تصوير : نبيل ابو نقولا
في كاتدرائية مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا، حيث غصت الكاتدرائية بالمصلين، وفي مقدمتهم كهنة الرعايا، الشمامسة، وشخصيات المجتمع الحيفاوي والعربي من كافة قرى ومدن الجليل. واستقبلت سيادته في مدخل الكاتدرائية سرية كشافة الروم الكاثوليك الأولى في حيفا، ودخل محفوفا بالكهنة إلى الكنيسة، وقد ردد المصلون الترانيم الخاصة، مع جوق الترنيم الكنسي في حيفا بقيادة أمال ذياب.
وفي عظته تناول سيادة المطران متى " النواحي الروحية لخدمة مشيئة الله، كما جاءت في الإنجيل المقدس في هذا النهار "، وقال: " يستعمل السيد المسيح طرقا عجيبة للدعوة، لا نفهمها في وقتها، ولكن لاحقا، لآنها تقاس بمقياس محبة الله للإنسان، وسعيه في التفتيش عنه ". وأضاف: " إن سيرورة التبشير التي اتبعها السيد المسيح، جعلته يصل إلى كافة الشرائح في الشعب، فكان يطوف في الجليل كله.. جاء يسوع إلى وطنه، إلى بلادنا في تضاريسها المختلفة، قرانا في السهل والجبل والبحر والمرج. وهذه دعوتنا اليوم أن ننطلق على مثاله في البشارة ".
" دعوتنا أصبحت تتركز في مسار المحافظة على ما بقي من وجودنا المسيحي "
ومضى المطران متى يقول: " نعم، ارتبطت دعوتنا في الكنيسة مع حمل الصليب، بمسيرات شاقة، مع متغيرات العالم وتقلبات الأزمان، وسارت بالأحداث العالمية والمحلية، التي بغالبيتها اليوم، تقاوم ملكوت الله، وتنتهج أساليب القسوة وتصلّب القلب، والانغلاق أمام نداء الرب، وعدم الاستجابة للنعمة المعطاة لنا، متفكرين فقط بالأمور الشخصية، وأمور العالم المادية. واليوم استفحلت الحروب في العالم أجمع وفي بلادنا خاصة، ونرى دعوتنا أصبحت تتركز في مسار المحافظة على ما بقي من وجودنا المسيحي، وهذا هو الحمل الأكبر اليوم. فما إن خرجنا من الكورونا نلملم الجراح النفسية والاجتماعية حتى فوجئنا باندلاع الحرب، حرب السلاح وحرب العنف، حرب المصالح والقتل، ويقلقنا ما نراه من القصف وقتل الأبرياء من كل الأطراف، والتهجير والهجرة، وسائر الأحداث والإسقاطات والنتائج، التي تنعكس سلبا على إيقاع الحياة، فنعود للعيش في ظروف التوتر والخوف والتأهب لما هو أسوأ، ونترقب اليوم التالي ".
وتابع المطران متى : " في ظل هذه التحديات، تطفو مجددا أزمة الوجود المسيحي في هذا الوطن المقدس، فقد تفاقم هذا التهديد جراء الشعور بعدم الأمان وعدم الاهتمام المحلي والدولي والمنظمات العالمية بنا، لأن التمييز الحاصل من السلطات، إن كان عن معرفة أو جهل أو تجاهل، فهو يندرج بالتمييز والعنصرية، وإن كان في التوظيف والإسكان والتعليم، ولن نستكين رغم المحاولات الكثيرة، إلى أن نبلغ حقنا الأساسي كمواطنين مسالمين مُعطين لهذا البلد في كافة المجالات والمرافق، لا سيما المؤسسة التعليمية كما في كل الكنائس. لأن مؤسساتنا التعليمية ومدارسنا الكنسية تعاني من قلة التمويل والدعم الحكومي. ويتبع لكل هذا موضوع المحافظة على الهوية والثقافة والتربية المسيحية، على التاريخ المسيحي وارتباطنا نحن بهذه الأرض المقدسة، فنحن أبناء هذه الأرض ولسنا مستوردين من الخارج ".
وباختتام القداس، أشاد الإيكونيموس إلياس العبد النائب الأسقفي العام بالإنجازات التي تمت في عهد سيادة المطران متى، وخدمته المقدسة والرؤيا المخلصة لمستقبل الأبرشية. ثم استقبل سيادته المهنئين في قاعة الكاتدرائية .