المحامي زكي كمال - تصوير: موقع بانيت وقناة هلا
وتنعدم فيها الرؤية الثاقبة والواضحة، وهو ما تؤكّده أكثر من غيره قضايا عديدة منها "صناعة المصطلحات"، أو السعي وراء مصطلحات، أو تسميات لأهداف الحرب ما أنزل الله بها من سلطان، يدرك من يطلقها قبل غيره وأكثر من غيره، أنها غير قابلة للتنفيذ، بل مستحيلة التنفيذ، لكنّها تأتي لأهداف بعضها سياسيّ وملخصه إرضاء الناخبين والمؤيّدين وإسكات المعارضين، عبر شعارات قريبة إلى الغوغائيّة والدعاية الانتخابيّة، وإرضاء الإعلام الذي ما زال يصرّ على فتح موجات البثّ المتواصلة التي تستوجب دعوة السياسيّين الحاليّين والسابقين وكذلك الضباط السابقين، والمحلّلين والمعلّقين. وكلّهم يلتزمون، بقدرة قادر، بتكرار الخطّ الرسميّ الذي يريد المزيد ممّا كان حتى الآن، أي المزيد من القصف والاجتياح البريّ، ما يوقع القتلى والضحايا لدى الطرفين، دون أن يتمكن أيّ منهم من تحديد الأهداف النهائيّة للحرب، بل يواصل استخدام شعارات تصريحيّة غير قابلة للتحقيق، ودون عرض أيّ تصوّر لما " بعد الحرب"، وهذا ما سنعود إليه لاحقًا، فهو تعبير ربما الأشد والأوضح على ما يميّز هذه الحرب من سطحيّة في التعاطي معها سياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا وجماهيريًّا، رغم أن الحرب على الأرض والبيانات الرسميّة الصادرة عن الحكومة والجيش تعيد نفسها مرّة تلو الأخرى دون حديث حقيقيّ عن إنجازات تبلغ حدّ الاستراتيجيّة، ولا تتوقّف عند التكتيكيّة، وإيجاد الذرائع لمواصلة الحرب درءًا للمحاسبة بعدها، والحاجة إلى تقديم الشرح للمواطنين ودفع فاتورة الحرب، في تفسير لفحوى ومضمون ما أسماه الجنرال الألمانيّ كارل فان كلاوسفتز، ثالوثيّة الحرب، وهي الجهات الثلاث التي تحكم علاقتها الحرب وصورتها ومجرياتها، بل تحدّد مدتها، وهي ثلاثيّة الحكومة والشعب والجيش، فالتوافق بينها، أو "وحدة الموقف" تعني بشكل شبه مؤكّد انصياع الحكومة ( السلطة السياسيّة)، لأهواء الشعب ورغباته، وهي رغبات تتّسم هذه المرة، وبإجماع غريب وغير مسبوق في الشارع الإسرائيليّ، بضرورة تلقين "حماس" درسًا لن تنساه، وإصرار على تحويل شعار سياسيّ إلى هدف استراتيجيّ يعرف الجميع أنه بعيد المنال، بينما يؤدّي اختلاف المواقف بين مركّباتها الثلاثة، إلى تقصير حالة الحرب ومدّتها، أو استمراريّتها، خاصّة إذا كان الجيش الذي هو صاحب الكلمة الفصل عسكريًّا خاصّة في الدول الديمقراطيّة، ويملك القدرة والجرأة على عرض موقف يعارض، أو يناقض موقف الجهات السياسيّة من جهة، ولا يتماشى والرغبات الجماهيريّة والشعبيّة، بل الشعبويّة، كما تعكسه صفحات ووسائل التواصل الاجتماعيّ الزاخرة بالتوصيّات العملياتيّة للجيش بمواصلة عمليّاته، بل زيادة حدّتها. وهو ما يبدو غير ممكن في ظلّ الأوضاع الحاليّة والحرب الحاليّة، خاصّة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار، سيل الاتهامات التي توجّه للجيش، ليس فقط بسبب الفشل الاستخباراتيّ، الذي تكشّفت ملامحه في السابع من أكتوبر، بل بسبب ما لصق بقادته وجنود الاحتياط والمتطوّعين فيه، من اتهامات بكونهم يساريّين يتضامنون مع المحتجّين ضدّ الانقلاب القضائيّ الذي بادر إليه بنيامين نتنياهو ووزرائه خاصّة ياريف ليفين، وفي ظلّ حكومة حاول رئيسها تكريس كون السلطة السياسيّة السلطة الوحيدة الأقوى، وصاحبة الغلبة خاصّة على الجهاز القضائيّ، أو السلطة القضائيّة وصولًا إلى حالة تشبه هنغاريا وبولندا من حيث كون الحكومة اليوم تقترب من الحكم الفرديّ، بكل ما يتعلّق بالحرب واحتمالات وقفها، أو اتفاقيّات تبادل للرهائن من جهة، والعلاقة مع الولايات المتحدة من جهة أخرى، وبالتالي يمكن لرئيس الحكومة مواصلة الحرب ربما دون قيود، وهو ما يؤكّد الجميع أنه ربما ما يريده.
