بلدان
فئات

20.03.2025

°
11:50
الشرطة تعود وتطلب المساعدة في البحث عن فتى من شقيب السلام فقدت اثاره من قبل رمضان
11:27
نصرات أبو ريا يستضيف أمسية في بيته بحضور شخصيات من سخنين ومنطقة الجليل
11:20
مائدة رمضانية تجمع طلاب وضيوف مدرسة الرؤى في منشية زبدة
11:05
بسبب استئناف الحرب : إلغاء نشاطات واحتفالات رمضانية في رهط، كابول، الطيبة، مجد الكروم وغيرها
10:59
الرئيس التنفيذي لشركة ‘إنفيديا‘: ثورة الروبوتات الشبيهة بالبشر أقرب مما نظن
10:58
سابقة قضائية : الحكم بالسجن 12 عاما ونصف العام على شاب من شقيب السلام ظَهَر بفيديوهات وهو يطلق النار
10:55
الحكومة تناقش اليوم قضية اقالة رئيس ‘الشاباك‘ – عائلات مختطفين : ‘نستهجن تأجيل جلسة الكابينيت‘
10:36
الجيش الإسرائيلي: يحظر الانتقال على محور صلاح الدين بين شمال قطاع غزة وجنوبه وبالعكس | مصادر فلسطينية : ‘عشرات الشهداء بنيران الجيش الاسرائيلي‘
10:14
المصادقة بالتمهيدية على قانون يقضي ‘بخصم أموال من السلطة الفلسطينية للتعويض عن سرقة سيارات نُقلت إلى المناطق الفلسطينية‘
09:56
النقب يكتب فصلا جديد من التميّز والتفوق : كوكبة من الأطباء الجدد تجتاز امتحان مزاولة مهنة الطب
09:28
الثلوج تعود وتكسو جبل الشيخ مجددا | فيديو وصور
09:12
ربيعة أمين خير عرايدة من المغار في ذمة الله
09:06
ضبط قرد محتجز بقفص في النقب وآخر في تل أبيب - الشرطة : ‘بالمجمل تم العثور على 16 قردا و 4 أشبال أسود‘ | فيديو وصور
08:56
إصابة عامل سقط من ارتفاع خلال عمله قرب بسمة طبعون
08:50
صفارات الانذار تُدوي اثر اطلاق الصاروخ من اليمن ووزير المالية يواصل خطابه : ‘كيف لا نسمع؟‘ | فيديو
08:45
مصرع رجل بحادث طرق في ايلات
08:41
بعد ساعات من المداولات وعلى وقع صفارات الإنذار : الهيئة العامة للكنيست تصادق على قانون التسويات تمهيدا للتصويت على ميزانية الدولة
08:41
تركيا تتحفظ على شركة البناء المملوكة لرئيس بلدية إسطنبول المعتقل
08:15
المجلس المحلي عرعرة النقب يستنكر الاعتداء على معلم قرب مدرسة الرازي الابتدائية
08:11
الحكواتية ريم حتحوت من عكا : ‘القصة ليست مجرد تسلية، بل وسيلة لنقل القيم والمبادئ‘
أسعار العملات
دينار اردني 5.17
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.76
فرنك سويسري 4.18
كيتر سويدي 0.36
يورو 4.01
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.35
كيتر دنماركي 0.54
دولار كندي 2.56
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.45
دولار امريكي 3.67
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-03-20
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.64
دينار أردني / شيكل 5.13
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.94
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.14
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.88
اخر تحديث 2025-03-10
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

المحامي زكي كمال يكتب : هل تتحوّل محنة الشرق الأوسط إلى منحة؟

28-02-2025 10:44:51 اخر تحديث: 28-02-2025 12:54:00

لم يكن اللقاء الذي استضافته العاصمة السعوديّة، الرياض، يوم الجمعة الماضي الحادي والعشرين من الشهر الحالي، بدعوة من وليّ العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعليّ للمملكة العربيّة السعوديّة، بمشاركيه وهم زعماء

المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت

دول مجلس التعاون الخليجيّ والأردن ومصر، لبحث الأوضاع في قطاع غزة خاصّة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لتهجير الفلسطينيّين من قطاع غزة، إضافة إلى بحث اليوم التالي، أو ما بعد انتهاء الحرب هناك، لم يكن لأوّل وهلة مختلفًا في ظاهره عن غيره من المؤتمرات العربيّة سواء كانت مؤتمرات القمّة التي تنتهي إلى قرارات تمت صياغتها، قبل أسبوع من انعقاد اللقاء عبر قمّة لوزراء الخارجيّة، أي أنه بيان دون نقاشات مستفيضة وحقيقيّة، وليس ذلك فحسب، بل إنها قرارات تصدر عن قادة لهم في بلادهم السلطة المطلقة والكلمة الأولى والأخيرة، وما بينهما وفي كافّة القضايا والمواضيع السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة الداخليّة وكذلك الخارجيّة بما فيها موقف دولهم من القضيّة الفلسطينيّة. وهو دور كان لهذه الدول ومنذ ثلاثينيّات القرن الماضي كلمة الفصل فيه، بدءًا من رفض الدول العربيّة القرار 181 وهو قرار التقسيم الذي نصّ على إقامة دولتين عربيّة!! ويهوديّة، وما تلاه من تطوّرات وصولًا إلى يومنا هذا، ورغم ذلك جاءت قرارات القمم العربيّة ومن ضمنها قمّة الرفض المعروفة باللاءات الثلاثة ، لا سلام ولا اعتراف ولا مفاوضات، والتي انعقدت في الخرطوم عقيمة وتصريحيّة، حتى يكاد يبدو لمن يقرأها أنها قمم غاب عنها السياسيّون وحضرها الكتّاب والإعلاميّون والمرشدون والموجّهون حتى جاءت قراراتها كلّها بصيغة مشابهة فهي تدعو وتؤكّد وتشير وتندّد وتحذّر وتعلن وتناشد دون قرارات حقيقيّة، وكأن المشاركون فيها نسوا مسؤوليّاتهم الأساسيّة، ودورهم التاريخيّ المحليّ والإقليميّ والعالميّ وامتلاكهم الصلاحيّات والموارد والوسائل اللازمة لاتّخاذ قرارات عمليّة وتنفيذها ومتابعتها واكتفوا بالتصريح والقول دون التحرّك والفعل، لكن وإن كان اللقاء قد تمّ وصفه بأنه " أخوي" أي أنه ليس رسميًّا دون بيانات ختاميّة، فإنه وربما بحكم الظروف والمستجدّات، أو "الفأس التي تكاد تقع في الرأس" وفي محاولة لمنعها، جاء ولأول مرّة مختلفًا كما رشح عنه من معلومات، حيث حمل رسائل عديدة لكافّة الأطراف التي شاركت فيه، وخاصّة تلك التي لم تشارك وفي مقدّمتها الطرف الفلسطينيّ خاصّة وأنه لم يشارك فيه أيّ مندوب فلسطينيّ سواء كان محسوبًا على السلطة الفلسطينيّة، أو "حماس" أو غيرها، وهنا بيت القصيد، إضافة إلى أمريكا - التي تمثل إسرائيل أيضًا - وأوروبا، واتضح أنه شهد بحثًا حقيقيًّا وصريحًا لمشروع عربيّ عمليّ لمواجهة دعوات التهجير الترامبيّة يشمل خطوات عمليّة على أرض الواقع وجدولًا زمنيًا ناهيك عن أنه يتطرق إلى الميزانيات اللازمة لتنفيذه، ويحدّد بشكل أوّلي مسؤوليّات كافّة الأطراف المشاركة فيه، ويحدّد معايير توفير وصرف الميزانيات ومصدرها وكلّها أموال عربيّة.

