هكذا في نبضة قلب، أو في غياب تلك النبضة... والأشخاص الذين فقدوا عزيزاً تميّزهم نظرة معينة تُرى على وجوههم ، نظرة قد لا يدركها سوى أولئك الذين قد ارتدوا هذه النظرة ورأوها على وجوههم .
سهير غزاوي غانم ، راموية الأصل وتعيش في المغار مع أولادها الثلاثة ، حيث كان بيت زوجها الذي قتل بجريمة قتل ثنائية راح ضحيتها هو وشقيقها ، حيث كانا معا في نفس السيارة عندما تعرضا لاطلاق نار كثيف أودى بحياتهما .
سهير قلبت هذه المحنة الى منحة ، وتابعت مسيرتها في الحياة لتربية أولادها أفضل تربية ولتصبح ناشطة اجتماعية يميزها العطاء ومساعدة الغير .
مراسل موقع بانيت وصحيفة بانوراما التقى سهير في لقاء مؤثر جدا لم يكن خاليا من القوة ، والبسمات ولكن أيضا الدموع ..
وعرفت سهير عن نفسها بالقول : " أنا سهير غانم من المغار أصلي من الرامة من عائلة غزاوي ، أم في عائلة أُحاديّة الوالديّة ولدي ثلاثة أولاد ، الكبير في الصف العاشر اسمه نادر ولدي توأم ايدي وآدم " .
وقالت سهير الحاصلة على ألقاب جامعية في عدة مواضيع أنها " تعمل في لجنة التخطيط والبناء في مدينة كرمئيل مسؤولة عن طلبات الطابو ولديها محل خاص في يركا للصبايا والنساء ، وعضو في منظمات محلية وعالمية تدافع عن حقوق الانسان " .
تحديات وصعوبات
وعن التحديات والصعوبات التي واجهتها كأم في عائلة أُحاديّة الوالديّة ، قالت سهير : " واجهتني الكثير من التحديات والصعوبات خصوصا في البداية ، أهمها التغيير في الوضع المادي وأيضا المجتمع الذي لا يرحم ، فقسم كبير بدل ان يدعم المرأة التي في أمسّ الحاجة للدعم يحاول تدميرها أكثر " .
وعن فقدانها لزوجها وشقيقها ، أوضحت سهير : " الفقدان أمر صعب جدا وأنا فقدت أخي وزوجي في نفس اللحظة ، وهذا كان بمثابة صدمة شديدة لا أتمناها لأحد حتى لعدوي لا أتمناها ، فقد قتل زوجي وأخي باطلاق نار حين كانا معا في السيارة" .
" المصيبة كبيرة جدا والأمر صعب لا يمكن تخيله "
وعن كيفية تلقيها الخبر ، قالت: " كنت في طريقي الى مستشفى صفد انا وزوجة أخي فتلقيت مكالمة هاتفية من قريب للعائلة الذي قال لي بان زوجي وأخي تعرضا لاطلاق نار ، وعندما سألته اذا اصيبا قال لي لقد توفيا ، فأوقفت السيارة مدخل مستشفى صفد وطلبت من الله أن يلهمني الصبر وطلبت من حراس الامن ان يعتنيا بزوجة اخي التي كانت حاملا وزوجها قُتل للتو " .
وتابعت : " المصيبة كبيرة جدا والأمر صعب لا يمكن تخيله ، والحادث أوجعني جدا ولكن الحمد لله هذا هو المكتوب من الله تعالى " .
وأضافت سهير : " أريد أن أوجه كلمة لكل من فقد عزيزا على قلبه ، وأقول يجب ان تسامحوا وتنسوا لكي تستطيعوا اكمال الطريق ، يجب اخراج الحزن والناس السلبيين من حياتكم ، ويجب التفكير بايجابيات والايمان بالله وأن تؤمنوا بانفسكم ، هناك أشخاص يدعمون ويجب ان تنسوا الألم والتفكير فقط بالأمور الإيجابية التي وهبها الله لنا " .