ما سبق يتطرّق إلى كافّة مجريات الحرب الحاليّة ومصطلحاتها. وهي مصطلحات ينتهي استخدام بعضها بانتهاء الحرب، ليبقى النقاش حولها، في أفضل الحالات خافتًا وفلسفيًّا، لكنّ السطحيّة في التعاطي مع هذه الحرب أكثر من غيرها، تتجلّى في مصطلح "ما بعد الحرب" الذي يتكرّر على ألسنة الصحفيّين والمعلّقين، ويتردّد عشرات المرات يوميًّا في ستوديوهات التلفزة، ومن على صفحات الصحف ومواقع الإنترنت وأثير الإذاعات، فاستخدامه والتعاطي معه يثير أسئلة عديدة وقاسية حول مدى فهم القيادات السياسيّة في كافّة الأطراف المتحاربة لتبعات الحرب، وما بعدها من خطوات إعادة الإعمار والترميم، أو إعادة الحياة إلى ما كانت عليه سابقًا، كما حدث أكثر من مرة في قطاع غزة، واعتقادها قصدًا وعمدًا دون شكّ وبالأحرى تعمّدها، حصر هذا المصطلح في الجانب المادّي والبنيويّ، أو إعادة إعمار البنايات والبنى التحتيّة، وإقناع العامّة أن هذا هو الأهمّ، وبالتالي يدور الحديث في غزة وعلى الصعيدين الرسميّ والشعبيّ، عن أن المباني التي هدمها القصف يمكن إعادة بنائها، وكذلك الطرقات والجسور والبنى التحتيّة، وأن المهمّ هو عدم السماح لإسرائيل بتحقيق الانتصار على حركة "حماس" وعدم المسّ بقياداتها، وفي إسرائيل يتحدّثون عن ما بعد الحرب على الصعيد الداخليّ، باستخدام تعبيرات تتطرّق إلى إعادة بناء المستوطنات التي تمّ إخلاؤها وإعادة فتح المصانع هناك، والعودة إلى الإنتاج الزراعيّ، وتعويض أصحاب المصالح التجاريّة والعمال عن الأضرار الماديّة التي لحقت بهم حتى الحرب، أو خلال الحرب فقط ، متناسين الحقيقة العلميّة والتاريخيّة المؤلمة أن مجالات إعادة الإعمار بعد انتهاء الحروب ، لا تقتصر فقط على الإعمار الماديّ، أي إعادة بناء ما تضرّر من البيئة المبنيّة على اختلاف أنواعها، وإعادة ترميم البنى التحتيّة من الشوارع وشبكات الماء والكهرباء والمؤسسات الصحيّة وغيرها، وكلّها إعادة إعمار سريعة، بل شبه فوريّة تبدو نتائجها، وتظهر على الأرض على شاكلة بنايات جديدة، وأحياء عصريّة تحلّ محلّ الركام والأطلال .
كما شهدت غزة عدّة مرات عبر إعادة بناء المساكن الخاصّة والمباني العامّة التي تم هدمها، وتعبيد الطرق التي تضرّرت، بل تصل جوانب أخرى من الحياة منها إعادة البناء الاقتصاديّ والاجتماعيّ والتنظيميّ والنفسيّ وغير ذلك من مقوّمات المجتمعات الإنسانيّة، وهو تجاهل مقصود في معظم الحالات، عندما يدور الحديث عن إعادة إعمار تدوم سنوات وسنوات دون نهاية، وتبقى آثارها ماثلة لعقود طويلة، عبر هدم المرافق الاقتصاديّة ووقف عجلة الإنتاج والتصدير وفقدان القدرة الشرائيّة للمواطنين، وهو أمر قد يصل إلى تحويل دول كانت غنيّة ومزدهرة اقتصاديًّا وأكاديميًّا والعراق مثال على ذلك، إلى بلاد ودول فقيرة ومعدمة يسودها التطرّف الدينيّ والتطرّف الاجتماعيّ، بمعنى أن إعادة إعمار المباني والبنى التحتيّة وما فوق الأرض ، لم يؤدِّ إلى تحسين الأوضاع هناك، بل بقيت البلاد والدول كالعراق وأفغانستان ولبنان واليمن والسودان وسوريا وغزة وغيرها، مدمّرة كليًّا ترزح شعوبها تحت مشاعر ومسبّبات ومظاهر اليأس والإحباط والمعاناة وخيبة الأمل من أيّ مستقبل يضمن رغبة الشعوب في الحياة، وذلك بفعل تركيز الولايات المتحدة والقوى الدوليّة والإقليميّة وخاصّة الدول الخليجيّة على الاقتصاد والأمن فقط دون غيرهما، وبالتالي لم تؤدِّ إعادة الإعمار الى تنمية حقيقيّة أيًّا كانت، بل أنتجت نظمًا دكتاتوريّة قادت مجتمعاتها إلى مزيد من العنف، وفي مقدّمتها تكريس آثار الحرب الأضرار الجسديّة والنفسيّة التي يعانيها الأطفال والبالغون، إضافة إلى الفقر وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الاقتصاديّ، والأمراض النفسيّة والاجتماعيّة، وصدمات الحرب هي المسبّب الأوّل لها. وملخّص القول أن تكرار مصطلح ما بعد الحرب، أو الإعمار بعد الحرب، أو بعد المآسي والآفات