logo

مقال | درس في التربية: شعوب تمضغ التاريخ وأُخرى تصنعه

بقلم : المحامي زكي كمال
08-08-2022 07:56:52 اخر تحديث: 18-10-2022 08:15:23

هو نقاش أزلي لم يحسم بعد، ولن يحسم، بين قولين يتجاوز كلّ منهما حدود اللفظ. وتفوق أهميّة قيمته، أو بنيته اللفظيّة، وبالأحرى نقاش بين قولين يشكّلان

 
المحامي زكي كمال

توجهين متناقضين تفصل بينهما عوالم. ويمكن الجزم أنهما الفارق الأول والأساسيّ بين الشعوب المتحضرة التي تستشرف المستقبل وتستعد له، وبين تلك التي تكتفي بقراءة الماضي، أو بين تلك التي تقرأ التاريخ، أو تلك التي تراجع التاريخ وتستفيد من عبره، وبكلمات أخرى بين الشعوب التي تصنع التاريخ أو تلك التي "تمضغ " التاريخ دون فائدة أو جدوى. وهو نقاش يجسده القول الشهير للكاتب والصحفي والمفكر محمد حسنين هيكل الذي قال إن وقائع التاريخ هي عائمات جليد، طرفها ظاهر فوق الماء، وكتلتها الرئيسيّة تحت سطحه، و من يريد استكشافها عليه أن يغوص، وكأَنه يريد أن يقول إن دراسة التاريخ أو الاكتفاء بقراءته إنما هي اكتفاء بمشاهدة الجزء الأعلى وهو الأصغر والأقلّ أهميّة في جبل الجليد، وتجاهل الجزء الأكبر من الجبل الذي عليك الغوص في أعماق البحر لرؤية كافة تفاصيله والتحقق من كافة أبعاده مثل وزنه وحجمه والاستفادة من ذلك تفاديًا لأضراره من جهةـ أو ربما الاستفادة من ذلك لاستشراف ظواهر جديدة وعديدة تحمل أبعادًا هامّة تتعلّق بالمستقبل منها ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الكتل الجليديّة والتلوّث وغيرها، وبالتالي فإن دراسة التاريخ لا تعني مجرَّد الاطلاع على الوقائع والأحداث التاريخيّة التي مرَّت على الإنسان مذ بدء الخليقة  إلى يومنا هذا، وإنَّما تعني التعمُّق في دراسة وتحليل هذه الأحداث في محاولة للخروج بفائدة يستنير بها الإنسان في عصره الذي يعيش فيه أيًّا كان هذا العصر، وهذا هو أضعف الإيمان، أما اكبره فهو دراسة التاريخ حتى اليوم على تغييره، أو قراءة التاريخ الماضي والعمل على صياغة التاريخ القادم أو المستقبل.
لم أورد ما سبق عبثًا، بل انطلاقًا من أهميّة ذلك خاصّة على ضوء التطورات الدوليّة والمحليّة والعالميّة التي تؤكد أهميّة هذا النقاش وجوهره، والذي أثارته خطوات مختلفة المنطلقات في دول مختلفة في العالم يتعلّق بعضها بالتربية والتعليم وبعضها الآخر بالقضاء والجيش والسياسة وغيرها، أولها ما يحدث في الدول العربيّة من تراجع سياسيّ يؤكّد أن هذه الدول وقياداتها وشعوبها تكتفي بقراءة التاريخ دون مراجعته وبالتالي فإن حياتها تراوح مكانها دون أن تستفيد البلاد من عبر التاريخ، ودون أن تتفادى الأخطاء التي أمكنها  تفاديها لو راجعت التاريخ، ومنها أن لا مكان للتوافق بين العسكر والديمقراطيّة، أو بين التزمت الفكريّ والدينيّ من جهة، والديمقراطيّة والحريّة من جهة أخرى، وإن قمع الشعوب لا يدوم كما أن سياسة الانقلابات لا تدوم، وإن واحدة من مآسي الوطن