رسائل كثيرة يحملها اللقاء والذي شكّل تمهيدًا للقاء القمة العربيّة في الرابع من الشهر القادم، بعكس مؤتمرات القمة السابقة التي مهّد لها لقاء وزراء الخارجيّة، وفي هذا رسالة أيضًا، أولها وأهمها حاليًّا ومستقبلًا غياب والأصحّ تغييب أهل الشأن عنه وهم الطرف الفلسطينيّ سواء كان "حماس"، أو السلطة الفلسطينيّة. وهي رسالة ليست فقط للطرف الفلسطينيّ، وليست محصورة في قضيّة إعادة الإعمار والمرحلة التي سيتم فيها إدارة قطاع غزة من قبل لجنة وطنيّة فلسطينيّة، بل مرحلة ما بعدها خاصّة وأنه يسود الاتفاق على أن الولايات المتحدة لا تصرّ على التهجير، كما جاء مؤخّرًا على لسان رئيسها عرَّاب فكرة التهجير حين قال إنه لن يفرض الترحيل، أو التهجير، لكنّه يوصي به، أو يقترحه، أو يضعه على الطاولة، وينتظر خطّة عربية مبلورة وواضحة وقابلة للتنفيذ، وهو ما جاءت من أجله القمّة المبكرة، أو اللقاء الأخويّ، وهو ما ستقبله إسرائيل مضطرّة شرط أن تقبله أمريكا، بل إن التغييب، أو الغياب رسالة واضحة المعالم تؤكّد أن الدول العربيّة ومن باب إدراك قادتها، وأقول ذلك إيجابًا هذه المرة، بحقيقة ميزان القوى العالميّ وكون السياسة فنّ الممكن ورفضهم، وربما كجزء من مراجعة الذات والعبر التاريخيّة وقد أشرت إلى أحدها سابقًا، وهي رفض قرار التقسيم وخاصّة جزئه المتعلّق بإقامة دولة عربيّة (وليست فلسطينية وفق نصّ القرار 181)، المخاطرة بموقف تصريحيّ، وربما غوغائيّ يصبّ في خانة الخطابة والبلاغة وليس التنفيذ، يجعل أمريكا ترامب وهي الحاكم الوحيد للعالم اليوم، تسمح لإسرائيل بتنفيذ خطّة التهجير، ولذلك جاءت صيغة اللقاء ومضمونه وهويّة مشاركيه، لتقول إن الدول العربية تفهم، بل ربما تقبل، ولأول مرّة، أن لا تكون إدارة غزة بعد انتهاء الحرب فلسطينيّة تقليديّة، أي تديرها الفصائل الفلسطينيّة وعلى رأسها "حماس" أو السلطة (حركة فتح)، أو بكلمات أخرى، تدرك الدول العربيّة أن غزة بعد انتهاء الحرب وضمانًا لكون إعادة الإعمار عملًا يدوم، وليس لفترة قصيرة تعود الحرب بعدها، لن تُدار من قبل "حماس" ولا من قبل عباس، بل عبر قيادة فلسطينيّة تقبلها الأطراف وتحديدًا الدول الخليجيّة وفي مقدّمتها الإمارات والسعوديّة وتقبلها مصر والولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل، وبالتالي فإن التغييب المذكور والذي جعل "حماس" والسلطة غائبين تمامًا، يبرز جهة فلسطينيّة يمكن القول إنها الوحيدة التي كانت غائبة لكنها حاضرة وبقوة، وهي محمد دحلان الذي يتردّد اسمه كحلّ يضمن لغزة بعد الحرب قيادة فلسطينيّة ليست من "حماس" أو "فتح" التي أبعدت دحلان عن صفوفها لأسباب تضاربت حولها المواقف والتكهنات، أو السلطة، ما يعني سياسيًّا ودبلوماسيًّا إمساك الحبل من طرفيه، والاستجابة لمطالب يبدو أنها موضع إجماع أوروبيّ وأمريكيّ وعربيّ وربما بين أطياف واسعة من الفلسطينيّين، تشكّك بصحّة وجدوى هجمات السابع من أكتوبر ومنها تصريح القياديّ الحمساويّ نائب رئيس حماس في الخارج موسى أبو مرزوق، في مقابلة مع "نيويورك تايمز" والتي جاء فيها أنه لو كان يعلم بحجم الدمار الذي سينتج عن هجوم 7 أكتوبر 2023 لكان قد عارضه مضيفًا: "إن معرفة العواقب كانت ستجعل من المستحيل دعمه"، تمامًا كما جاء به في حينه حسن نصر الله بعد تدمير الضاحية الجنوبيّة في الحرب ما قبل أكتوبر 2023، وفوق كل ذلك رسالة هامّة على الشعب الفلسطينيّ أن يذكرها، مفادها أن بناء الدولة والكيان يمرّ أولًا وقبل كل شيء عبر سلطة واحدة وبرلمان واحد وقانون واحد والأهمّ سلاح واحد، وأن استمرار "الفصائليّة" الفلسطينيّة وتعدّد الأسلحة من سلطة "فتح" و"حماس" والجهاد الإسلاميّ، يمنع قيام كيان فلسطينيّ، وهذا بالفعل ما أفشل بناء كيان فلسطينيّ، بعد أوسلو خاصّة وأن الرئيس الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات لم يصرّ على قضية السلاح الواحد، كضمان للكيان المستقلّ، وهو ما كان قادة إسرائيل وفي مقدّمتهم دافيد بن غوريون قد تنبّهوا إليه قبل اقامتها، وهو ما تنبّه إليه اللبنانيون اليوم، وبعد نتائج الصدام المسلح الأخير بين إسرائيل وحركة "حزب الله" وتصفية معظم قياداتها والأضرار التي لحقت بلبنان والتي تقدر بقرابة 15 مليار دولار ، وهو ما تجلّى في خطاب الرئيس المنتخب جوزيف عون ورئيس حكومته نواف سلام، وأهمّ ملامحه هي انتشار الجيش اللبنانيّ جنوبي نهر الليطاني ضمن اتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وهذا رغم ما شهده موكب تشييع جثمان حسن نصر الله يوم الإثنين من هذا الأسبوع، هو أيضًا بمثابة رسالة كبيرة واستعراض القوة من قبل "حزب الله" وكأنهم يريدون القول إنه بالرغم من كل الضربات التي وجهتها إسرائيل للحزب والدمار الهائل الذي لحق بالكثير من المدن والبلدات في لبنان، خاصّة في الضاحية الجنوبيّة لبيروت وعدد القتلى الذي تكبده الحزب، إلا أنهم ما زالوا يجدّدون العهد لحزب الله وسلاحه.