" واجب كل انسان أن يعطي دون مقابل "
وأكدت سهير : " عندما حدثت الجريمة كان ابني نادر في الصف الأول والتوأم بالحضانة ، وكل ما أردته في تلك الفترة ان احضن اولادي وان يناموا بجانبي حيث لم استوعب في البداية ما حدث ، وصحيح اني وضعت فترة للحزن ولكن تقبلت ما حدث فهو مكتوب من عند الله ، وقلت بانني لا يجب ان أيأس بل يجب ان أستمر في الحياة التي فيها ما يستحق ، واحتراما لزوجي الذي توفي يجب ان أربي اولادي أحسن تربية وأن أعلمهم وأجعلهم يتقدمون في المجتمع " .
وأوضحت سهير بان الفقدان زاد العطاء لديها ، وقالت : " وصلت الى وضع فهمت خلاله بان الله ارسل الانسان الى الدنيا لنعطي وبدون مقابل ، وانا اعطي كثيرا وهذا واجب كل انسان بان يعطي دون مقابل " .
وعن المحيط القريب منها ، قالت : " بالنسبة للمحيط القريب كان هناك قسم داعم معنويا وليس ماديا لاني لا اقبل أي مساعدة مادية من احد ، ولكن هناك قسم آخر حاول ايذائي وبالنسبة للاصدقاء والصديقات كانوا داعمين لي في كل شيء " .
وحول من هو المذنب بما حدث ، أكدت سهير : " كل الأطراف مذنبة ، الشرطة مذنبة ، رجال الدين أيضا وعائلتنا والعائلة الثانية والمجتمع ، وأكبر مذنب هي الشرطة ولكني مسامحة من قلبي ، مسامحة جميع الاطراف مع اني لا أعرف من ارتكب الجريمة ولكني مسامحة فلدي 3 أولاد أريد تربيتهم تربية صالحة واذا لم اسامح فان هذا الامر سيؤثر على اولادي ويؤذيهم ، انا مسامحة من قلبي " .
" لدي مشاريع مستقبلية ستكون خارج البلاد "
وعن الطاقات التي بداخلها قالت : " انا امتد طاقاتي من الله تعالى ، ويوجد لدي مشاريع مستقبلية ستكون خارج البلاد ولكن لا أريد التطرق اليها في الوقت الراهن " .
وعن حلمها ، قالت سهير : " أنا لا أؤمن بالاحلام واشعر بان الانسان الذي يحلم هو الانسان الضعيف ، انا اضع هدف امامي واصل اليه وأنا أرى نفسي بعد خمس سنوات مستقرة خارج البلاد ، وبالرغم من اني املك الجنسية الكندية الا انني أرى نفسي في الامارات ، أبو ظبي ، وذلك لان الامارات مفتوحة لكل دول العالم والشعب متواضع ويحب ان يعطي لكل العالم وليس فقط لبلده " .
ووجهت سهير كلمة للمجتمع ، قالت فيها : " خفوا عن العالم ، خفوا عن الضعيف فانا أحاول دائما دعم الضعيف حتى في عملي " .
أما للمرأة فقالت : " المرأة كل العالم ، هي قوية وتستطيع الوصول الى كل مكان وأقول لها تقدمي وضعي امامك اهدافا وكوني قوية " .
وأنهت سهير اللقاء بكلمة لاولادها قالت خلالها انها " تحبهم جدا ومتعلقة بهم وانهم أقوياء ، وطلبت منهم ان يبقوا كما تريدهم وكما ارادهم المرحوم والدهم " .
وقالت سهير موجهة كلمة للمرحومين زوجيها وشقيقها وهي باكية : " رحمكما الله ، انا مستمرة في نفس الطريق التي أردتما وأحببتما أن أسلكها ، وأربي اولادي افضل تربية " .