العربيّ، أو ما بقي منه أن مثقفيه، وإن نالوا شهاداتهم العلميّة في أرقى الجامعات الأوروبية، فإنهم يعودون إلى "حظيرة القطيع" القبليّة والدينيّة والسياسيّة ويرفضون الديمقراطيّة وحريّة التعبير وحريّة المرأة وغير ذلك، ناهيك عن أن عدم مراجعة التاريخ يمنع هذه الدول من استثمار أموالها ومواردها لمصلحة شعوبها ومواطنيها عبر دعم الحركة الأكاديميّة والثقافيّة والفكرية وتحسين الاقتصاد بدلًا من تكديس العتاد العسكريّ، ما يعني أن هذه الدولة بمتعلميها وسياسييها وقادتها العسكريين تفضل التغني بالماضي وصيانة الحاضر لمصلحتها بدلًا من بناء المستقبل، وغرس رواية وطنية ثابتة الجذور تقود إلى مزيد من الانتماء الحقيقيّ والصادق للدولة والوطن وليس لقيادات لا بدّ أن تتغير، أو أنها في حالات أخرى تبقى جاثمة على صدور شعوبها دون أن يكون لأيّ فرد من هذه الشعوب الحق في التعبير أو  التفكير، أو مجرد الحديث عن التغيير أو الانتخاب وحتى الاقتراب من السلطة مجرد اقتراب، وباختصار فإنها بلاد يمكن القول عنها، ورغم قساوة التعبير بأنها  " تمضغ وتجتر التاريخ بدل أن تصنع التاريخ".

" تجذير وخلق رواية وطنيّة تخدم المجموع"
لم يكن التاريخ بكتابته وتدريسه مجرد وسيلة لسرد الأحداث والمجريات التاريخيّة لشعب ما، فالتاريخ يكتبه المؤرخون، وبالتالي يمكن مناقشته ومراجعته دون اعتباره نصًّا مقدّسًا، فهو مادّة تتيح مراجعتها الواعية والصحيحة والعقلانيّة والأكاديميّة معرفة أسباب انهيار الحضارات والأمم وأسباب نهوضها ومعرفة الموقع الحاليّ لكل دولة ومجموعة بالنسبة لخطّ الزمن، فالحاضر ما هو إلا نقطة واحدة ضمن مسيرة تاريخيّة طويلة، يمكن استخدام التاريخ عبرها لترسيخ  الشعور بالهويّة، بل ترسيخ الهويّة الفكريّة والسياسيّة والديمقراطيّة والقيميّة للشعوب، ودفعها نحو التقدم والتحرّر والديمقراطيّة إذا تمت مراجعته، أو جرها إلى عوالم الجمود والخيبة إذا تحول تاريخها إلى أمجاد تليدة نتغنى بها، نقف عندها كما نقف على الأطلال، ونحنّ إليها بل نتحسر عليها دون أن نحاول صناعة تاريخ مشرق يشكّل استمرارًا لها، بل إننا نحنّ إليها باعتبارها الدليل على " تأثير الاستعمار" بمعنى أننا نستخدم تاريخنا المشرق القديم، عذرًا ومبررًا لتقاعسنا وعجزنا، فأحد الأسباب الرئيسيّة لاستمرار تدريس التاريخ في المدارس حول العالم، هو محاولة التعرّف على كيفيّة تكوين البلدان والعائلات والمجموعات، وكيف تطوّرت بمرور الوقت، سعيًا إلى تجذير وخلق رواية وطنيّة تخدم المجموع، وتساعد على توحيد القوى وتحثّ على الصمود عبر عرض الحقائق التاريخيّة بشكل يخدم الرواية السياسيّة خاصّة في حالات الصراع ، وهو ما يحدث في إسرائيل، فتدريس التاريخ أبعد ما يكون محاولة لإلزام الطلاب بحفظ الوقائع عن ظهر قلب وسرد مجريات الأحداث دون نقاش أو حوار، بل إن تدريس التاريخ في إسرائيل يخدم الرواية الرسميّة ويطوّع الأحداث التاريخيّة ومواعيدها وطريقة تقديمها إلى