ومنها الكورونا التي اجتاحت العالم قبل ثلاثة أعوام والكوارث الطبيعيّة، كالزلازل والفيضانات والحروب الأهليّة وبين الدول طبعًا، يخطئ الهدف في معظم الأحيان خاصّة، وأنه يركِّز على إعمار الحجر بدل إعمار البشر، وبدل إعطاء الأفضليّة، أو المساواة التامّة لإعمار البشر وليس الحجر أو الشجر فحسب، فنتائج الحروب والنزاعات المسلّحة وغياب سلطة القانون، أو تقزيمها واستشراء العنف، وهو نوع خطير من الإرهاب المدنيّ، يحمل أبعادًا كارثيّة ويشكّل عاملًا يعطِّل التنمية، ويمنع التطوّر، وله تأثيرات نفسيّة واجتماعيّة خطيرة خاصّةً على أفراد الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال، وبالتالي يمنع إعادة بناء الإنسان، ويحدّ من قدراته على العمل والدراسة الأكاديميّة وتحسين وضعه الاقتصاديّ وكلّها عوامل تمنع توفير شروط الحياة الكريمة والحرّة له على المدى البعيد، حتى وإن توفّر المسكن والشارع والمبانيّ العامّة. فالإنسان هو الأهمّ، وهذا ما كشفته أبحاث أكّدت أن إعادة بناء الإنسان والبشر بعد الأزمات وقبلها، هو مبدأ يجب أن تتّبعه الحكومات والقيادات إذا ما كانت فعلًا تعمل لمصلحة مواطنيها والمصلحة العامّة، وليس لمصالح سياسيّة فرديّة، أو حزبيّة، ومصالح اقتصاديّة لجماعات ومجموعات احتكاريّة، انطلاقًا من الحقيقة القائلة إن إعمار البشر وضمان حقوقه وتوفير إمكانيّات العمل والتعليم والتقدّم الأكاديميّ، ليست شعارات مدنيّة، بل إنها الضمان لأمور عديدة منها عدم تكرار الحروب، كما كان الحال في إعادة إعمار ألمانيا واليابان بعد الحرب العالميّة الثانية، والذي اعتمد مبادئ تعزيز الإنتاج والاقتصاد والتقنيات والصناعة والتجارة، ودعم التعليم في مختلف المراحل وحتى التعليم الجامعيّ، انطلاقًا من معطيات مؤكّدة ، تقول إن إعادة إعمار البشر كما سبق وبضمنها العلم والتعليم الأكاديميّ، وما يليه من تحسين للوضع الاقتصاديّ وإمكانيّات العمل هو السبيل للخروج من الحروب ومنع تكرارها، كما أنه السبيل الأمثل، وأحيانًا الوحيد للخروج من الأزمات السياسيّة والأمنيّة والصحيّة، ومنها مثلًا جائحة كورونا (كوفيد- 19) وتبعاتها الاجتماعيّة والاقتصاديّة. وهذا ما أكّدته دراسات البروفيسور الأمريكيّ في الاقتصاد، أنجوس ديتون الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، عام 2015، وهو من مواليد أدينبورغ في أسكتلندا، وخريج جامعة كمبريدج بدرجة الدكتوراة عام 1975، ونشط بشكل بارز في جامعة برنستون الأمريكيّة منذ عام 1983، الذي يؤكّد ضرورة إعمار البشر والاستثمار في رفع مستوى حياة الناس ليس فقط الماديّة والمعيشيّة، بل بالأساس الاجتماعيّة والنفسيّة والعلميّة الأكاديميّة. ويؤكّد إنَّ نيل شهادة جامعيّة يسهم في تحسن المستوى المعيشيّ لدى 90% من العائلات صاحبة الدخل المحدود، أو الفقيرة ماديًّا، ومن جانب آخر، فإنَّ عدم نيل شهادة يسبّب أضرارًا خطيرة لا يمكن تفاديها، تصل حدّ المسّ بمعدلات الحياة، أو عدد السنوات التي يعيشها الإنسان، أي معدل أعمار الناس، وهذا صحيح في كافّة القضايا المتعلّقة بإعادة الإعمار بعد الأزمات العالميّة العسكريّة منها والصحيّة والاجتماعيّة وغيرها، وبالتالي يحذّر البروفيسور أنجوس ديتون الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد ومؤلّف كتاب "وفيّات اليأس ومستقبل الرأسماليّة"، من خطوات حكوميّة محليّة، أو إقليميّة، أو عالميّة لا تضمن آفاق المستقبل أكاديميًّا ،أي ضمان التعليم الجامعيّ، باعتبارها تزيد من حالة اليأس خاصّة بين الشباب والجيل الصاعد وبين المواطنين كلّهم عامة، مؤكّدًا أنّ عدد الوفيات الناتجة عن اليأس بين الشباب الذين لم ينالوا شهادة جامعيّة، في أمريكا على الأقلّ، يزيد بستة أضعاف عن نسبتها بين أولئك الذين يحملون الشهادات الجامعيّة، وبالتالي ربما يكون الوضع أسوأ بكثير في دول أخرى وأماكن تسودها النزاعات والحروب.
