مقال: المحامي فريد جبران .. الإنسان المناسب في المكان المقدس‘ - بقلم: رانية مرجية
في زمن تتناسل فيه التحديات وتتفاقم فيه الأزمات، لا سيما تلك التي تطال الحضور المسيحي في الأرض المقدسة، يأتي تعيين المحامي فريد جبران مديرًا تنفيذيًا للمدارس الكنسية في إسرائيل ليكون بمثابة شعلة رجاء وخطوة جريئة ومباركة
فريد جبران - صورة شخصية
نحو الحفاظ على الهوية المسيحية في هذه البلاد الجريحة. فليس كل يوم يُعيّن علماني في موقع كان، لعقود طويلة، حكرًا على رجال الإكليروس. لكن يبدو أن الزمن يفرض استحقاقاته، والمرحلة تتطلب قامات قادرة على الصمود، وقلوبًا تعرف كيف تحب وتدير وتحمي. ونحن في الرملة فخورون بهذا التعيين، لأنه يكرّس فريد جبران كالرجل المناسب في هذا الظرف الحرج.
هذا التعيين ليس تفصيلًا إداريًا عابرًا، بل هو انعكاس لوعي استراتيجي لدى مجلس الأساقفة الكاثوليك، واعتراف ضمني بأن المرحلة تتطلب رجالًا من طينة خاصة، ممن يعرفون لغة القانون، ويجيدون التفاوض، ويفهمون الواقع بكل تناقضاته. فريد جبران، ابن الطائفة، وابن الأرض، يجمع في شخصه بين الصرامة القانونية والالتزام الكنسي، وبين الفهم العميق للواقع التربوي والتمسك الجوهري بالقيم المسيحية.
إن المدارس الكنسية لم تكن يومًا مجرد بنايات أو جدران، بل كانت – وما زالت – حضنًا للهوية، ومختبرًا للانتماء، ومنصة لصقل الوعي الوطني والديني. هي خط الدفاع الأول والأخير عن الحضور المسيحي في هذه البلاد. ومع تآكل هذا الحضور وتراجع أعداده، تصبح هذه المدارس قلاعًا للصمود وذاكرة للمستقبل.
تُطرح اليوم أسئلة كبرى حول مصير المدارس الكنسية، ودورها المستقبلي، بل ومكانتها في المشهد المسيحي العام. هل يمكن لهذه المدارس أن تكون نواة لوحدة الكنائس؟ وهل تبدأ المصالحة الكبرى بين الكنائس من مقاعد الدراسة، من الأطفال الذين لم يعرفوا بعد معنى الانقسام؟ في هذا التعيين التاريخي تلوح بوادر أمل، وربما فرصة تاريخية لإعادة ترميم الصف المسيحي المبعثر، انطلاقًا من الأرضية التربوية المشتركة.
فريد جبران لا يبدأ مهمة إدارية فحسب، بل يخوض معركة وجودية، هدفها ليس فقط تحسين جودة التعليم، بل حماية الحق في البقاء، في الإيمان، في التعدد، وفي أن يبقى للمسيحيين صوت ومكان ومكانة. وهو يحمل على كتفيه آمال الأمهات والآباء، الذين يريدون لأبنائهم تعليمًا يحترم هويتهم ولا يغتالها.
من الرملة، حيث نبض العيش المشترك، ومن قلب الجليل واللد والقدس، ترتفع الدعوات بأن يوفق الله فريد جبران في مهمته الصعبة، وأن تكون هذه الخطوة بداية عهد جديد في العمل المسيحي المشترك، يكون فيه العلمانيون شريكًا حقيقيًا في صنع القرار الكنسي، وحراسًا أوفياء لهوية عريقة ومهددة في آن.
نحن فخورون بك يا فريد، لأنك اخترت أن تكون حيث الألم والمعاناة، وحيث الرجاء والنضال. ونحن واثقون أنك لن تخذلنا. ففي زمن المصائر، لا مكان إلا لمن يحمل رسالة، وأنت بحق رسول لقضية عادلة اسمها "الوجود المسيحي في الأرض المقدسة".
من هنا وهناك
-
مقال: ما جرى من حراك، أكثر من احتجاجات عادية وأقل من عصيان مدني ! بقلم : د. سهيل دياب
-
مقال: ‘إيران.. تسارع التحولات ضد ديكتاتورية ولاية الفقيه!‘ - بقلم : عبدالرحمن کورکي (مهابادي)
-
‘الصدق والوحدة في زمن التلون خير من مليون منافق‘ - بقلم: معين ابوعبيد
-
مقال: ‘ غزة - الحقيقة أقوى من حجبها ‘ - بقلم : المحامي علي حيدر
-
محمد برانسي يكتب: الى كل من يعبث بالتعليم في الطيبة..كفى
-
‘من العربية إلى العبرية… دون أن يخون النص: رحلة مفلح طبعوني مع نبيل طنوس‘ - بقلم: رانية مرجية
-
المحامي شعاع منصور يكتب: هل المشتركة ارادة مجتمع ام ارادة انتهازيين للحفاظ على الكرسي ؟
-
مقال: لماذا يسمح الله بالشّرِّ في العالم؟ بقلم : الشيخ عبد الله ادريس
-
‘الظلم ظلمات يوم القيامة‘ - بقلم : د. أسامة ال تركي
-
وأنت ابن الطيبة - بقلم: المحامي شادي الصح من عرابة
أرسل خبرا