جمهور الهدف، وهو طلاب المدارس اليهوديّة مثلًا، لخدمة تكريس الرواية الوطنيّة الإسرائيليّة التي تجعل من دولة إسرائيل "أعجوبة أقامها قلّة مقابل كثيرين مسلحين أرادوا إبادتها" أو " واحة ديمقراطية تمت إقامتها فوق أرضٍ فارغة خالية من السكان" أو " دولة قامت رغم هجمات مسلحة خطيرة وكمثيرة نفّذتها جيوش الدول العربيّة والجماعات المسلحة الفلسطينيّة ألزمت الجماعات المسلحة اليهوديّة بالدفاع عن نفسها والصمود أمام الهجمات في حين قرّر الفلسطينيون الرحيل بانتظار انهيار القوات اليهوديّة ولم يطردهم أحد، لكن كتابة التاريخ أو صناعته لا تتم فقط عبر صياغة الرواية فقط، بل عبر تغيير الواقع التاريخيّ القائم أو الذي كان قائمًا بدلًا من استخدام التاريخ القائم، أو تاريخ الماضي شمّاعة لتعليق الفشل عليها، انطلاقًا من أنه بطبيعة الحال لا تستطيع الشعوب أو الفئات والجماعات العرقيّة والسياسية وغيرها صناعة التاريخ بشكل مجرد، بل عبر ظروف ومواد اجتماعيّة اقتصاديّة موضوعيّة تتيحُ لها أن تشكّل إراداتها وتبلور موقفها السياسيّ في شعارات محدّدة تُنفذ وتتجسد في الشوارع والمؤسسات العامّة. وهذا ما فعلته في إسرائيل الجماعات اليمينيّة سياسيًّا والمتدينة، أو حتى الشرقيّة من حيث الانتماء الطائفيّ، فهي كانت لأسباب موضوعيّة أو غير موضوعيّة مردّها الانتماء العرقيّ للفئات والشخصيّات التي أقامت دولة إسرائيل، وقربها أكثر أو بشكل مطلق من العلمانية والنزعة الأوروبيّة حضاريا وثقافيا، كانت غائبة عن التمثيل المناسب واللائق في الأوساط والجهات والأجهزة القضائيّة والصناعيّة والعسكريّة والتقنيات، ليتغير الأمر أو بشكل ادَّق لتقوم هي باستغلال الظروف، أو أحيانًا خلق الظروف، لاختراق هذه الأجهزة وفرض وجودها العسكريّ والسياسيّ والقضائيّ عبر امتلاك وإشغال المناصب وزيادة النفوذ عبر زيادة المشاركة السياسيّة، أو التبرّعات الماليّة من إسرائيل وخارجها لنوعيّة نشاطاتها ومبادئها ومنها الاستيطان وإقامة المعاهد الدينيّة وشراء الذمم الانتخابيّة والسياسيّة، لتصل اليوم إلى وضع تسيطر فيه على تركيبة محكمة العدل العليا عبر وزيرة القضاء السابقة أييلت شكيد التي تباهت أنها استطاعت اختيار قضاة من المحافظين ناهيك عن زيادة أعداد الضباط القياديين العسكريين من المتدينين الذين وصلوا أعلى المراتب، ومن هنا كانت الجلبة الكبرى حول محاولة وزيرة التربية في إسرائيل إلغاء تدريس مادّة التاريخ كمادّة  إلزاميّة يتم فيها امتحان الطلاب في المدارس عبر امتحانات خارجيّة رسميّة، وذلك  تغيير وإصلاح جذريّ ضمن مخطّط كبير يتعلّق بامتحانات إنهاء المرحلة الثانويّة، والتي من المقرر أن تنطلق في العام الدراسيّ القادم. وستكون المواد التي سيتم اختبار الطلاب فيها هي اللغة الإنجليزيّة والرياضيات ولغة أخرى وموضوع إضافيّ، وسيتمكّن الطالب أيضًا من اختيار موضوع آخر إذا رغب في ذلك، على سبيل المثال موضوع العلوم أو علوم الكمبيوتر.