كما شهدت غزة عدّة مرات عبر إعادة بناء المساكن الخاصّة والمباني العامّة التي تم هدمها، وتعبيد الطرق التي تضرّرت، بل تصل جوانب أخرى من الحياة منها إعادة البناء الاقتصاديّ والاجتماعيّ والتنظيميّ والنفسيّ وغير ذلك من مقوّمات المجتمعات الإنسانيّة، وهو تجاهل مقصود في معظم الحالات، عندما يدور الحديث عن إعادة إعمار تدوم سنوات وسنوات دون نهاية، وتبقى آثارها ماثلة لعقود طويلة، عبر هدم المرافق الاقتصاديّة ووقف عجلة الإنتاج والتصدير وفقدان القدرة الشرائيّة للمواطنين، وهو أمر قد يصل إلى تحويل دول كانت غنيّة ومزدهرة اقتصاديًّا وأكاديميًّا والعراق مثال على ذلك، إلى بلاد ودول فقيرة ومعدمة يسودها التطرّف الدينيّ والتطرّف الاجتماعيّ، بمعنى أن إعادة إعمار المباني والبنى التحتيّة وما فوق الأرض ، لم يؤدِّ إلى تحسين الأوضاع هناك، بل بقيت البلاد والدول كالعراق وأفغانستان ولبنان واليمن والسودان وسوريا وغزة وغيرها، مدمّرة كليًّا ترزح شعوبها تحت مشاعر ومسبّبات ومظاهر اليأس والإحباط والمعاناة وخيبة الأمل من أيّ مستقبل يضمن رغبة الشعوب في الحياة، وذلك بفعل تركيز الولايات المتحدة والقوى الدوليّة والإقليميّة وخاصّة الدول الخليجيّة على الاقتصاد والأمن فقط دون غيرهما، وبالتالي لم تؤدِّ إعادة الإعمار الى تنمية حقيقيّة أيًّا كانت، بل أنتجت نظمًا دكتاتوريّة قادت مجتمعاتها إلى مزيد من العنف، وفي مقدّمتها تكريس آثار الحرب الأضرار الجسديّة والنفسيّة التي يعانيها الأطفال والبالغون، إضافة إلى الفقر وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الاقتصاديّ، والأمراض النفسيّة والاجتماعيّة، وصدمات الحرب هي المسبّب الأوّل لها. وملخّص القول أن تكرار مصطلح ما بعد الحرب، أو الإعمار بعد الحرب، أو بعد المآسي والآفات ومنها الكورونا التي اجتاحت العالم قبل ثلاثة أعوام والكوارث الطبيعيّة، كالزلازل والفيضانات والحروب الأهليّة وبين الدول طبعًا، يخطئ الهدف في معظم الأحيان خاصّة، وأنه يركِّز على إعمار الحجر بدل إعمار البشر، وبدل إعطاء الأفضليّة، أو المساواة التامّة لإعمار البشر وليس الحجر أو الشجر فحسب، فنتائج الحروب والنزاعات المسلّحة وغياب سلطة القانون، أو تقزيمها واستشراء العنف، وهو نوع خطير من الإرهاب المدنيّ، يحمل أبعادًا كارثيّة ويشكّل عاملًا يعطِّل التنمية، ويمنع التطوّر، وله تأثيرات نفسيّة واجتماعيّة خطيرة خاصّةً على أفراد الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال، وبالتالي يمنع إعادة بناء الإنسان، ويحدّ من قدراته على العمل والدراسة الأكاديميّة وتحسين وضعه الاقتصاديّ وكلّها عوامل تمنع توفير شروط الحياة الكريمة والحرّة له على المدى البعيد، حتى وإن توفّر المسكن والشارع والمبانيّ العامّة. فالإنسان هو الأهمّ، وهذا ما كشفته أبحاث أكّدت أن إعادة بناء