مئير بن شبات يكتب : رغم الحرب في غزة - اتقاقيات السلام الإسرائيلية العربية تواصل نموها
* أبرز النقاط في المقال: بدون عناوين في وسائل الإعلام ورغم الحرب، اتقاقيات السلام الإسرائيلية العربية تواصل نموها. الحرب خلقت فرصا تجارية وفتحت ممرات تلتف على المشاكل الأمنية في لبنان وفي البحر الأحمر.
مئير بن شبات - تصوير: (Photo by KARIM SAHIB/AFP via Getty Images)
- التوغل الإيراني إلى السودان يستلزم اتخاذ خطوات طارئة من أجل صده.
- الاحتمالية لتحقيق التطبيع مع السعودية لم تتلقص وهذا هو الأمر بما يخص دولا أخرى تنتظر الوقت المناسب, في ظل الحرب متعددة الساحات الدائرة والانتخابات الرئاسية الأمريكية.*
إن الحرب المروعة التي فرضت علينا في 7 أكتوبر لم تضع على المحك قوة إسرائيل العسكرية ومتانتها الوطنية فحسب، بل أيضا علاقاتها مع جيرانها، ومع العالم العربي والإسلامي. وتحول المؤتمر الطارئ لقادة هذه الدول، الذي انعقد في السعودية في الشهر الأول من الحرب، إلى مظاهرة لفظية لدعم الفلسطينيين. مع تزايد الإجراءات الإسرائيلية في قطاع غزة، تزايدت أيضا المخاوف على مستقبل السلام ومصير "اتفاقيات إبراهيم" التي شهدت خلال فترة قصيرة وباء الكورونا واهتزازات أمنية واضطرابات سياسية ولم تعرف طعم الروتين المستقر.
ورغم الظروف الصعبة، هذه المرة أيضاً تم استبدال علامات الاستفهام بعلامة تعجب. وظلت العلاقة قوية حتى في مواجهة الحملة المناهضة لإسرائيل والصور التي بثت من غزة المدمرة. وباستثناء السودان الذي هزته الحرب الأهلية، فإن الاستقرار قائم في كافة الساحات الأخرى، وكذلك التفاؤل بشأن انضمام السعودية ودول أخرى إلى دائرة السلام الاقليمي.
لقد تلقى السلام مع جيراننا العقلانيين ضربة قاسية من جيراننا غير العقلانيين، لكنه ظل قويا. في بداية الحرب، أشارت دول " اتفاقيات إبراهيم " إلى نيتها الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل وعدم السماح لحماس بتخريب ذلك أيضًا. كانت هذه الدول من أوائل من أدانوا حماس علناً بسبب الهجوم الوحشي الذي شنته هذه المنظمة الإرهابية على إسرائيل خلال عيد "سمحات توراة". ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد التقى برئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ على هامش مؤتمر المناخ في دبي. كما أجرى وزراء الاقتصاد والطاقة والشؤون الاستراتيجية الإسرائيليون زيارات علنية واجتمعوا مع نظرائهم في هذه الدول. وشارك رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلية في القمة التي عقدت في البحرين، فيما زار وفد من الحاخامات الإسرائيليين المغرب.
وصرح وزير التجارة الإماراتي ووزير المالية البحريني بأنهما يعتزمان مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه، أشاد رئيس البعثة المغربية في إسرائيل، في مقابلات أجراها مع وسائل الإعلام، بالتعاون بين البلدين.
أعلن معهد التكنولوجيا والأبحاث في الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي في التخنيون في حيفا، ووقعت الحكومة المغربية صفقة مع صناعة الطيران الإسرائيلية لشراء قمر صناعي بقيمة مليار دولار.
وفي حين ألغت معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل، كانت شركتا فلاي دبي والاتحاد الإماراتية من بين شركات الطيران الوحيدة في العالم التي واصلت رحلاتها إلى إسرائيل.