وباستثناء تلك الاختبارات الخارجيّة، سيتم تدريس مواد أخرى مثل الدين والأدب والتاريخ والمدنيات والمزيد من المواضيع وسيكون الاختبار فيها داخليًّا، خاصّة وأن هذه الإصلاحات تتطرّق إلى التعليم في المدارس اليهوديّة فقط، بينما تتجاهل الوسط أو المجتمع العربيّ الذي سيواصل طلابه دراسة التاريخ، ولكن بصيغة تختلف عن الصيغة التي يتعلّمه بها الطلاب اليهود، فالهدف في حالة الطلاب اليهود هو تعزيز الانتماء الوطنيّ والقوميّ والانتماء لدولة إسرائيل ومبادئها الصهيونيّة والسياسيّة والدينيّة وتكريس الرواية الإسرائيليّة التي تعتبر نفسها صاحبة الأرض وضحيّة محاولات الدول العربيّة إبادتها، وبالتالي تجييش المواطنين لمصلحة الدفاع عنها واستدرار عطف ودعم يهود العالم لها، أما في حالة المدارس العربية فالغاية معاكسة تمامًا فهي تطويع وتثقيف متواصل نحو الأسرلة ومسح للرواية والهويّة نحو خلق جيل جديد يقبل الرواية الإسرائيليّة اليهوديّة.

"سيطرة مطلقة"
وبالحديث عن كتابة أو صياغة وصناعة التاريخ لا بدّ من الإشارة إلى ما حدث في الولايات المتحدة من تغيير في السلك القضائيّ وسيطرة مطلقة وتامّة للمحافظين على مقاليد السيطرة في المحكمة العليا، وذلك عبر عمل متواصل ولسنين طويلة، فالتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها بعكس ما نتوقعه جميعنا في الدول العربيّة عامّة والشرق خاصّة، بل هو نتاج عمل مدروس ومبرمج. يشكّل المحامي ليونارد ليو وهو محام أمريكيّ وناشط قانونيّ محافظ، وقاد حملات لدعم ترشيحات  قضاة المحكمة العليا  من المحافظين  والمتزمتين الذين خطّط أن يكونوا الأغلبية المطلقة من قضاة المحكمة العليا الأمريكيّة الذين يطبّقون الفكر المحافظ الذي يعطي للفكر المتزمت الصيغة القضائيّة. وعليه لم تكن حاجة ليونارد ليو أن يكون قاضيًا لتوجيه المحكمة العليا، بل يكفي لأن يصوغ قائمة المرشحين القضائيين للمحكمة العليا والمحاكم الفيدراليّة ليتبناها رؤساء الولايات المتحدة الجمهوريين، وهكذا نجح بأن يكون معظم قضاة المحكمة العليا الأمريكيّة مدينين بوظائفهم لشخص واحد اسمه ليو الذي لقب "مهندس المحكمة العليا في القرن العشرين والحادي والعشرين "، وهكذا تم الكشف مؤخرًا عن أقوى رجل في الولايات المتحدة لا يعرفه معظم الأمريكيين، لكنه يقرّر مصيرهم بواسطة تعيين مرشحيه للقضاء الأمريكيّ، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح أقوى أكثر.  وهنا يدخل التبرع السخي وقيمته 1.65 مليار دولار لصندوق ائتمانيّ أسسه ليو  في عام 2020 باسم "Freedom Trust " وهذا  يعتبر أكبر تبرع سياسّي في تاريخ الولايات المتحدة، وفقًا لما كشفته صحيفة نيويورك تايمز. حيث المتبرع هو باري سيد، البالغ من العمر 90 عامًا وهو رأسماليّ يهوديّ قدم من روسيا إلى شيكاغو، قرر التبرع بمعظم ثروته إلى ليو الذي كان لعقود من الزمن رئيسًا للرابطة الفيدراليّة. التي تأسّست عام 1982 كنادٍ للطلاب اليمينيين في كليّات الحقوق، وأصبحت في غضون سنوات قليلة شركة القوى البشريّة لتعيين القضاة وأصحاب المناصب العليا في إدارتي الرئيسين رونالد ريغان وجورج بوش الابن. وليس بالصدفة أن ينضم ليو إلى المنظمة كطالب في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وصعد إلى قمة المنظمة قبل سن الثلاثين بفضل الفكر بعيد المدى ليسيطر بواسطة مندوبيه من المحامين، ليديروا الشؤون القضائيّة والإداريّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، لأنه أدرك أن لديه كل الأدوات والأموال اللازمة لوضع خطة لتنصيب القضاة، وأصحاب الوظائف العليا من المحافظين.