لا مكان للتزمّت الدينيّ
اللقاء المذكور في الرياض، والذي لم يكن حاله مثل سابقيه من اللقاءات، والتي خلت، أو كادت تخلو من أيّ قرار، بل إنها عبارة عن بنود ونصوص لا تتعدى الإعلان عن الرأي وسرد الحيثيّات والتأكيد على الانتماءات القوميّة والدينيّة، وتحيّات التقدير والإكبار للشعب الفلسطينيّ كما تكرّر في كلّ القمم، جاء ليحمل رسائل واضحة للولايات المتحدة مفادها، ربما ولدوافع ستتكشف حقيقتها بعد سنوات ، أن الدول العربيّة على اختلافها وتفاوت مواقفها من الفلسطينيّين من حيث الدعم من جهة وشرعيّة مطالبهم من جهة أخرى، تريد للفلسطينيين البقاء في أرضهم، وبالتالي تحرّكت معًا لضمان ذلك، أو على الأقلّ طرح خطة لذلك، ولكل منها أسبابها التي تتراوح، وهذه الحقيقة ويجب قولها بصراحة، بين الغاية الحقيقيّة أي ضمان كيان فلسطينيّ مستقبليّ خاصّة وأن إمكانية وجود حكم فلسطينيّ في غزة ليس من "حماس" أو السلطة، بل ربما محمد دحلان، سيصبح نموذجًا يمكن تطبيقه في الضفة الغربيّة أيضًا، أو غاية في نفس يعقوب أي إبقاء الفلسطينيين في أرضهم منعًا لانتقالهم عنوة، أو عن طيب خاطر إلى دول عربيّة وربما أوروبيّة، ربما لها اعتباراتها السياسيّة الداخليّة، التي يخدمها بقاء الفلسطينيّين في بلادهم، وهي رسالة نصّها بشقّين الأوّل أن الدول العربيّة تريد تحويل المحنة في غزة الى منحة وذلك خلافًا لما كان سائدًا في عرف الدول العربيّة حتى العام 1977 واتفاقيّات السلام بين مصر واسرائيل، من تكريس وتجذير للنزاعات والخلافات خاصّة مع إسرائيل، وأنها تريد تحويل غزة إلى مكان ينهض من ركام الحرب إلى حقول التطوّر والتقدّم، وثانيها أن هذه الدول ترفض القبول، أو التسليم بأحلام تراود قادة إسرائيليّين كان بعضهم منبوذًا سياسيًّا إسرائيليًّا وعالميًّا حتى مطلع الألفيّة الحاليّة بسبب مواقفهم الترانسفيريّة والتهجيريّة، لكنهم أصبحوا جزءًا من السلطة وأصحاب القول الفصل حقيقة ولو لم يكن علنًا، ومنهم أحزاب المستوطنين وقياداتهم وخاصّة الوزير بتسلئيل سموتريتش الذي رفضت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة استقباله والوزير السابق إيتمار بن غفير، في رسالة واضحة معناها أن لا مكان للتزمّت الدينيّ وإعلاء شأن الأرض وجعل كافّة الأثمان ممكنة ومشروعة ومقبولة حتى لو كانت احتلال أراضي الغير وطرده أو منعه من العيش بأمان إلا بشروط تمييزية، وهي واحد من القواسم المشتركة للحركات الدينيّة التي تؤمن أن الأرض هي الأهم، وأن الحفاظ عليها، أو السيطرة عليها يبرر الحرب والقتل والموت والشهادة.

