صورة للتوضيح فقط - تصوير: ferrantraite iStock
وكان العصفور على يقين كامل بأن الله سوف يرزقه، ويعيده إلى عشه اخر اليوم وقد ملأ بطنه بالطعام والشراب، خرج العصفور من عشه متوجها إلى الحقول والمزارع، فقابلته يمامة، فسألها: إلى أين أيتها اليمامة؟ فقالت: سمعت أن هناك مزارع جديدة على بعد عدة كيلو مترات من هنا، وأنها مليئة بحبوب القمح والشعير، وأنا أريد أن أذهب إليها، لآكل منها ما أريد فعرض عليها العصفور أن يذهب معها، فوافقت.
توجه العصفور واليمامة إلى المزارع الجديدة، وكانت اليمامة لا تعرف المكان بالتحديد؛ ولذلك أخذت تبحث مع العصفور عن هذه المزارع ساعات طويلة، حتى وصلا إلى صحراء واسعة، فلمح العصفور من بعيد بقعة خضراء وسط الصحراء، فقال: أيتها اليمامة، انظري فنظرت اليمامة، فرأت البقعة الخضراء، ففرحت.
قالت اليمامة: لابد أن هذه البقعة الخضراء هي المزارع التي بها القمح والشعير فقال العصفور: نعم، ولكنها بعيدة جدا، إنها في وسط الصحراء، فقالت: أنا مصرة على الوصول إليها ومعرفة ما فيها فقال: وأنا لن أتركك وحدك، فسوف أذهب معك؛ حتى أکون مطمئنا علیك. فشكرت الیمامة العصفور، وذهبا معا.
ظل العصفور واليمامة يطيران وقتا طويلا وأخيرًا وصلا إلى هذه المنطقة، فوجدا مجموعة كثيرة من المزارع، منها مزرعة مملوءة بأشجار الفاكهة، وتحت هذه الأشجار أنواع كثيرة من الحشائش، ومزرعة أخرى بها قمح ما زال أخضر، ومزرعة ثالثة بها شعير والغريب أنهما لم يجدا نهرا ولا بئر ماء بجانب هذه المزارع علما العصفور واليمامة بعد ذلك أن هذه الأرض يرويها أصحابها بالتقطير، وهي مواسير مياه في باطن الأرض، يخرج منها فتحات توزع الماء على سطح الأرض، ففرحا العصفور واليمامة باكتشاف هذه المزارع، وأخذا يأكلان من القمح والشعير والحشائش حتى شعرا بالعطش الشديد، وكانت مواسير الماء مغلقة في ذلك الوقت.
بحث العصفور واليمامة عن الماء فلم يجدا، وأخيرًا وجدا وعاء كبيرًا بجانب سور إحدى المزارع، فنظر العصفور في الوعاء، فوجد به القليل من الماء، فوقف على حافته ونظر بداخله، وأنزل منقاره ليشرب؛ ولكن الماء كان في قعر الوعاء، فلم يصل منقار العصفور إلى الماء، ولم يستطع العصفور أن یشیرب، وقف العصفور واليمامة يفكران وفجأة طار العصفور مسرعا، وأحضر حجرا، وأسقطه في الوعاء، وطار ثانية وأحضر حجرًا آخر وأسقطه، فساعدته اليمامة في ذلك، وكررا ذلك عدة مرات، وأخيراً ارتفع الماء في الوعاء، فأنزل العصفور منقاره و شرب، وشربت اليمامة أيضا، ثم قالا: العقل في التفكير والرب في التدبير.