خطر الموت الذي يترصَّد بها، وصار الصَّياد يرقص فرحًا وطربًا بهذا الصيد الثمين والحمامات تتخبط يمنة ويسرة وقلوبهنّ تخفق من الخوف، وفجأة كانت بينهنّ حمامةٌ حكيمةٌ وذكيةٌ وصارت تُفكر في الحيلة التي من الممكن أن تُخلّصهم من هذه المشكلة العظيمة، وصارت تتشاور مع صديقاتها الحمامات وفجأة خطر في بالها خاطرٌ ذكي.
قالت الحمامة: يا صديقاتي العزيزات لو فكرت كلّ واحدةٍ منكنّ بالخلاص لنفسها فقط فإنَّ ذلك لن ينفع في شيء وسنموت معًا، ولكن خطرت في بالي فكرة ويجب عليكنّ جميعًا أن تُساعدنني بها، قالت الحمامات: وما تلك الفكرة؟ قالت الحمامة: يجب أن نطير جميعًا في جهةٍ واحدةٍ حتى نمنع الصياد من أخذنا، وستكون الجهة التي نطير بها إلى الأعلى حتى لا يتمكّن من التقاطنا. تهيَّأت الحمامات جميعهنّ وبدأت أنحتهنّ بالخفق والطيرات حتَّى تمكّن من الطيران إلى السماء وهناك استطعن أن يهربن من الصياد الجشع، فكان مشهد سرب الحمام الذي يطير في شبكة الصيد رائعًا بحيث شدّ انتباه الحيوانات كلهم إليه، وطارت الحمامة إلى مكانٍ آمنٍ بعيدًا عن الصيَّاد حيث يعيش صديقها الفأر، الذي تمكّن بفضل أسنانه القوية من قطع شبكة الصيد وتحرير جميع الحمامات.
إنّ العبرة المستفادة من هذه القصة هي أنَّ التعاون هو السبيل الوحيد للنجاة، ولمّا يُفكر الإنسان بغيره ويُحاول أن يُساعده فإنَّه يساعد نفسه بشكل أو بآخر، وبهذا ينجو جميع أفراد المجتمع من الخطر.
أرسل خبرا