المحامي سعيد حاج يحيى -تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
وتبدَّدت فيه التطلعات، وتجلى العجز بأوضح صوره. فأي تغييرٍ شهدناه؟ وأين ذهبت تلك الشعارات البراقة التي بشّرتنا بنقلةٍ نوعية في إدارة البلدية؟
لقد كشفت الإدارة الحالية عن افتقارها إلى الرؤية المهنية والتخطيط الاستراتيجي، فقراراتها تتخذ بعشوائيةٍ، بلا دراسةٍ أو تمحيص، مما جعل العمل البلدي يتخبط في مسارٍ ضبابي، بلا بوصلةٍ تهديه نحو خدمة المواطن. والأدهى من ذلك أن المناصب الإدارية أُسنِدت إلى أشخاصٍ لا يملكون الحد الأدنى من الكفاءة والخبرة، في وقتٍ تحتاج فيه الطيبة إلى عقولٍ مدربةٍ وسواعدٍ قادرةٍ على النهوض بها. فكيف يُعقل أن يُعيَّن مدير عام للبلدية من خارج المدينة، وهو لا يمتلك المؤهلات اللازمة لهذا المنصب الحساس؟ أي رسالةٍ تُوجَّه لأبناء الطيبة حين يُستقدم مسؤولٌ من الخارج، وكأن مدينتهم عقيمةٌ، غير قادرةٍ على إنجاب رجالٍ أكفاء قادرين على تولي زمام الأمور بجدارة؟
ولم يكن هذا القرار الوحيد الذي عكس التخبط والفشل، فقد صُدم أهالي الطيبة بإغلاق إحدى المدارس، وترك طلابها في العراء دون أي إنذارٍ مسبق، وكأن العملية التعليمية مسألةٌ هامشيةٌ يمكن العبث بها بلا رادع. أي استهتارٍ هذا بمستقبل أبنائنا؟ وأي إدارةٍ هذه التي تعجز حتى عن التعامل مع ملف التعليم بأدنى درجات المهنية والاهتمام؟
وما يزيد المشهد قتامةً أن أصحاب القرار اختاروا الانسحاب من الشارع والانفصال عن نبض الناس، فلم يعودوا يعايشون هموم المواطن اليومية، ولم يصغوا إلى صوته. تجاهلوا حتى أولئك الذين وقفوا إلى جانبهم، مؤمنين بإمكانية الإصلاح، وضيّقوا دوائرهم حتى لم يعد يُسمع فيها إلا صدى أصواتهم. أما المواطن، الذي علق آماله على تغييرٍ ملموس، فلم ينل حتى أبسط حقوقه؛ فلا شوارع تُعبَّد، ولا نفايات تُرفع، ولا خدمات تُؤدى كما ينبغي، وكأننا ما زلنا ندور في دوامة الإهمال واللامبالاة التي أثقلت كاهل الطيبة وأهلها لسنوات.
إنَّ إدارة المدينة لا يمكن أن تكتمل دون تأييد شعبي، فمَن يحكم دون التفاف الناس حوله، يحكم على نفسه بالعزلة والفشل. لقد منحناك ثقتنا إيمانًا بالتغيير، لكنك كنت دون مستوى التوقعات، والتاريخ لن يرحم من يخيب آمال أبناء بلده. ومع ذلك، فإن إيماننا بالطيبة لا يتزعزع، فهي تستحق الأفضل، وعجلة الإصلاح يمكن أن تتحرك من جديد إن توفرت الإرادة الحقيقية. وكما قال الشاعر:
"إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر"
فلعل هذا الصوت الصادق الذي نرفعه اليوم يكون جرس إنذارٍ يوقظ الضمائر، ويعيد البوصلة إلى مسارها الصحيح، قبل أن يفوت الأوان.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il