الإنسان والبشر بعد الأزمات وقبلها، هو مبدأ يجب أن تتّبعه الحكومات والقيادات إذا ما كانت فعلًا تعمل لمصلحة مواطنيها والمصلحة العامّة، وليس لمصالح سياسيّة فرديّة، أو حزبيّة، ومصالح اقتصاديّة لجماعات ومجموعات احتكاريّة، انطلاقًا من الحقيقة القائلة إن إعمار البشر وضمان حقوقه وتوفير إمكانيّات العمل والتعليم والتقدّم الأكاديميّ، ليست شعارات مدنيّة، بل إنها الضمان لأمور عديدة منها عدم تكرار الحروب، كما كان الحال في إعادة إعمار ألمانيا واليابان بعد الحرب العالميّة الثانية، والذي اعتمد مبادئ تعزيز الإنتاج والاقتصاد والتقنيات والصناعة والتجارة، ودعم التعليم في مختلف المراحل وحتى التعليم الجامعيّ، انطلاقًا من معطيات مؤكّدة ، تقول إن إعادة إعمار البشر كما سبق وبضمنها العلم والتعليم الأكاديميّ، وما يليه من تحسين للوضع الاقتصاديّ وإمكانيّات العمل هو السبيل للخروج من الحروب ومنع تكرارها، كما أنه السبيل الأمثل، وأحيانًا الوحيد للخروج من الأزمات السياسيّة والأمنيّة والصحيّة، ومنها مثلًا جائحة كورونا (كوفيد- 19) وتبعاتها الاجتماعيّة والاقتصاديّة. وهذا ما أكّدته دراسات البروفيسور الأمريكيّ في الاقتصاد، أنجوس ديتون الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، عام 2015، وهو من مواليد أدينبورغ في أسكتلندا، وخريج جامعة كمبريدج بدرجة الدكتوراة عام 1975، ونشط بشكل بارز في جامعة برنستون الأمريكيّة منذ عام 1983، الذي يؤكّد ضرورة إعمار البشر والاستثمار في رفع مستوى حياة الناس ليس فقط الماديّة والمعيشيّة، بل بالأساس الاجتماعيّة والنفسيّة والعلميّة الأكاديميّة. ويؤكّد إنَّ نيل شهادة جامعيّة يسهم في تحسن المستوى المعيشيّ لدى 90% من العائلات صاحبة الدخل المحدود، أو الفقيرة ماديًّا، ومن جانب آخر، فإنَّ عدم نيل شهادة يسبّب أضرارًا خطيرة لا يمكن تفاديها، تصل حدّ المسّ بمعدلات الحياة، أو عدد السنوات التي يعيشها الإنسان، أي معدل أعمار الناس، وهذا صحيح في كافّة القضايا المتعلّقة بإعادة الإعمار بعد الأزمات العالميّة العسكريّة منها والصحيّة والاجتماعيّة وغيرها، وبالتالي يحذّر البروفيسور أنجوس ديتون الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد ومؤلّف كتاب "وفيّات اليأس ومستقبل الرأسماليّة"، من خطوات حكوميّة محليّة، أو إقليميّة، أو عالميّة لا تضمن آفاق المستقبل أكاديميًّا ،أي ضمان التعليم الجامعيّ، باعتبارها تزيد من حالة اليأس خاصّة بين الشباب والجيل الصاعد وبين المواطنين كلّهم عامة، مؤكّدًا أنّ عدد الوفيات الناتجة عن اليأس بين الشباب الذين لم ينالوا شهادة جامعيّة، في أمريكا على الأقلّ، يزيد بستة أضعاف عن نسبتها بين أولئك الذين يحملون الشهادات الجامعيّة، وبالتالي ربما يكون الوضع أسوأ بكثير في دول أخرى وأماكن تسودها النزاعات والحروب.
