يوسف أبو جعفر - صورة شخصية
ولكن لو تأملنا جيدًا ما نحن فيه لوجدنا أن الأمر قد بدأ صغيرًا وقررنا نحن أن نرضى بالخطأ ولذلك تمادى صاحب الخطأ ولم يجد من يردعه وربما سُعدنا في فترة بإنجاز الفرد المخطئ.
وحتى لو يكون الكلام فلسفياً مثال ذلك السارق، السائق المتهور، المتنمر والمجرم، كل هؤلاء يبدأون صغارًا ويكبرون مع الزمن، فالسارق الصغير يصبح محترفًا والسائق المتهور قد يودي بحياة المارة، والمتنمر قد يتحول مع الزمن إلى مجرم، كل هذا في غياب الردع والعقوبة والمصيبة الأكبر أننا قسمنا المنفعة والمضرة ليس فقط بالمنفذ بل بالحق الخاص والعام.
كل القضايا التي في الصالح العام في البداية لا تهمنا ولا تؤرق بالنا، لا نهتم بها، ولذلك عندما نختار شخصًا غير مناسب لأي مهمة في بداية الأمر قد تعطي مجموعة كبيرة التأييد والدعم وربما نقسم بالله أنه افضل الموجود وخير الحلول وهذه الحالة موجودة محليًا وقطريًا وعالميًا في الشرق، ألم يقسم جنرالات سوريًا أن الأسد هو القائد المفدى؟ ألم يدافع قادة طوائف لبنان عن قيادتهم واختياراتهم تحت شعار التقسيم السياسي؟ ألم ندافع عن كل مدير مدرسة ومديرة روضة ومساعدة رياض أطفال وندعم ذلك بقوة؟ ألم نرضى أن يتعدى البعض على الأرض العامة ونسكت؟ كل هذه الأسئلة تحمل أيضًا مكان علامات السؤال علامات استفهام!
الحقيقة المرة أننا تعودنا اللصوص الصغار وعندما كبروا ازدادت الشهية، وكبر اللص وكبرت الغنيمة، ولذلك وراء كل لص كبير لص صغير، ووراء كل أسد كبير شبل ما زال يلعب في الحي، هكذا دون خجل صفقنا في الماضي ولذلك سنصفق في الحاضر.
بين اللصوص والأسود مشترك كبير يسمى الصالح العام ، مقدرات الدولة والمجتمع، عندما تصبح هذه الأخيرة من حق القوي وصاحب السلطة ذلك إيذان بأن القادم أصعب.
الموضوع لا يحدث في الدول بل في المجتمعات الصغيرة، فهذه نقطة مصغرة من الدولة، ولذلك النظم الشرقية التي تدعي الديمقراطية هي في الأساس تؤمن بأن الشعب أو المجتمع يجب أن يختار مرة واحدة ثم يحق له أن يعيد الاختيار نفسه كل المرات القادمة، ولا يهم الشخص إنما المنظومة لمن أراد أن ينقض نظريتي.
لص كبير أسد كبير كليهما واقع نحن من صنعه، ربما خوفنا السبب، ربما تدخل أجنبي أو حكومي، ولكن عند حدوث ذلك سلمنا بالأمر يفعل بنا ما يشاء لا نحاول تغيير الواقع قيد أنملة وربما صفق المستفيدون والمنتفعون كل الطريق وربما يلبسون أجمل البدلات ولكنهم في النهاية لصوص.
ما العمل إذا؟
ما فعله الثوار ضد نظام الظلم الأسد لم يأت من فراغ، والشاهد على الظلم الروايات والأشخاص المغيبين، لذلك على كل الأحرار أن يدركوا أن من مات في الطريق ومن سُجن ومن عذب كل هؤلاء جزء من الصراع، كذلك نحن هنا وما نواجهه من تحديات نعيشها اليوم نقف على مسافة واحدة من هذا الواقع، الإجرام المنظم، العنف المستشري، التنمر، عدم الأمن والاستقرار هو قرارنا نحن في المقام الأول لأنها حياتنا ومستقبل مجتمعنا، علينا أن نقرر وقف اللصوص الكبار والصغار وليس ضرب الصغار على اليد وترك الكبار يفعلون ما يشاؤون.
وحتى نلتقي، اللصوص بيننا ولن يختفوا من عالمنا، ولكن لنعلم يقينًا أننا نحن الذين نقرر كيف سيكون مستقبلهم، خلف القضبان أم سيتحولون إلى حكام، اللصوص الذين سيصبحون أسودًا إذا تركنا لهم الحبل على الغارب، إذا لم نقف سدًا منيعًا في وجوههم، وهنا لا بد من الإشارة أن الأمر بحاجة إلى تضحية فلا يعتقد أحداً أن الأمر سيكون ببساطة رحلة أعلان خارطة طريق ثم نتوقف، لا بد دون الشهد من أبر النحل قالها أبو الطيب المتنبي منذ زمن بعيد، لذلك احذروا أن تجعلوا من لص صغير أسدًا بصمتكم وخوفكم، توقفوا وقفوا في وجه الظلم فغدًا ستشرق الشمس من جديد.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il