مع نزول الغيث فهو رمز الخير والبركة، وأنا منهم…ولكن! هذه الغيوم السوداء المتلبدة فوق رؤوس الناس، وهذه العواصف والرياح التي تقلع مساكن الضعفاء والمعثرين والكادحين ، وقسوة البرد والثلج التي تجمد أطرافهم .. كلها أسباب كفيلة وهزات في النفس تثير الحساب ، ونطرح الأسئلة لانفسنا .. ما العمل ؟
هل اكون أنانياً؟! وانام ملىء جفوني تحت الغطاء الثقيل ،والسقف المتين ،وعلى الفراش الوثير ، والطعام الساخن اللذيذ … وان لا استشعر بمعاناة الذين يلتحفون السماء ،ويحضنون التراب، ويتمرغون الطين، ولا يجدون ما يأكلون.. ولكن كيف سأدعي الايمان او الإنسانية او الاخلاق او المروءة بعد ذلك؟! لاني اكون بهذا فقدتها بالتمام والكمال، وكنت من اصحاب القلوب القاسية حاشا لله!.
قد جعل الله تعالى لنا نافذة وباب، نافذة نطل منها إلى أمل الاخرة ، وباب ندخل منه الحياة للخروج من الباب المقابل، وبين البابين انت! - وما انت فاعل - ان خير فخير ، وان شر فلا تلومنّ إلا نفسك.
كل صاحب نفس طيبة وروح طاهرة يشق عليها استقبال فرح في لجج الاحزان والالام التي حلّت بأناسٍ لا حول لهم ولا قوة إلا بالله، وغلّقت الإنسانية عنهم كل النوافذ والأبواب ، فنحزن لأجلهم أيّما حزن!
هل دمرت الماديّة فينا كل جميل؟
هل القوة اصبحت هي عنوان الحق؟
مصلحة مَن ان نعيش في كوكب اضمحلت فيه الإنسانية والرحمة؟.
مَن قال ان الدمار يجلب السعادة ؟
وكيف بعد هذا سيكتب الأدباء الأدب ، والشعراء القصائد ، ويشطح الفلاسفة في الفكر ؟!
لست أدري ! حجم الكارثة التي سنصل اليه إذا لم نغير مفاهيم اورثتنا السلوكيات الهمجية والبربرية بوحشيتها وتخلفها! لا أعلم سوى أن أبواق اللاإنسانية التي تزداد أكثر فأكثر في هذا العالم الذي يحكمه قانون الغاب لن يجلب لا امان ،ولا رفاهية، ولا سعادة… لأي نوع من البشر!
أيقظوا الإنسانيّة والرحمة في نفوسكم التي طال سباتها .. قبل فوات الاوان.