وقالت عبير عبد الحليم في مستهل حديثها لقناة هلا : "نحن نمر بفترة صعبة للغاية، حيث ما زلنا نعيش تداعيات الحرب، ونواجه حالة ضبابية وأزمة كبيرة على الصعيد الأمني، السياسي، والاقتصادي. التوتر العام يؤثر علينا بشكل كبير، سواء كأطفال أو كبالغين، حيث نعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف والاكتئاب. حتى مع فترات التهدئة، لم نصل إلى حالة من الاستقرار أو السلام، بل ما زلنا في حالة تأهب نفسي وجسدي وكأننا ننتظر حدثًا آخر. هذا يؤثر علينا في جميع جوانب حياتنا".
الأطفال في مواجهة الأزمة
وتشير عبد الحليم إلى أن الأطفال ليسوا بمعزل عن هذه التأثيرات، وتضيف: "ما نعيشه ينعكس على أطفالنا، وسلوكياتنا ككبار تؤثر عليهم بشكل مباشر. إذا لم نفسر لهم الأمور بطريقة صحيحة وشفافة، دون تهوين أو تهويل، فإن ذلك قد يؤدي إلى شعورهم بالخوف وعدم الفهم، مما يخلق لديهم أزمات نفسية مثل القلق، التبول اللاإرادي، الاكتئاب، أو حتى العنف. نلاحظ أيضًا تزايد الانطواء الاجتماعي، الاعتماد المفرط على الشاشات، واضطرابات النوم، وكلها انعكاسات طبيعية للقلق والتوتر الذي يعيشونه".
ازدياد الطلب على الدعم النفسي
حول مدى إقبال المجتمع على طلب المساعدة النفسية، تؤكد عبد الحليم: "نشهد ازديادًا ملحوظًا في طلب المساعدة النفسية، وهو أمر إيجابي يدل على انفتاح المجتمع على العلاج النفسي. غالبية الحالات التي تصلنا تتعلق بالقلق، الاكتئاب، والوسواس القهري، وجميعها تنبع من فقدان السيطرة على الأحداث من حولنا. يحاول البعض تعويض هذا الشعور من خلال سيناريوهات ذهنية سلبية متكررة، أو من خلال تصرفات قهرية مثل الترتيب المفرط، الإغلاق، والنظافة الزائدة. للأسف، لا يلجأ معظم الأشخاص للعلاج النفسي في مراحله الأولية، بل بعد تفاقم الأعراض وتحولها إلى حالات معقدة تتطلب تدخلاً طبياً ونفسياً مكثفًا".
ضرورة كسر وصمة العار حول العلاج النفسي
تشدد عبد الحليم على ضرورة تجاوز الوصمة المجتمعية المرتبطة بالعلاج النفسي، قائلة: "لا يزال مجتمعنا يرى في المرض النفسي عيبًا أو ضعفًا، في حين أنه مثل أي مرض جسدي آخر. الاضطرابات النفسية قد تنجم عن تغيرات بيولوجية وكيميائية في الدماغ، ولا علاقة لها بقوة الشخصية أو الإيمان. من الضروري تعزيز الوعي بأن طلب الدعم النفسي أمر طبيعي، خاصة أننا نعيش في ظل أزمات متكررة تؤثر على صحتنا النفسية".
الوقاية وتعزيز الحصانة النفسية
تختم عبد الحليم حديثها برسالة مهمة: "علينا أن نهتم بصحتنا النفسية، كأفراد وكعائلات، من خلال تعزيز الدعم النفسي، والانخراط في أنشطة تفريغية، والتعبير عن مشاعرنا بدلاً من كبتها. الحديث عن ضغوطنا ومخاوفنا يساعدنا على مواجهتها بدلاً من تفاقمها. بناء مجتمع يتمتع بصحة نفسية جيدة سينعكس إيجابًا على جميع نواحي الحياة".