قصة قصيرة بعنوان ‘وجوه كثيرة لكن الأصل واحد‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة
تخيل عندما تقلع من الإنسان انسانيته، وتجعله يشعر بأنه حشرة يجب الدوس عليها حتى تكون "عبرة لمن اعتبر" .
الكاتبة اسماء الياس - صورة شخصية
كثيرًا ما سألت نفسي. أين العدالة وأين حقوق الإنسان؟
لكني أُصِبْتُ بخيبة أمل عندما يعلنون عن وفاة حقوق الإنسان، وأن تلك الحقوق مجرد شعارات يلوحون بها من على المنابر والشاشات المتلفزة.
لذلك أقول لكم يا من تتحكمون بمصائر البشرية، وتكذبون عليها بشعاراتكم المزيفة. لم نعد نأكل من هذا الكلام الذي باطنه سم وظاهره عسل.
وحتى لا يأخذني الغضب لأماكن لا أفضل بأن أكون فيها. لذلك قررت أن أركز عما يحصل في بلادي من انتهاكات للبشر وللحجر.
في اللحظة خطر ببالي خاطر. لماذا لا أدون كل ما أسمعه إذا كان بنشرات الأخبار، أو الفيديوهات التي تنقلها كل مواقع التواصل الاجتماعي، على شكل رواية تحكي معاناة الشعوب التي تعيش الحرب بكل اجوائها المقيتة التي تجعل حياتنا خوفًا ورعبًا، خوفًا على أولادنا من ان يصابوا أو يقتلوا في حرب ليس لهم فيها "لا بالثور ولا بالطحين" .
ارتفاع الأسعار والقلق من أن تُؤَثّر هذه الحرب على المناخ، فينقلب الشتاء بقدرة قادر إلى صيف. مثلما حصل هذه السنة، فقد كان شتاء هذه السنة غير عن باقي السنوات الماضية جفاف بالأنهر والينابيع التي لم تحصل على كمية المياه المعتادة مثل كل سنة. والسبب الحرب التي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مما أدى للشح بالمطر.
قررت بأن أكون العين التي ترى والأذن التي تسمع والقلم الذي يوثق كل المشاهد التي اراها بأم عيني.
أطفالًا قطعت أطرافهم، وغيرهم من فقدوا الأهل والأصحاب.
مصائب كثيرة كنت أراها، لكن كثيرًا من الأحيان كنت أغض النظر عنها ليس خجلاً إنما الخوف الذي يتملكني كلما شاهدت تلك المشاهد التي تدمي القلب وتدمع العين لرؤيتها.
حاولت أن أكون مؤثرة لعل وعسى أستطيع أن أكون إحدى النساء اللواتي يعملن للمصلحة العامة، لا يهم من المستفيد عربي أو يهودي، المهم أن افعل شيئًا حتى أغير المعادلة ربما استطعت ان افعل تغييرًا ولو كان بسيطًا ، ربما بعد ذلك يتحقق السلام وأكون واحدة من هؤلاء اللواتي يحملن راية السلام ويسرن رافعات رؤوسهن.
الانتهاكات التي مورست بحق شعبٌ أعزل يريد الحياة، مثله مثل باقي شعوب العالم
هذا شيء يجعلك تقف دقيقة وتفكر لماذا هذا الظلم؟ ولماذا كلما شعرنا بأن السلام سوف يطرق الباب علينا نجده قد غادر مرة أخرى، تاركًا إيانا في حيرة تامة.
لم أكن أعلم من أين ابدأ وأنا أرى كل هذا البغض وهذه الكراهية قد غلفت الجو، وأصبح ضبابيًا لا نرى شيئًا من خلاله سوى العتم والسواد الذي أضحى اللون الرسمي لهذه البلاد.