هذه الرسالة الأخيرة موجّهة للطرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ على حدّ سواء، وملخصها أن لا سلام ولا أمن ولا استقرار للمنطقة والعالم إذا تواصلت واستمرت ظاهرة الحركات المتزمّتة التي تعتبر الأرض وامتلاكها الهدف الأعلى والغاية الأغلى وتعتبر كافّة الأثمان طبيعية ومعقولة ومقبولة مقابلها، وهي ظاهرة تزداد خطورة إذا استندت إلى خطاب دينيّ ، لا يعترف بالحلول الوسط والتنازلات، بل يستدر العواطف ويغلّف التطرّف القوميّ بتعاليم دينيّة يتم تجييرها لأهداف سياسيّة بمعنى تسييس الدين، دون اعتبار لقيمة الإنسان كما جاء مؤخرًا في تصريحات للوزيرة من تيار المتدينين المستوطنين، أوريت ستروك التي أعلنت استعدادها للتضحية بعدد من الرهائن الإسرائيليّين مقابل إتمام السيطرة على قطاع غزة والنصر المطلق، باعتباره الوسيلة للسيطرة على قطاع غزة وإعادة الاستيطان فيه، وهو ديدن الحركات التوراتيّة الاستيطانيّة اليهوديّة، التي تتحدّث في العقود الثلاثة الأخيرة ومنذ اتفاقيّة أوسلو تحديدًا وخاصّةً، وازدادت منذ السابع من أكتوبر، والتي تعتقد كما صرّح الوزير سموتريتش "أن أرض إسرائيل الكبرى يجب أن تمتدّ من البحر إلى الأردن"، مضيفًا أنه يجب لذلك احتلال شرق الأردن، مدّعيًا أنه جاء في التوراة وتفسيرات الحاخامات، أي القادة الروحيين والدينيين لليهود، أن مستقبل القدس هو أن تمتدّ إلى دمشق، حدود إسرائيل يجب أن تمتدّ لتشمل دمشق، واعتقادهم التامّ بضرورة الوصول إلى أرض إسرائيل التوراتيّة والتي تشمل إضافة إلى إسرائيل والضفة الغربيّة وقطاع غزة 6 دول عربيّة هي سوريا ولبنان والأردن والعراق وجزء من مصر وجزء من السعوديّة، وتحقيق الحلم الصهيونيّ من النيل حتى الفرات وهي أرض إسرائيل الكبرى والتي كرّر عدد من ضباط الجيش الإسرائيليّ الحديث عنها في أشرطة تم تصويرها في قطاع غزة ، مؤكّدين أن سحق حركة "حماس" وإعادة احتلال غزة هي بداية " النهضة اليهوديّة" وهو حديث أشار إلى لبنان وجنوبه كجزء من أرض إسرائيل الكبرى، مستندين في ذلك إلى سفر التكوين اليهوديّ وفيه كما قالوا، وعد الله إبراهيم بالأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات، لتكون له ولنسله من بعده أي لليهود دون غيرهم أما الأغيار فلهم الخيار فإما العيش كمواطنين من الدرجة الثانية يدينون بالولاء للدولة التوراتيّة، أو الرحيل، أما ثمن ذلك فلا أهمية له حتى لو كان حروبًا متواصلة ودمويّة، يقتل فيها الجنود والمدنيّون، كما هي مطالبهم اليوم بما يتعلّق بالحرب في غزة واعترافهم أنهم (إيتمار بن غفير) أفشلوا صفقات لإطلاق سراح الرهائن، ممّا أدّى إلى موت بعضهم مفضلين على ذلك مواصلة الحرب، وهو يشبه من حيث المبدأ، أو المنطلق الدينيّ ما جاء في ميثاق حركة "حماس" من اعتبار فلسطين كلها وقف إسلاميّ خالص لا حقّ لغير المسلمين فيه، وإذا أرادوا العيش فعليهم الولاء ليبقى من أعلن ذلك فقط، واعتبارها، كما جاء في الميثاق، أرضًا أعلى الإسلام مكانتها، ورفع لها مقامَها، وبسط فيها روحَه وقيمه العادلة، وأسّس لعقيدة الدفاع عنها وتحصينها، وبالتالي، ووفق البند الثالث والعشرين والرابع والعشرين منه، فإن تحريرها واجب الشعب الفلسطينيّ بصفة خاصّة، وواجب الأمّة العربيّة والإسلاميّة بصفة عامّة، وهو أيضًا مسؤوليّة إنسانيّة وفق مقتضيّات الحقّ والعدل. وإنَّ دوائر العمل لفلسطين سواء كانت وطنيّة أم عربيّة أم إسلاميّة أم إنسانيّة هي دوائر متكاملة متناغمة، لا تعارض بينها، ولذلك، وكما جاء في الميثاق، فحتى "إن تباعدت الحلقات وحالت دون مواصلة الجهاد العقباتُ التي يضعها الدائرون في فلك الصهيونيّة في وجه المجاهدين، فإن حركة المقاومة الإسلاميّة تتطلّع إلى تحقيق وعد الله مهما طال الزمن"، بمعنى أن تستمر الحرب حتى يتم تحرير الأرض، ورفع راية الجهاد، بينما تنصّ المادة الثالثة عشرة منه على أن "المبادرات، وما يسمى بالحلول السلميّة والمؤتمرات الدوليّة لحلّ القضيّة الفلسطينيّة تتعارض مع عقيدة حركة المقاومة الإسلاميّة، فالتفريط في أي جزء من فلسطين تفريط في جزء من الدين، فوطنيّة حركة المقاومة الإسلاميّة جزء من دينها"، فأمامنا هنا توجّهان يجعلان من الحرب والنزاع حول الأرض حربًا دينيّة لا مجال فيها للتنازلات أو الحلول الوسط، فإما نحن أو هم، بغضّ النظر عن الثمن الإنسانيّ والاقتصاديّ وغيره.