" عبَر التاريخ لم يتمّ استيعابها بعد"
الحديث عن فترة ما بعد الحرب بسياقه الحاليّ، والذي نجحت إسرائيل في فرض مضمونه على الساحتين السياسيّة والإعلاميّة الإقليميّة والعالميّة وخاصّة المحليّة، يبدو هذه المرة أكثر خطورة، خاصّة وأنه يؤكّد أوّلًا ومرة أخرى، أن عبَر التاريخ لم يتمّ استيعابها بعد، فأفغانستان بعد الحرب الأمريكيّة ضدّها، بعد هدم بنايتي مركز التجارة العالميّ في الحادي عشر من أيلول عام 2001، ما زالت المثال الأول والأنصع لمحاولة اختزال إعادة البناء على الجانب الأمنيّ، فحركة "طالبان" عادت لتسيطر على الدولة ومقدّرات البلاد والعباد، بعد سنوات من وجود حكومة نصّبتها أمريكا ودعمها العالم أمنيًّا وعسكريًّا فقط، كما يقترح البعض أن يجري في قطاع غزة بعد الحرب الحاليّة، واعتقدت خطأً أن ذلك يكفي، دون أن توسّع نطاق إعادة البناء إلى ما هو أوسع وصولا إلى حالة من البناء من جديد، لا تكتفي ببناء الحجر، بل تهتم بنفس المقدار وربما قبل ذلك وأهم من ذلك، بتنمية البشر وخلق حالة من الاستقرار المجتمعيّ والمدنيّ، من خلال وضع منظومة متكاملة تشمل الأمن والاقتصاد والتعليم والمجتمع والحياة اليوميّة والحريّة الشخصيّة وإمكانيّات الإبداع والإنتاج الأدبيّ والعلميّ، وكلّها مجتمعة مجالات تسهم في تقليص مظاهر التعصّب والتطرّف، ويمكنها أن تضمن عدم تكرار الحروب، لكن ما يحدث اليوم هو تطبيق تام وبالحذافير للمقولة الشهيرة بأن الغباء هو أن تكرر نفس العمل، وأن تتوقّع نتيجة مغايرة. ومن هنا فإن تكرار إعادة الإعمار في غزة بعد الحرب بشاكلتها المتكرّرة لا يعني سوى بداية العدّ التنازليّ لمواجهة عسكريّة قادمة ستحدث، ليبقى السؤال فقط حول موعدها، ولن تكون الحرب الحاليّة سوى فصل إضافيّ في مسلسل الحروب والصدامات هناك، فالمطلوب هو إعادة بناء بالمعنى الشامل والتكامليّ الذي يؤكّد أهميّة إعادة بناء البشر، عبر ضمان الحياة الكريمة، وليس ضمان الحياة فقط، أي توفير المقوّمات الأساسيّة والضروريّة لحياة مجتمع يمكنه التقدّم والتطوّر ويملك إمكانيّات الحياة، بدءًا بالتعليم الجامعيّ والمساواة التامّة، دون فوارق ودون اعتبار للجنس والدين والمواقف السياسيّة، والحريّة الشخصيّة والفكريّة والسياسيّة وإمكانيّات العمل والإنتاج والصناعة والاستقلال الاقتصاديّ، والشرط الأول لهذا الأمر هو وجود قيادات يهمّها أوّلًا مصالح المواطنين عامّة، أي المصلحة العامّة وليس الحزبيّة، أو الفئويّة، أو الدينيّة، أو الشخصيّة، تعتبر الدولة أو الكيان أيًّا كان وسيلة لضمان رفاهيّة ووجود الشعب وليس العكس، إليها يضاف إعمار الحجر، وإعادة بناء البنى التحتيّة، والعمل على خلق الظروف التي تزيل اليأس خاصّة في أوساط الشباب ، وتفسح المجال أمام غرس قيم ومواقف مختلفة بعيدة عن التطرّف والكراهية، تبتعد عن العنف والسلاح تنشد الحلّ السلمي باعتباره السبيل إلى الازدهار والتقدّم ومجاراة الشعوب والجماعات المتقدّمة عالميًّا، تؤكّد أن هناك ما يستحقّ الحياة والعمل، وما يضمن التقدّم والتطوّر بخلاف ما هو عليه اليوم، من فقر واعتماد على الغير في كافّة مناحي الحياة، بدءًا من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، وانتهاءً بكلّ الاحتياجات الأساسيّة والضروريّة للحياة، وهي حالة من العجز التامّ، وانسداد الأفق، وبالتالي مرتع لليأس وأرض خصبة للتطرّف والتشدّد، وساحة مفتوحة لقيادات تهتمّ بمصالحها الشخصيّة أو الفئويّة . وتستخدم بل تجيِّر كافّة المقدرات والموارد الاقتصاديّة والعلميّة والبشريّة لتكريس هذه الأهداف، لا يضيرها أن يتحوّل المواطنون إلى وقود للحروب وضحايا لها، فالهَمّ الوحيد للقيادات هو أن تضمن أمنها وسلامتها واستمرار حكمها.