وحتى يرتاح قلبي وتستقر نفسيتي، واعلم على أي أرض أقف؟ وحتى يكون لديَّ المعلومة الأكيدة. لماذا يحصل كل هذا؟
كان عليَّ أن أتوجه لشخص خبير سياسي، يعني "رضع السياسة مع حليب أمه"
من هو غير الوالد السيد فارس قويدر هو ليس فقط خبيرًا إستراتيجيًا، بل هو أيضًا كاتب وشاعر ومطرب تطرب له الروح.
كثيرًا ما كنت اسأل والدي كنت أتمنى أن آخذ منك حلاة الصوت ليس فقط موهبة الكتابة.
لكن كان يرد عليَّ بأني أمتلك الإحساس الدافئ وهذه موهبة يجب أن تفتخري بها.
أكيد يا والدي أنا أفتخر بهذه الموهبة، لأن صديقاتي يحسدني عليها.
أتذكر يومها عندما سألته عن الوضع السياسي. ولماذا يا والدي لا نجد حلاً بالأفق؟
قال لي والابتسامة تلوح على شفتيه: اعلمي يا ابنتي سعاد الطمع والجشع هما اللذان يجعلان الحياة مستحيلة. لا أحد يريد أن يتنازل للآخر. ومن يأكلها برأيك؟
الشعب بكل تأكيد.
لهذا لو تخلى كل واحد منهم وتنازل من اجل المصلحة العامة لكان استتب السلام، وكنا اليوم نعيش برخاء.
والدي بالإضافة الى أنه أديب وفنان وإنسان محب لعائلته وبلدته التي انتخبته رئيسًا للبلدية "بالتزكية" يعني لم يكن له منافس. لأنهم أحبوه لإخلاصه وعمله الدؤوب للمصلحة العامة. فهو الشخص الذي لم يسمع باسمه أحد إلا وقال عنه كلام جميل. أخلص لبلدته كأنها عائلته الثانية التي أحبها واعتبر نفسه وصيًا عليها.
كثيرًا ما كنت اسأل والدي لماذا تتعب نفسك بخدمة أهل البلد. ولا تخصص تلك الأوقات لكتاباتك التي اشتقنا لها في المدة الأخيرة.
كان يجيب بكل ما يمتلك من طيبة وحبه لأولاده وبالذات أنا التي اشبهه بطيبة القلب ومساعدة الغير حتى لو اضطررت بأن أضحي من وقتي من اجل أن أقدم مساعدة لإنسان يعز عليَّ.
يا ابنتي سعادة عندما يكون باستطاعتنا مساعدة الغير وكان لدينا الأدوات للمساعدة لماذا نتأخر.
في هذا الجواب أفحمني وجعلني أشعر بأني أمام بطل كنا نسمع عنه بالروايات.
ومن هنا وبهذا الزمن الرديء الذي نعيشه هذه الأيام لا بد أن أترحم على ايامك يا والدي.
صحيح يوجد وجوه كثيرة لكن الأصل واحد. وأنت يا والدي الأصل والباقي تزوير..
من هنا وهناك
-
ركن أبي إسلام | قصة قصيرة بقلم : محمد سليم أنقر مصاروة
-
قصة بعنوان ‘الخوف ان تفرغ البلاد من أهاليها‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة
-
‘ لقد أحببت الهاوية كثيرًا ‘ - بقلم : رانية مرجية
-
‘يُقْلِقُنِي فِي هَذهِ الأيّام ‘ - بقلم : الشاعر كمال إبراهيم
-
قصة بعنوان ‘الهروب العكسي‘ - بقلم: الكاتبة اسماء الياس من البعنة
-
قصيدة ‘من بعدِهَا القلب لا يصبو إلى أحد‘ - بقلم : الدكتور حاتم جوعية
-
همساتٌ إيمانيّة - بقلم : معين أبو عبيد
-
‘ حكايةُ لنا وطفلها ‘ - بقلم : أسامة شيخ علي
-
‘ الدِّيك وابن الحرام ‘ - قصة بقلم : سعيد نفاع
-
معهد أبي اسلام للتفوق | قصة بقلم: محمد سليم أنقر - الطيبة
أرسل خبرا