وانطلاقًا من صحّة القاعدة التي تندرج ضمن عوالم الإدارة، من أن كل محنة هي منحة وكلّ ضائقة هي فرصة للنهوض من جديد ، فإن الوضع الحاليّ، واضافة إلى قضية إعادة إعمار غزة وادارتها من قبل طرف فلسطينيّ غير محسوب على الفصائل الفلسطينيّة يحظى بالقبول ويضمن الإعمار والهدوء والأمن والرفاه، فإنها ونظرًا لتزايد الحديث عن تطبيع، أو اتفاق سلام بين السعوديّة وإسرائيل تشترطه السعوديّة بكيان فلسطينيّ، وتطبيع تريده إسرائيل أكثر من أي وقت مضى وربما يريده نتنياهو وترامب بكل ثمن، فإنها محنة قد تشكّل منحةً لإحياء مبادرة السلام العربيّة التي قدّمتها السعودية خلال القمّة العربيّة في بيروت في آذار 2002، والتي تنصّ على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربيّة المحتلة منذ عام 1967، حتى خط الرابع من يونيو، حزيران 1967، والتوصّل إلى حلٍّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيّين يتّفق عليه وفقًا لقرار الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة رقم 194، وقبول قيام دولة فلسطينيّة مستقلّة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينيّة المحتلة منذ الرابع من حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكون عاصمتها القدس الشرقيّة، وبالمقابل تعتبر الدول العربيّة النزاع العربيّ-الإسرائيليّ منتهيًا، عبر اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، وإنشاء علاقات طبيعيّة مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.