" التجارة استمرت بالزيادة "
ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن التجارة بين إسرائيل ودول " الاتفاقيات الإبراهيمية " استمرت في الزيادة بشكل ملحوظ. وبحسب التقرير الذي نشره مؤخراً معهد اتفاقيات السلام الإبراهيمي فإن في النصف الأول من عام 2024، كانت هناك زيادة بنسبة 7% في رقعة التجارة الإسرائيلية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وزيادة بنسبة 709% في التجارة مع البحرين، وزيادة بنسبة 64% في التجارة مع المغرب وزيادة التجارة مع مصر بنسبة 53%. هذه الأرقام مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي وهي تعكس تقدما كبيرا في العلاقات الاقتصادية مع أصدقائنا في المنطقة.
إن مثل هذه الزيادة الكبيرة في حجم التجارة المتبادلة في وقت نشوب حرب متعددة الساحات تزيد من حالة عدم اليقين في المنطقة، وهي ليست أمرا طبيعيا. ومن العبث أن أحد العوامل التي ساهمت في ذلك يتعلق بالحرب.
وفي الماضي القريب، كانت الشركات الأوروبية ترسل شحناتها من البضائع إلى دول الخليج عبر مرفأ بيروت. وصلت هذه البضائع عبر البحر الأبيض المتوسط، وتم تحميلها في مرفأ بيروت على متن شاحنات كانت تنقلت\ها من لبنان عبر سوريا إلى دول الخليج. ولكن بسبب الحرب الأهلية في سوريا وبعد تصاعد الصراع مع حزب الله في لبنان، انخفض استخدام هذا الطريق خلال العقد الماضي.
وكان الطريق البديل المفضل يمتد من مصر إلى دول الخليج عبر قناة السويس والبحر الأحمر. ولكن بسبب الوضع الأمني، حتى هذا الطريق أصبح إشكاليا. وأدت تهديدات الحوثيين وتصرفاتهم في البحر الأحمر إلى إغلاق جزء كبير من حركة الملاحة البحرية المدنية في هذا المسار.
وهكذا، أصبح الطريق البري عبر إسرائيل الطريق التجاري الأكثر أمانًا بين أوروبا وآسيا. وما كان مستحيلاً قبل الاتفاقيات الإبراهيمية بسبب المقاطعة العربية لإسرائيل، أصبح الطريق المفضل والأكثر جدوى.
وفي الأشهر الأخيرة، تزايد حجم الشحنات البضائع التي تمر عبر معبر الشيخ حسين بين إسرائيل والأردن، وعبر معبر نيتسانا بين إسرائيل ومصر. وتؤكد الاختناقات المرورية والازدحام المروري على المعابر الحدودية الصورة التي تظهر من المعطيات الجافة، والتي تشير إلى أنه على الرغم من الحرب، النشاط التجاري يستمر كالمعتاد.
لإسرائيل مصلحة واضحة في الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي وتطوير التجارة على طول هذا الطريق. وتحقيقا لهذه الغاية، سيتعين عليها أولا وقبل كل شيء توسيع البنية التحتية في المعابر الحدودية والموانئ، بما في ذلك زيادة عدد العاملين هناك وتمديد ساعات عملهم. وسيكون من الصواب إقناع الأردن بالموافقة على هذا الجهد (الذي سيستفيد أيضا من ثماره) من أجل تشجيع زيادة رقعة التجارة وتحسين طرق نقل البضائع.
" الاستيراد من مصادر اخرى "
وتتيح الأزمة في العلاقات مع تركيا فرصة لتوسيع الاستيراد من مصادر أخرى في المنطقة - ومن مصر بشكل رئيسي. وبسبب التهديد الذي يشكله الحوثيون في البحر الأحمر، هناك عدد أقل من الصادرات المصرية في قناة السويس. ويعاني الاقتصاد المصري من أزمة خطيرة لكنه يستطيع تحسينه من خلال توسيع رقعة التجارة البرية مع إسرائيل. ويعد نقل البضائع عبر إسرائيل الطريقة الأكثر أمانًا لمصر لتصدير المنتجات شرقًا إلى الخليج وآسيا.