 ليو أيضًا أصبح أصغر المستشارين القانونيين الأربعة – أو "الفرسان الأربعة"– لبوش الأب لاختيار القضاة حتى ولو كانوا أصحاب نزعة محافظة أكثر من الرئيس بوش. وتجدر الإشارة إلى أن القضاة الذين عينهم ليو هم من قرّروا فوز الرئيس بوش في الانتخابات التي نافسه فيها الديمقراطيّ آل غور رغم حصول غور على عدد أكبر من الأصوات، وأن قضاة "ليو" يشكلون اليوم ثلثي قضاة المحكمة العليا (ستة من أصل تسعة قضاة) ويحدّدون سياسات الولايات المتحدة بما فيها القرارات الهامّة والمصيريّة، وكذلك القرارات المستقبليّة، وتتضمّن عودة ترامب إلى الحكم وإنقاذه من شرور أخطائه ومنها حيازة مستندات فائقة السريّة، علمًا  أن ليو استغل قلة اهتمام ترامب ، وبدعم حماسيّ من نائبه الإنجيلي مايك بنس فعين وانتخب حوالي 200 قاضٍ اتحاديّ، بما في ذلك ثلاثة قضاة في المحكمة العليا الذين جرّوا المحكمة العليا إلى اليمين خلال فترة حكم الرئيس ترامب. وهكذا وبعد عمل دام عقودًا وصل المحافظون إلى القمة.  تجدر الإشارة الى أن ليو هو الذي اختار خمسة من قضاة المحكمة العليا التسعة، وانضم هؤلاء إلى القاضي الأقدم والأكثر تحفّظًا على الإطلاق، كلارنس توماس، الذي قال عام 2018، إن رئيس الفيدراليين، أي ليو، هو "ثالث أقوى شخص في العالم".

" تغيير موازين  القوى عبر بناء مؤسّسات"
هذا هو مثال لبناء وصياغة وصناعة التاريخ السياسيّ والقضائيّ، وتغيير موازين  القوى عبر بناء مؤسّسات تعمل لسنوات وفق مبادئ واضحة وخطّة عمل مدروسة تكفل النجاح، وتحتاج من أصحاب الشأن وأصحاب رؤوس الأموال بناء أسس وقواعد اقتصاديّة لعملهم، وهذا ما لا يحدث في العالم العربيّ كما لا يحدث في المجتمع العربيّ في إسرائيل فلا خطط واضحة ولا سياسة مدروسة ولا بناء لمؤسسات اجتماعيّة وجماهيريّة وأطر للمنظمات غير الحكوميّة، ولا تبرع لمؤسسات أكاديمية عملها بناء الأجيال القادمة وتربية أبناء المجتمع، ومكافحة العنف وتشجيع النشاط الاقتصاديّ وتشجيع الانخراط في مؤسسات القضاء والسياسة والاقتصاد والعمل والأكاديميا، وكلها روافع من شأنها التأثير على أصحاب القرار وتغيير سياساتهم شرط التحليّ بطول النفس والعمل على المدى البعيد بدلًا من انتظار أن يأتي التغيير من تلقاء نفسه، أو بين ليلة وضحاها، فالتغيير يبدأ من الذات، ويحتاج إلى مراجعة التاريخ وليس قراءته فقط أي استخلاص العبر وبناء خطط العمل لنصبح مجموعةً أو شعبًا وشعوبًا ودولًا لا تكتفي بأنها تمضغ التاريخ، بل تسعى إلى أَن تصنع التاريخ.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان:
 bassam@panet.co.il.