صورة للتوضيح فقط - تصوير: skynesher - istock
وما إن اقتربت النحلات الثلاث من الغابة حتى سمعن صوتا قويا يقول: ابتعدن أيتها النحلات ولا تقربن هذه الغابة أبدا، توقفت النحلات مكانهن وأخذن يبحثن بخوف عن مصدر الصوت، وفجأة ظهر صقر كبير ينظر إليهن نظرات مخيفة، وقال: لن أسمح لأحد بعد الآن أن يقترب من هذه الغابة فقد أصبحت ملكي منذ اليوم، ابتعدن من هنا وإلا أكلتكن واحدة تلو الأخرى.
– دب الرعب في قلب مي وصديقتيها وانطلقن مسرعات إلى الخلية وتوجهن إلى الملكة فورا لإخبارها بما حدث معهن.
– حزنت الملكة كثيرا حين سمعت، ثم طلبت من جميع سكان الخلية أن يجتمعوا ليقرروا ماذا عليهم أن يفعلوا ؟
– بعد دقائق قليلة حضر الجميع أمام الملكة وهم يتساءلون عن سبب هذا الاجتماع، فأخبرتهم الملكة بما حدث في الغابة وطلبت منهم مساعدتها على إيجاد حل لهذه المشكلة.
– فقالت إحدى النحلات: إذا كان الصقر كبيرا وقويا كما قالت مي، فليس أمامنا سوى أن نبتعد عن هذه الغابة ونبحث عن غابة أخرى نقصدها يوميا لجني الرحيق.
– فردت عليها مها قائلة: هذا حل صعب، فهذه الغابة هي الوحيدة القريبة من خليتنا أما باقي الغابات فهي بعيدة جدا وسنتعب كثيرا ونحن نتوجه إليها ثم نعود إلى بيتنا كل يوم.
– فقالت الملكة: مها على حق، علينا إيجاد فكرة أفضل من هذه.
– قالت ريم : ما رأيكن في أن نترك بيتنا هذا ونبني لنا بيتا قرب إحدى الغابات المجاورة فنرتاح من عناء الطيران لمسافة بعيدة ؟
– فردت عليها مي بشدة وقالت : هذا حل مستحيل يا ريم، فنحن لا يمكننا أن نتخلى بسهولة عن البيت الذي ولدنا ونشأنا فيه، كما أن غابتنا هذه من أكثر الغابات جمالا وغنى بأنواع الزهور والرياحين ومن الصعب علينا أن نجد غابة بحسنها وجمالها.
– فابتسمت الملكة ابتسامة كلها رضى وقالت: أحسنت يا مي، إن كلامك صحيح، علينا أن نتمسك ببيتنا، وأن نحافظ عليه، كما أن هذه الغابة ملك للجميع وليست ملك شخص واحد، ومن حق الجميع أن يدخل إليها ويتمتع بجمالها، لذلك علينا أن ندافع عن حقنا، وأن نواجه الصقر المعتدي، لا أن نخاف ونهرب بسرعة.
– فقالت إحدى النحلات: كلامك رائع يا مولاتي، ولكن نحن صغار الحجم والصقر كبير، فكيف لنا أن نواجهه وحدنا ؟
– فقالت الملكة : إذا تعاونا واتحدنا ووضعنا أيدينا بأيدي بعضنا أصبحنا قوة تفوق قوة الصقر وتنتصر عليه.
– أعجب الجميع بكلام الملكة وأيدوا رأيها.
– فقالت لهم الملكة: هيا أيها الشجعان، جهزوا أنفسكم فأمامنا مهمة خطيرة، تتطلب منا شجاعة وتضحية بالنفس، فهل أنتم مستعدون للدفاع عن حقكم ؟
– فأجابها الجميع بصوت واحد: نعم نحن مستعدون.
– فقالت لهم الملكة: إذن لننظم أنفسنا في صفوف متتالية، ولننطلق متوكلين على الله تعالى راجين أن يقوينا وينصرنا على عدونا.
– انطلقت مجموعة النحل دفعة واحدة وتوجهوا بسرعة نحو الغابة لمواجهة الصقر المعتدي.
– وما إن أبصرهم الصقر ينطلقون نحوه بسرعة وقد جهز الكل نفسه للانقضاض عليه، ورأى في عيونهم نظرة ملؤها الشجاعة والتصميم والغضب، حتى تجمد في مكانه خائفا لا يدري ماذا يفعل.
– وما كان منه إلا أن فرد جناحيه وطار عاليا مغادرا الغابة دون رجعة.
– فرح الجميع بالنصر الكبير الذي حققوه وشكروا الله تعالى على ذلك.
فقالت لهم الملكة : أرأيتم أنه علينا أن نتعاون ونناضل ونكافح ونضحي في سبيل الحصول على حقوقنا، وأن بالتوكل على الله تعالى والعمل والتعاون والإصرار يكمن السبيل الأفضل للنصر.
وأدرك جميع سكان الخلية أهمية التعاون والاتحاد في تحقيق النصر والنجاح، وبأن الأنانية وحب النفس قد يؤدي إلى الخسارة والضياع وظلم القوي للضعيف.