يوسف ابو جعفر - صورة شخصية
هل تغيرنا، هل نحن جزء من خماسية عبد الرحمن منيف، ماذا حدانا؟ ما الذي أخذنا من موسم الطيبة والصبر والهدوء وكل الأشياء الجميلة نحو الضجيج؟ نحو عالم قيمه بدأت سهلة وكأنها جاءت لتشعرنا بالأمل فإذا هي تبتعد عن الطريق، قد يكون رأيًا شخصيًا ولكني أشاهد بأم عيني كل صباح كيف هربنا من شارع المحبة والألفة نحو التسارع والحقد والكراهية، نحو المادية التي تكاد تكون البحتة، نحو قيم غريبة لعقول غريبة في زمن غريب.
هل بدأ الصدع؟ وماذا ننتظر هل من يريد رأب الصدع؟ أم التغني يوميًا بالوهم المستقبلي الأفضل والأهم وكل الواوات التي تحمل في طياتها كلامًا طيبًا ولا تحتوي على فعل يؤثر، على فعل يغير.
التصدع يا سادة أودى بكثير قبلنا نحو حافة المنحدر قلة استطاعت العودة، وقسم أخر هوى وما زال يحاول العودة لكن دون جدوى، قيمنا تغيرت ولو تحدث الجميع عن الطيب في داخلنا ولكنه طيبٌ فردي أو جمعي غير مؤثر على المدى البعيد.
" مقدمة مبهمة "
قد يقول البعض ما هذه المقدمة المبهمة، أقول له قف على ناصية الطريق، أنظر حولك وقل لي ماذا ترى! أي مجتمع نحن وإلى أين نريد السير، ماذا يهم إذا كانت لنا بيوت وسيارات وعمارات وأعراس وكل ما نريد ولكن دون طمأنينة لليوم وللغد، الخوف يسكن قلوب الأمهات، الذعر يسكن عقول الأطفال وكل الأمراض النفسية والجسدية تهيمن على حياتنا دون أن ندرك وجودها. تعودنا ألألم والحزن، تعودنا ترتيب الكلمات، تعودنا الحديث المنمق وليس الحقيقي، تعودنا كل شيء سوى أن نقول الحقيقة ببساطة.
أي مدينة عربية تنام دون إطلاق رصاص؟ أي مجتمع يتفحص صباحًا ومساءً حالته وأفراده، إذا ما زالوا أو غادروا؟ أي مجتمع في قلق على أفراده في الشارع والملعب والمدرسة؟ إن القلق الذي يصاحبنا تعدى حدوده الطبيعية، تعدى كل شيء.
ما العنف يا سادة إلا الظاهرة وليس المرض، المرض الحقيقي هو أننا تغيرنا بفعل فاعل أو قل بدافع من فاعل أو برغبة منا، ولذلك عندما نحاول علاج الظواهر لن يختفي المرض، ربما تخف وطأته ولكنه يبقى وقد يعود بقوة، تغيرت قيمنا في كل شيء في المعاملات في العدل في الانصاف في حلول المشاكل، في طرح الأفكار، استحوذ علينا شيء من الجنون، شيء فيه قيمة الإنسان تتدهور نحو الحضيض وإلا ما الذي يحدث لنا! كيف أصبحنا نرى فقط أن الحلول وحيدة، أن المظاهر والأنا هي الأهم، أن المال هو الوسيلة الوحيدة، أن العلم يشترى والمنصب أهم من الحقيقة، وأن وحدة الدم فقط تعني الدفاع عن المجموعة العرقية، عن المجموعة الصغيرة.
ليست كل الطرق تؤدي إلى روما، فروما التي نريد هي الوادعة الجميلة المحبة الهادئة، ولذلك نحن نعاني الأمرين، إن أي مجتمع يتخلى عن عقيدته وقيمه سيضل الطريق، ونحن خرجنا عن المسار، لا أريد أن أحرج أحدًا ولكننا أصبحنا لا نشبه أحدًا في القيم فلا نحن بقينا في الشرق، ولا نحن في مركب الغرب، هكذا من المحيط إلى الخليج فلا الإسلام يحكم ولا العلمانية أو القومية ترسم وتقرر، نحن مزيج لا ينفع لشيء.
وحتى نلتقي، قد أكون أثقلت عليكم بكلماتي التي تبدو وكأنها منزوعة من السياق، سوى أني أطالبكم أن تتوقفوا اليوم الجمعة واستمعوا وأنظروا إلى ما تشاهدون وقولوا لي أنتم ماذا ترون؟ لمن نتبع، ما هي القيم التي عليها نعيش وهل هي مجرد كلمات فقط دون معنى أو أن هناك من يعتبرها القلب النابض إذا اختفت توقف القلب.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il