الحديث إسرائيليًّا عمّا بعد الحرب، لا يختلف كثيرًا بل ربما يتطابق، فالحديث كما في غزة ، عن الأمن وإعادة بناء البيوت التي تهدّمت والمرافق البنيويّة والخدماتيّة التي تضرّرت، بمعنى إعادة إعمار الحجر، دون أيّ تطرّق إلى ما هو أبعد من ذلك، أي إلى الجوانب الإنسانيّة من إعادة الإعمار، والتي تتضمّن استنتاج العبر من تجارب الماضي منعًا لتكرار نفس الأحداث في المستقبل، فالأمن وحده كما أثبتت أحداث السابع من أكتوبر 2023، لا يضمن الهدوء الدائم، وإن كان يضمنه عنوة لفترات قصيرة يلوح في أفقها، وبشكل دائم، خطر الانفجار والصدام، وبالتالي من الضروريّ إذا كانت القيادات تفكر أوّلًا في المصلحة العامّة، أن يتسع نطاق إعادة البناء ليشمل الجوانب الإضافيّة التي توفّر للجميع أسباب ومقومّات الحياة الكريمة، وخلق أجواء اجتماعيّة وإنسانيّة وسياسيّة تفسح المجال أمام مزيد من التقدّم والتطوّر ، تشكّل أرضًا خصبة ومناسبة لتغيير المواقف والتوجّهات والعودة إلى البحث عن حلّ للصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ بدل إدارته وتكريسه، قوامها إدراك في الطرف الإسرائيليّ الذي يتّجه في السنوات الأخيرة خاصّة إلى مزيد من العسكرة والتطرّف والتزمّت الدينيّ والأيديولوجيّ ترافقه مشاعر الإقصاء للأقليّات ، بل مظاهر وأخطار الحرب الداخليّة، والخلافات الطائفيّة واتساع الفوارق الاقتصاديّة، بأن الحلّ السياسيّ هو السبيل الوحيد وأن إسرائيل تستفيد منه بنفس مقدار الاستفادة الفلسطينيّة، وهذا ما يستوجب قيادات معتدلة بعيدة عن التزمّت الدينيّ والأيديولوجيّ والسياسيّ، تريد لدولة إسرائيل أن تعيش بسلام في الشرق الأوسط ووقف حالة العيش على حدّ السيف، فضلًا عن تكريس الميزانيات اللازمة لرفع المستوى الاقتصاديّ والمعيشيّ للمواطنين كافّة دون استثناء، وجعل التعليم الأكاديميّ سلعة متوفّرة للجميع باعتبار التعليم الأكاديميّ والعلم النافع الجدار الفاصل الأوّل ضدّ اليأس والفقر والتطرّف والعنف وبناء مجتمع واحد متكامل يحتكم إلى القانون والعدل، ويقدّس اللحمة الداخليّة واستقلال القضاء وحريّة التعبير واختلاف المواقف والآراء، ويشمل أيضًا المواطنين العرب الذين يكاد اسمهم لا يتردّد خلال الحرب ، وتحسين أوضاعهم وتوفير إمكانيّات العمل والتعليم الجامعيّ والتقدّم لهم، وبالتالي يؤدّي إلى تحسين الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة على ضوء المعطيات المقلقة حول حصّتهم من الفقر، وتقليل العنف وكبحه، خاصّة على ضوء المعطيات الخطيرة، بل الكارثيّة التي تشير اليوم إلى احتلال المجتمع العربيّ المرتبة الثانية عالميًّا من حيث نسبة العنف وأعمال القتل ،بقرابة 250 قتيلًا خلال عام واحد، وبنسبة بلغت 18 حالة لكلّ 100 ألف مواطن، مقابل 6 حالات لكلّ 100 ألف مواطن في أوروبا، وحالة واحدة لكلّ 100 ألف في مناطق السلطة الفلسطينيّة، لتبقى المرتبة الأولى حاليًّا من نصيب بعض مناطق أمريكا الجنوبيّة بمعدّل 20 قتيلا لكلّ 100 ألف مواطن.
" إعادة إعمار البشر قبل الحجر"
وهنا لا بدّ من عودة إلى السؤال الأساسيّ الذي يحكم الأوضاع والتطوّرات في العالم والعلاقات بين الدول والشعوب وأوضاعها وأحوالها، وهو ما إذا كان الحكام والسياسيّون يعملون لمصلحة شعوبهم ومواطنيهم، أم لمصلحتهم هم فقط، أي إن كلّ ما سبق من حديث عن إعادة إعمار البشر قبل الحجر في اليوم الذي يلي الحرب أو الآفات، يتطلّب كما ذكرت قيادات حكيمة تضع المصلحة العامّة في المرتبة الأولى، وتعتبر السلطة والدولة وسيلة لخدمة المواطن والإنسان وضمان وجوده، ولا تعتبر السلطة والدولة وسيلة لبقائها ومصلحتها ومكاسبها الشخصيّة والحزبيّة والضيقة التي تخدم المقرّبين وأصحاب رؤوس الأموال والمموّلين، وهو ما لا يحدث للأسف حتى عالميًّا ، فبينما تتحدّث القيادات في العالم عن ارتفاع متواصل في المستوى الاقتصاديّ العالميّ خلال العقود الثلاثة، أو الأربعة الأخيرة، تؤكّد المعلومات أن هذه القيادات لم تفعل ما فيه الكفاية، وربما لم تفعل شيئًا لضمان المصلحة العامّة وبناء وإعمار الإنسان، أي تحسين أوضاع كافّة المواطنين وليس بعضهم لأهدافها هي، ولو بشكل متفاوت. وهو ما تؤكّده أبحاث ومؤلّفات البروفيسور أنجوس ديتون وزوجته البروفيسور آني كيس من جامعة برنستون، التي أشارت إلى أن بعض دول العالم شهدت تطوّرًا مستمرًّا، كانت نتيجته مخالفة لما أراد واعتقد الكثيرون، أي أنه أدّى إلى خلق فجوات ومهّد الطريق للعالم غير المتكافئ الذي نعيش فيه الآن، ومنها أمريكا التي يعيش اليوم فيها ثلاثة ملايين شخص بمدخول يقل عن 1.9 دولار في اليوم، أي تحت خطّ الفقر وفق المعايير العالميّة، ويقلّ طول أعمارهم عن غيرهم بنحو عام واحد، وبعض دول أوروبا التي شهدت منذ العام 1980 تضاعفًا في حجم الإنتاجيّة، وهو ما حصد الأغنياء معظم فوائده وأرباحه، حيث تمتلك 10% من العائلات الأمريكيّة 76% من الثروة، بينما يكتفي 50% الأدنى دخلًا بما قيمته 1% من الثروة الكليّة خاصّة وأن الازدهار الاقتصاديّ الذي شمل زيادة الإنتاج لم يشمل إعادة إعمار البشر من الفئات الضعيفة، وأن الأجور لم تكد تتغيّر منذ عام 1980. وهو نفس الحال في إسرائيل التي يتغنّى القياديّون فيها بارتفاع المدخولات والصادرات من الهاي تك وغيره، ليتضح أن 10 عائلات كبيرة تملك نحو 90% من الثروة في البلاد، ما يكرِّس انعدام المساواة في الفرص، ويعني أن على الدولة أن تمارس دورًا أكبر في إدارة وتوزيع الثروات وتقليص الفجوات التي تعاظمت مع زيادة توجهات السوق الحرّ والاقتصاد الحرّ، وتراجع دور دولة الرفاه، بكلّ ما تشكلّه هذه الفوارق من محفّز للعنف والإجرام واليأس والمرض، وما تشكّله من حالة تسهِّل مهمّة العناصر المتزمّتة والمتطرّفة اجتماعيًّا وسياسيًّا ودينيًّا التي تريد لمصلحتها الضيقة تكريس حالات الفقر والعوز والجهل.
ختامًا، أقول إن النقاش حول ترميم ما هدّمته الحروب عامّة والحرب الحاليّة في غزة خاصّة، وهي التي كشفت الأقمار الاصطناعيّة أن حجم الدمار للبنى التحتية والممتلكات يفوق حجمه، مساحة الدمار التي شهدتها مدينتا الموصل في العراق خلال الحرب ضد "داعش" ومدينة حلب السوريّة خلال الحرب الأهليّة هناك، والتبعات الاقتصاديّة والإنسانيّة والنفسيّة والاجتماعيّة بعيدة المدى لهذه الحرب، وعشرات آلاف القتلى، إضافة إلى نتائجها على الجانب الإسرائيليّ، والتي تقارب اليوم أكثر من الف وخمسمئة ضحية من المدنيّين والعسكريّين وإخلاء مئات آلاف المواطنين والأضرار الماديّة والاقتصاديّة والنفسيّة والاجتماعيّة، ليس نقاشًا عبثيًّا وفلسفيًّا، بل إنه النقاش الهامّ الذي يدور حول ترتيب سلّم أولويّات القيادات في الطرفين، وما إذا كانت تريد الاهتمام بمصالحها الضيّقة سياسيًّا وحزبيًّا ودينيًّا هي مصالح قصيرة المدى، فتتحدث عن إعادة إعمار الحجر ودرء المواجهة القادمة إلى حين، أو أنها تهتم بالمصلحة العامّة والحقيقيّة والصحيحة، فتتحدث عن إعمار البشر قبل الحجر ، استنادًا إلى ثلاثة أبعاد رئيسيّة ومهمّة لفترة ما بعد الحرب، وهي كما يؤكّد المطلعون، البعد الاقتصاديّ والبعد البيئيّ والبعد الاجتماعيّ الإنسانيّ. وفي هذا امتحان القيادات ومدى مصداقيّة شعاراتها، حول كرامة المواطن والاهتمام بمصلحة وحياة الإنسان، وهو أثمن رأسمال، حسب كارل ماركس، والمقياس لكلّ شيء، كما قال الفيلسوف الإغريقيّ بروتوغوراس، كما أنه امتحان لصدق الغايات التي قال عنها المهاتما غاندي ، إنها إذا كانت سليمة وصادقة فلا بدّ من إيجاد ووجود الوسائل الجيّدة، بل النبيلة للوصول إليها، فالوسيلة النبيلة هي البذرة التي تنبت شجرة نبيلة.
وباختصار: المطلوب إعادة بناء البشر قبل إعادة بناء الحجر.
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il