د. سمير محاميد - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
تزيد وتتسعُ رقعتَها يومًا بعد يوم، تحتاج منا إلى وقفةٍ وانتباهٍ وتحذيرٍ وأخذ الحيطة والحذر والوقاية، حتى لا نندم، ولاتَ حينَ مندمِ، خاصةً أنّ الظاهرةَ تتعلق بأدوية، من عائلة المورفين والهيروين تحديدًا، مسكّنات الأوجاع والآلام ذات الخطورة العالية للإدمان، مثل البركوست، اوكسيكود وفنتانيل ".
وأضاف في ظلّ التعديلات والتسهيلات الأخيرة في القوانين المتعلقة ببيع الأدوية، وفي عصرٍ يتّسمُ بتزايد الضغوط النفسية والاجتماعية والتوتّرات اليومية الحياتية، يعاني العديد من الأشخاص، خاصة جيل الشباب منهم، من آلامٍ جسديةٍ ونفسيةٍ تدفعهم للبحث عن حلول سريعة، ومن بين هذه الحلول، تبرز مسكّنات الآلام الخطيرة كخيارٍ شائعٍ وملاذٍ لهؤلاء الشباب، كون الإنسان يشعر بزهوٍ ونشوةٍ زائفةٍ كأحد الاعراض الجانبية لهذه الأدوية، وهناك قابلية متصاعدة للإدمان على هذه الأدوية، ما يسمى "Tolerance "، التعوُّد الجسماني على الدواء"، لدى حصول التعلّق الجسدي والنفسي بهذه الأدوية، مما يؤدي إلى تطوير الاعتماد الجسدي والنفسي على هذا الدواء، مع الإشارة أنّ التعلقَ بهذه الأدوية والإدمان عليها هو أسرع بكثير من الإدمان على أمور أخرى، وأحيانا يحتاج الشخص لنحو ثلاثة أشهر فقط للتعلّق والتمسّك بهذه الأدوية، ثم حصول الإدمان بعد ذلك. يجب أن ندرك أن الاستخدام غير المنضبط لهذه الأدوية يمكن أن يؤدّي إلى مخاطر جسيمة، الإدمان أحدها. ومن الممكن أيضا أن تتسبب مسكّنات الآلام الكثيرة في آثار صحيّة جانبية متعددة، مثل مشاكل في الجهاز الهضمي، اضطرابات في النوم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ".
" تجارة في الأدوية "
واسترسل د. محاميد قائلا :" ليس هذا فحسب، بل إنّ الأمرَ تعدّى إلى أبعد من ذلك، وبدأت ظاهرة التجارة بهذه الأدوية من قبل أطراف وأناس يتاجرون بها ويبيعونها كسلعة لأشخاص تصل بهم درجة الإدمان إلى فقدان وكبت المشاعر والأحاسيس، تؤدي بهم في النهاية إلى مآلات لا تحمد عقباها.إن هذه الظاهرة بدأت تدخلُ مجتمعَنا بكل أسف، نتيجةً لعدم التوعية الكافية بهذا الشأن، وبخطورة هذا الأمر، وعليه فإننا نتوجّه بهذا الصدد إلى كل من له علاقة بهذا الامر، من صناديق مرضى وعيادات مختلفة، أطباء، صيادلة، مستشاري مدارس، بضرورة توعية الطلاب، الأهالي، الشباب، بخطورة هذا الأمر، وتعزيز الوعي حول مخاطر الإدمان على الأدوية، وتعليم الشباب كيفية إدارة الألم بطرق سليمة، آمنة وصحيّة، والحثّ على العلاج لدى المختصين والمهنيين من الأطباء، ولدى الخدمات الاجتماعية – وحدة نهضة لعلاج كل أنواع الإدمانات: القمار، الكحول، المخدرات.لكلّ هذا يا أهلنا وجبَ علينا التنبيه والتحذير، والتوعية بهذا الأمر وبهذا الخطر، ليس من باب التخويف، بل من باب الإحاطة بالشيء والعلم به والوقاية منه، والعمل على تطويقه قبل انتشاره، ووخزة الضمير قبل الندم. كما اننا في بلدية ام الفحم سنبادر لتنظيم يومٍ دراسيٍ شاملٍ حول هذا الموضوع، نحيط بكافة جوانبه، خصوصًا جانب الوقاية والعلاج، بمشاركة مختصين ومهنيين بهذه المجالات، ودعوة أصحاب الشأن والعلاقة. ختامًا، فإنّ الكتابةَ عن هذا الموضوع وطرحنا له، جاء في أعقاب عددٍ من التوجّهات من أهلنا الغيورين والحريصين، وبعد مشاورة أهل العلم والاختصاص بهذه المواضيع ".