صورة للتوضيح فقط - تصوير:Dobrila Vignjevic - istock
وكان أولاد الملك يحبون اللهو في تلك البحيرة ، فكانوا يسبحون فيها وقت الظهيرة ، حينما تشتد حرارة الشمس ،وفي المساء يركبون قواربهم الشراعية ، ويجدون في البحيرة ..
وذات يوم أحضر الملك من إحدى رحلاته أسماكا ملونة رائعة المنظر ، وأطلقها في البحيرة ، ثم قال لأولاده : لقد وضعت سمكاً ملؤناً في البحيرة ، فاذهبوا لتتفرجوا عليه ، ثم عودوا لتقولوا لي رأيكم فيه .. وذهب الأولاد لرؤية السمك الملون ، لكنهم فوجئوا برؤية سلحفاة مائية كبيرة على ضفة البحيرة ، ولم يكونوا قد رأوا سلحفاة مائية من قبل ، فظنوها وحشاً مفترساً ، ولذلك أخذوا يصرخون في فزع وأسرعوا إلى والدهم ، فقالوا له : لم نتمكن من رؤية السمك الملون ، لأننا رأينا وحشاً ضخماً يقطع علينا الطريق إلى البحيرة ..
فتعجب الملك مما سمع حتى بعد أن وصفوا له ذلك الوحش ، لأنه هو أيضا لم يكن قد رأى سلحفاة بحرية من قبل ، أو سمع عنها ، ولذلك أمر حراسته بمحاصرة البحيرة والقبض على ذلك الوحش الرهيب ..وبقلوب فزعة تمكن الحراس الذين لم يكونوا قد رأوا سلحفاة من قبل من محاصرة الوحش الرهيب ، واصطياده في شبكة ، ثم حملوه إلى داخل القصر ، ووضعوه أمام الملك .. وجمع الملك أعوانه ومستشاريه ؛ ليأخذ رأيهم فيما يجب أن يفعله بذلك الوحش الرهيب ، فأشاروا عليه بقتله ، حتى يتخلصوا من شره ..
وأصدر الملك أمره إلى رئيس الحراس بقتل السلحفاة في الحال ، فرد عليه رئيس الحراس قائلا : ولكن ذلك الوحش الرهيب يرتدي درعا ضخمة حصينة ، يحتمي بداخلها فكيف نستطيع قتله يا مولاي؟! فعاد الملك إلى أخذ آراء أعوانه ومستشاريه وكانوا جميعا يخافون الوحش الرهيب الواقف أمامهم مكبلا في الأغلال فقال أحدهم : مرهم يا مولاي أن يضعوه في الفرن ويحرقوه .. وقال آخر : مرهم یا مؤلاي أن يدقوا تلك الدرع بالمعاول والفئُوس حتى يُحطموها ، ثم يقتلوا الوحش ..
وكانت السلحفاة تنصت إلى أفكارهم الرهيبة مرعوبة ، لكنها لم تستطع أن تفعل شيئا لإنقاذ نفسها .. أخيرا تكلم أحد الآعوان وكان يخاف المياه فقال : من رأيي يا مولاي أن نرمي هذا الوحش في البحيرة ، حيث يفيض ماؤها في اتجاه النهر ،بذلك يغرق ذلك الوحش في النهر ونستريح من شره ..
ووجدت السلحفاة في ذلك النجاة ، لكنها تظاهرت بالخوف من الماء ، فصاحت قائلة : أيها الشيخ قاسي القلب من أين جاءتك هذه الفكرة القاتلة ، لقد كانت كل أفكاركم رهيبة ، لكن هذه الفكرة هي أكثرها بشاعة .. ألا تشفقون على من الغرق ؟! وأمر الملك بإلقاء السلحفاة في البحيرة ، فسبحت في اتجاه النهر وهي لا تصدق أنها نجت من الموت ..