يجب على إسرائيل استكمال التوقيع على اتفاقيات تجارة حرة مع البحرين والمغرب ومصر والأردن, مثل الاتفاقية التي قد وقعت بين إسرائيل والإمارات. وحتى لو كان التوقيت لذلك غير مناسب بسبب الحرب, من الصواب استكمال المفاوضات حول ذلك تمهيدا لليوم الذي يصبح فيه هذا الأمر ممكنا. وتتطلب التطورات في السودان من إسرائيل والولايات المتحدة اتخاذ إجراءات دبلوماسية طارئة لوقف النفوذ الإيراني الذي تزايد في هذه المنطقة، في أعقاب الحرب الأهلية وبعد تأخر التقدم في اتفاقيات أبراهام لنحو عام ونصف. وتدور حرب دامية في السودان بين جيش الحاكم العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حميدتي الذي حاول الانقلاب عليه.
وقد شخصت إيران هذه التطورات كفرصة لغرس مخالبها في السودان، وبدأت بتزويد رجال الحاكم العسكري البرهان بطائرات مسيرة، حيث كان البرهان سابقا من حمل التقارب مع إسرائيل على ظهره. ولم يكن توجهه إلى طهران بمثابة تعاطف معها، ولكنه قام بذلك بسبب قلة الأسلحة والوسائل الحربية التي كانت بحوزة قواته.
ومن وجهة نظر إيران، يعتبر السودان ذخراً استراتيجياً في ضوء موقعه الجغرافي الذي يمكن أن يمنح طهران قاعدة عملياتية مهمة إزاء شواطئ البحر الأحمر والمملكة العربية السعودية ومصر وسيناء وقطاع غزة وإسرائيل من جهة, وإزاء الدول الأفريقية من جهة أخرى.
" سلسلة من الخطوات "
إسرائيل مطالبة باتخاذ سلسلة طويلة من الخطوات لتعميق العلاقات وإضافة المزيد من الدول. فرص التوصل إلى اتفاق مع السعودية لم تتضاءل. وينطبق الشيء نفسه على البلدان الأخرى المرغوب في انضمامها إلى دائرة السلام الاقليمية. جميع هذه الدول تنتظر "الوقت المناسب"، في ظل الحرب متعددة الساحات الدائرة والانتخابات الرئاسية الأميركية. بطريقة أو بأخرى، حتى في ظل الحرب، تظهر الحقائق على الأرض أن دول اتفاقيات إبراهيم لا تزال تسعى إلى تطوير وتعميق علاقاتها مع إسرائيل في العديد من المجالات.
* كاتب المقال : رئيس معهد مسغاف لأبحاث الأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il
من هنا وهناك
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : ما يجري في الدوحة ؟
-
قراء في كتاب ‘عرب الـ 48 والهويّة الممزّقة بين الشعار والممارسة‘ للكاتب المحامي سعيد نفاع
-
مركز التأقلم في الحولة: نظرة عن الحياة البرية في الشمال
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - نحن ولست أنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : سيفعل المتزمّت دينيًّا وسياسيًّا أيّ شيء للحفاظ على عرشه!
-
د. جمال زحالقة يكتب : زيارة بلينكن لإسرائيل - بين العمليات العسكرية والانتخابات الأمريكية
-
مقال: بين أروقة المدارس ( المخفي أعظم ) - بقلم : د. محمود علي
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : حتى نلتقي - ستشرق الشمس
-
المحامي زكي كمال يكتب : الحروب الآنيّة بين الاعتبارات العسكريّة وهوس الكرامة القوميّة
-
وداعًا أستاذ فتحي - بقلم : أ. مأمون ادريس عبد القادر
التعقيبات