logo

مقال :‘ أي ذنبٍ اقترفناه ! ‘ - بقلم : المحامي شادي الصح

18-10-2022 09:32:52 اخر تحديث: 12-11-2022 21:09:54

أي ذنبٍ اقترفناه! هذا ما قالوه لي خمس نساء أتهمن بقطف نبتة العكوب من منطقة الجولان، لم يكن هناك من ذنب اقترفنه سوى أنهن كن يقطفن نبتة "العكوب" الشوكية


المحامي شادي الصح 

التي لا يقترب اليها أي حيوان سوى الإنسان.

القانون:"قانون الحدائق القومية والمواقع الطبيعية المحمية"
من عرابة كان مصدر رزقهن الوحيد حتى تم تشديد الإجراءات القضائية وفرض عقوبات صارمة ضد كل من يتم ضبطه متلبساً بقطف نبتة العكوب التي تم اعتبارها نبتة محمية استناداً لقانون الحدائق القومية الذي اعتبر من نبتة العكوب والزعتر والميرمية نباتات محمية فخالفوا القانون.

"صعدنا الجبال"
وأما عن قطف نبتة العكوب فتحدثن بأن ليس الأمر سهلاً فلكي يتم قطف نبتة العكوب عليهن الوصول إلى الأمكنة والمواقع الجبلية البعيدة، حيث تتواجد هذه النبتة في تلك الامكنة بكثرة. يتكبدن مشاق الصعود للجبال بحثا عن نبات العكوب لبيعه أو إعداده كوجبة طعام موسمية للعائلة.
وأما عن سلطة حماية الطبيعة فلديهن من الوسائل المتطورة ففي أغلب الأحيان ينتظرن حتى أن ينتهين من قطف العكوب ومن ثم يحضرن إلى الموقع بعد أن قاموا بإلتقاط الصور من بداية عملية القطف وحتى الإنتهاء من عمل يوم شاق.

"ما أصعب تلك اللحظة"
تقول إحداهن بأنها شاهدت سيارة سلطة حماية الطبيعة من بعيد ولكن لا حول ولا قوة لهن فلم يقدرن على فعل أي شيء، سوى الانتظار لبدء عملية التحقيق فبداية يقوم موظفو السلطة بوزن أكياس العكوب وتسجيل وزن كل كيس على الكيس نفسه وهناك من يقوم بتصوير كل عملية وبعد الانتهاء من جمع الأدلة، يتم اقتياد العاملات إلى مركز الشرطة لبدء التحقيق الفعلي معهن وذلك بعد أن تمت عملية جمع الأدلة والتصوير ووزن أكياس العكوب.

ماذا سنقول في التحقيق؟
تصوروا بأنه يتم عرض جميع الأدلة والصور على المتهمة في غرفة التحقيقة متعبة بعد يوم شاق في نهايته يتم اقتيادها كمتهمة إلى مركز الشرطة! ماذا ستقول : "يا عمي نقبت عكوب ألي بدكو إياه اعملو"

لائحة الإتهام
بعد استكمال التحقيق يتم تقديم لائحة اتهام حيث تقدم لمحاكم خاصة التي تعالج مثل هذه الحالات وفي الحالة المعروضة التي نحن بصددها تم تقديمها لمحكمة الصلح في طبريا.

دخول المحامي للصورة
لا شك بأنها قضية انسانية من الدرجة الأولى حيث أن النسوة اللواتي تم تقديم التهم بحقهم طاعنات في السن ويعانين من أمراض مزمنة ولكل حالة خاصة بها، بداية تم انكار التهم الموجهة إلى النساء جملة وتفصيلاً خط دفاع في كمية العكوب التي تم ضبطها بأنها ليست الكمية المسجلة في مواد التحقيق، خط الدفاع هذا يربك أحياناً النيابة التي لم تتح الفرصة لوزن كمية العكوب من قبل المتهمات وتم تفويت تلك الفرصة، لقد استشعر الإدعاء بأن الدليل ينهار فهو أقوى دليل لديه، فهنا تم تغيير الخطة كلياً ورضوخ الإدعاء لقبول صفقة لإنهاء هذا الملف بأقل ضرر لنسوة صعدن الجبال بكرامة ليقطفن العكوب كمصدر رزق لهن ولتأمين عيش كريم.

وإحداهن تقول: "في أكثر من مرة تمت ملاحقتنا من ما يسمى بسلطة حماية البيئة وكنا ننجو منهم بأعجوبة، ولكن الكثيرين ممن نعرف، قد وقعوا في أيديهم وغرموا غرامات باهظة بتهمة تخريب البيئة والاعتداء على نباتات محمية".

"نبتة تنمو لوحدها"
إن مهنة جمع العكوب وبيعه لا تتعارض مع المحافظة على البيئة وحمايتها فهي خلقت للانتفاع بها من البشر كما أن الجبال مليئة بهذه النبتة التي تنمو بين الفينة والأخرى هي تنمو لوحدها لا يتدخل الإنسان بنموها فلماذا يعاقب عليها!!!

الزعتر
قضيّة الزعتر والعكّوب، كما تتجلى في القانون الإسرائيلي وقرارات المحاكم الاسرائيلية، تكاد في جوهرها تجسد مأساة من حيث فرص غرامات باهظة على من يتم ضبطه.
وهناك حالات أخرى، أُدين المتهمون، وفُرضت غرامات باهظة عليهم بسبب قطف أو حيازة كمية لا تتجاوز كيلو واحد أو اثنين من الزعتر أو العكوب.

وتنتهي القضية اليوم 18/10/2022 بعد تقريبا سنتين من المداولات: تم إعلان نهاية القضية اليوم قي محكمة الصلح في طبريا بعد أن تم التوصل إلى اتفاق صلحي بدفع غرامة ( مبلغ رمزي) تم فرضه على النساء الماجدات حيث رفضت وصفهن بالمتهمات فمن أجل تأمين لقمة العيش بكرامة صعدن الجبال مع كل ما في ذلك من خطورة تاركين بيوتهن وأولادهن ليسطرن مرحلة جديدة من كرامة الإنسان.