نحن نقول انه بعد ان احتفل المسيحيون بعيد الصليب " عيد ارتفاع الصليب " جعله الله عيدا مباركا، فان هذا العيد يذكرنا كيف كنا نحتفل جميعنا من مسيحيين ومسلمين ودروز، بإشعال اكوام من الحطب وغيره على البيادر في كفر ياسيف، وكيف كان يجتمع من حولنا الصغار وكبار السن الذين كانوا يمسكون بأيدي الصغار ويساعدونهم على القفز من على الكومة المشتعلة والذي نحن نسميها " القُبِّيلِه " ويفرحون هم واياهم.
كنا في مثل هذا اليوم نستعد لاحضار حطب الزيتون وغيره من " ضمم السمسم " الذي كانوا " يكتونه " ويلقون به من على اسطح المنازل في حينه ( واليوم ربما لا يوجد من يزرع السمسم لانه مكلف أو بحاجة الى مساحات وأماكن لنشر ضمم السمسم على السطوح، واليوم معظم الاسطح لا يوجد مكان لضمم السمسم والتي يتوجب ان تبقى حتى موعد عيد الصليب أي تقريبا نهاية شهر أيلول).
كان الصغار والكبار يجتمعون ويتناولون الطعام والحلوى والفواكه من تين ورمان، ويمضون الأمسية مسرورين، وبالطبع بالنسبة لطلبة المدارس كانوا في غدهم عطلة مدرسية، ومهم جدا ان نعَلم الصغار عن معنى هذا العيد الهام الذي تدخل فيه الزراعة، لنتحدث معهم عن الأنواع التي يزرعها الفلاح، واليوم الفلاحون هم قلة قليلة جدا، الذين يعتاشون من الفلاحة، لكن مهم جدا ان يعرف الصغار وغيرهم بان " كت " السمسم يكون قبل او بعد عيد الصليب، وبعد ذلك تبدأ عملية الاستعداد لجمع الزيتون وقطف هذه الثمرة المباركة التي ورد ذكرها في الكتب السماوية.
" اهمال لشجرة الزيتون "
لكننا نأسف لما وصلنا اليه في وقتنا من اهمال لهذه الشجرة المباركة خاصة في بلادنا، واليوم تتوسل للاخرين ليجمعوا لك الثمار ان كنت بحاجة لمساعدتهم، وحتى لو انه بامكانك جمعها فان " الكسل " يقفز على بني البشر فيتنازلون عن العمل في الأرض، بغض النظر عن المساعدات التي يتوجب على الحكومة ان تعطيها لاصحاب كروم الزيتون كمساعدة ودعم لهؤلاء.
ونحن اذ نقول هذه الكلمات لا نريد الانتقاد، بل فقط التنويه من منطلق الحفاظ على الأرض والتي قليلا فقليلا بدأت تختفي واسعارها في العلالي، ولا يتمكن كل من هو بحاجة الى قطعة ارض ان يجدها، واصبح كل من يستطيع إيجاد القطعة ان يدفع ثمنها والله أعلم من اين سيجد النقود !
ففي قرية كقريتنا، أصحاب كروم الزيتون وهم قلة لا يجدون من يرغب في جمع وقطف الثمار وصاحب الكرم يعطي نصف المحصول " صاف " وماذا يبقى لصاحب الملك؟ أقل من نصف المحصول متناسين المصروفات التي يتكلفها الانسان على ارضه من اجرة حرث واهتمام بالأرض وهذه المبالغ ليست بقليلة أي ان أصحاب الكروم والذين معظمهم باع أو أعطى لاولاده ذكورا واناثا أو كان مضطرا الى بيع قسما من هذه الأرض ومهما كانت الأسباب اين هذه الكروم من الزيتون؟
اقتلاع الأشجار
معظمها أقيمت عليه دور سكن وتَم اقتلاع أشجار الزيتون والقطع التي ما زالت في قريتنا فان محيطها على الغالب ممتلئ بالقاذورات والنفايات ولا من مجيب لاية شكوى . من المؤسف ان لا تجد من يجمع الثمار على الرغم من ان من يرضى فانه يحصل على نصف المحصول صاف!
في الماضي كنَا نتساعد ونساعد بعضنا البعض في جمع الثمار ونبادل " قرطلة " الزيتون بـ " قرطلة " تين وغير ذلك من الأشياء التي كانت تتداول في حينه، فهل شيء طبيعي ان تبقى القرية تقريبا باقل ما يمكن من كروم الزيتون ومن الأشجار المباركة وهي قيَمة جدا فدول أوروبا كاسبانيا مثلا وإيطاليا وفرنسا وإيطاليا وقبرص واليونان يساعدون أصحاب كروم الزيتون ويدعمونهم بحيث يتمكنوا من العيش باحترام، وليس كما هو في بلادنا يضطرون الى بيع الأرض، وعليه يتوجب على الحكومة دعم أصحاب كروم الزيتون وجميع المزارعين ليعيشوا باحترام والحصول على الدعم مثلما هو الحال في الدول الأوروبية وتوفير الأراضي لكل من هو بحاجة اليها وباسعار رخيصة، لان هذه الأراضي هي للمهجرين الفلسطينيين ولغيرهم.
ويتوجب على منتخبينا من أعضاء كنيست والذين ما زالوا يتنافسون على " جغمة مقعد " ان يهتموا في قضايا المواطن كلها وان يتناولوا شجرة الزيتون والمحصول من زيت وزيتون وان لا يتم استيراده لخنق أصحاب الكروم هذا ان بقي منهم من يعتاش من الزراعة .
نحن نعيش في فترة عصيبة وغلاء فاحش ومعظم الناس " مش مصلَية على النبي "، فالبنوك جاهزة للقروض والمواطن يحب البذخ ومستعد لكل غلاء سوى لثمن الزيت والزيتون أو لغيره، فحبذا لو تعود الأيام ونساعد بعضنا البعض في جمع الزيتون، ولنتساعد على الإبقاء على تراثنا الزراعي ... موسم زيتون مبارك للجميع ولا تنسوا بان التين الموازي يحل موعد قطفه في موسم جمع الزيتون.
Photo by EMMANUEL DUNAND/AFP via Getty Images)
Photo by EMMANUEL DUNAND/AFP via Getty Images)
صورة للتوضيح فقط - تصوير: iStock-Studio_Tartaglione