أحسنوا الظن، فحسن الظن أفضل بكثير من سوئه
خلاصة القول: نحن أمام محنة قد تصبح منحة ، أو بإمكان القيادات والشعوب جعلها كذلك، تكون نهايتها إعادة إعمار واستتباب الأمن والهدوء وحياة من العيش الكريم والسلام لكافّة شعوب المنطقة واعتراف بحقّ الآخرين في العيش بسلام، وإقامة كيانين فلسطينيّ واسرائيليّ يعيشان جنبًا إلى جنب مع مراجعة الشعبين لحساباتهما ومواقفهما ومنع تلك التي كانت السبب في مآسي الماضي وحروبه وويلاته، هذا إذا قبلت جميع الأطراف ما سيتمخض عن القمّة العربيّة في الرابع من آذار وما إذا كان ذلك خطة واضحة المعالم والمراحل، قابلة للتنفيذ وليس شعارات ومواقف أقرب إلى الإنشاء منها إلى الواقع، وقد تبقى محنة وتسوء وتتفاقم وتبقي المنطقة على شفا الهاوية، إذا أفشلتها عادات الماضي ونهج القمم العربيّة السابقة التي لم تسمن ولم تغنِ من جوع، أو إذا أفشلها تمسّك اليمين المتطرّف في إسرائيل بحلم أرض إسرائيل الكبرى وحركة "حماس" بمقاليد السلطة في غزة اليوم والسلطة فيها بعد الإعمار، وفكرة تحرير كافّة فلسطينيّ عبر الجهاد كوصيّة ربانيّة وجزء من الدين، واعتبار الطرفين الأرض، وهي الغاية والهدف، أهمّ من حياة الإنسان ورفاهيته، وأهمّ من سلامته ويمكن التضحية بها باعتبار ذلك الوسيلة، أو الرصاصة لتحقيق الهدف، بمعنى جعل الغاية تبرر الوسيلة، وجعل الهدف مقدّسًا بغضّ النظر عن الثمن ، متناسين القول : "عندما تكون الرصاصة (الوسيلة وهي الإنسان هنا) أغلى من الهدف (الأرض كلّها كاملة غير منقوصة)، تراجع عن فكرة الانتقام، وللمتزمّتين دينيًّا وسياسيًّا نقول: "أحسنوا الظن، فحسن الظن أفضل بكثير من سوئه".

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك