نهر الأُردن الوارد ذكره عددًا من المرَّات في العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدَّس، والنَّهر الَّذي تعمَّد به السَّيِّدُ المسيح على يد يوحنَّا المعمدان، على كليهما السَّلام، والَّذي تقول أَكثريَّة مُفسِّري القرآن الكريم أَنَّه نفس النهر الَّذي تقول فيه الآية  الكريمة المائتانِ والتَّاسعة والأَربعون من سورة البقرة بالقرآن الكريم "إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ "، وكذلك النَّهر الَّذي يوجد في محيطه القريب، وفي حوضه كلِّه، عددٌ كبيرٌ من قبور الصَّحابة، ومقامات الأَنبياء، والعديد من المباني الدِّينيَّة المقدَّسة، والأَماكن الأَثريَّة، والنَّهر الَّذي حصل على طوله الكثير من المعجزات، والَّذي دارت بقربه معارك حاسمة في التَّاريخ، أَو نهر الشَّريعة، أَي النَّهر الَّذي يُسْتَقَى منه بالكَفِّ، وبدون الاستعانة بدلو أَو بحبل، هو حاليًّا، على طول مجراه السُّفلي، بغور الأُردن الأَسفل، من سدِّ "أَلُومُوت"، أَلواقع على بعد حوالي كيلومترين  إِلى الجنوب من بحيرة طبريَّا، وحتَّى مصبِّه في الطَّرف الشَّمالي للبحر الميِّت، ثامن أَكثر الأَنهار تلويثًا في العالم، وهو، في الواقع، على طول تلك المنطقة كلِّها، ليس سوى قناة لصرف مياه المجاري الَّتي تنصبُّ به من بعض مناطق إِسرائيل والسُّلطة الفلسطينيَّة في الغرب، ومن بعض مناطق المملكة الأُردنيَّة في الشَّرق، وهو أَيضًا من أَكثرها شُحًّا في المياه، فمياهه الملَّوَّثة والفاسدة بصعوبة تكاد تصل إِلى نهاية طريقها في البحر الميِّت في بعض السِّنين، وقد لا يُصدِّق مَنْ يشاهد مياهه الشَّحيحة والنَّتِنَة عندما تنصبُّ في البحر الميِّت، أَنَّه هو نفس النَّهر  الَّذي تخرج مياهُهُ الهادرة والنَّظيفة وذات المذاق العذب من ينابيعها الرَّئيسيَّة عند الأَقدام الجنوبيَّة والغربيَّة لجبل الشَّيخ في الشَّمال، وهو  يعاني، بالإِضافة لهذه المصاعب والمآزق، تغيُّراتٍ جذريَّة في شكل مجراه بسبب الهبوط السَّريع والمتواصل لسطح مياه البحر الميَّت، وبسبب الضَّخِّ الَّذي استمرَّ لمدَّة سنوات طوال للمياه من بحيرة طبريَّا، والَّذي لا يزال مستمرًّا من السُّدود والقنوات الموجودة على عدد من روافده أَيضًا، وكذلك بسبب التَّغيُّرات المناخيَّة النَّاتجة عن مشكلة الاحتباس الحراري العالمي، وما يرافقها من ارتفاع في درجات الحرارة وازدياد في تبخُّر الماء، وانخفاض في كميَّات الرَّواسب الجوِّيَّة السَّنويَّة.

أَكثر ثمانية أَنهار تلويثًا في العالم
أَكثر أَنهار العالم تلويثًا حاليًّا هو نهر اﻟﭽﺎﻧْﭽْز بالهند، يليه نهر  اليامُوْنا بالهند أَيضًا، يليه نهر كِتَارُوْم بإِندونيسيا، يليه النَّهر الأَصفر بالصِّين، يليه نهر سارْنُو بإِيطاليا، يليه نهر  بُورِﯦْﭽﺎﻧْﭽﺎ ببنغالادِش، يليه نهر  مارِيْلاو  باﻟﻔﻠﯿﭙﯿن، يليه نهر  اﻟﻤﺴﯿﺴﯿﭙﻲ بالولايات المتَّحدة، يليه نهر  ماتانْزا بالأَرجنتين، ثمَّ نهر الأُردن.

نهر الأُردن: حقائق
البداية، أَي بداية النَّهر: المنحدرات الغربيَّة والجنوبيَّة والشَّرقيَّة لجبل الشَّيخ في الشَّمال.
حوض التَّصريف، وهو المنطقة الَّتي تزوِّده بالمياه، أَي المياه العليا، وهي مياه الأَنهار والأَودية والسُّيول، والمياه الجوفيَّة. المساحة: 18،285 كيلومترًا مربَّعًا.
الدُّول المُشاركة في الحوض: المملكة الأُردنيَّة (40 %)، سوريا (37 %)، إِسرائيل (10 %)، أَلسُّلطة الفلسطينيَّة (9 %)، لبنان (4 %).
طول النَّهر: 251 كيلومترًا.
المعدَّل السَّنوي لصَبيب المياه، أَي معدَّل الكميَّات السَّنويَّة الَّتي تجري في النَّهر بملايين الأَمتار المكعبة:
خلال سنوات الخمسين من القرن العشرين: 1،300 مليون.
حاليًّا: 20 - 30 مليون.
عدد السُّدود على النَّهر  =وروافده في كلِّ دول الحوض: 45، تتَّسع ﻟ 390 مليون متر مكعب.
المساحة الإِجماليَّة الَّتي يُمكن أَن تُرْوَى بمياه النَّهر وروافده: 1،000،000 – 1،500،000 دونم.
أَلنِّهاية، أَو "قاعدة الجرف"، أَي المنطقة الَّتي ينتهي بها، أَو المنطقة تصبُ بها مياهه مع ما تحمله من مجروفات: أَلبحر الميِّت، في الجنوب.
العمر: حوالي 15،000 سنة. نهر الأُردن تكوَّن بعد جفاف "بحيرة الِّلسان"، وهي البحيرة الَّتي كانت تغطِّي غور ألأُردن من بحيرة طبريَّا في الشَّمال، حتَّى منطقة عَيْن خُصْب بجنوبي البحر الميَّت في الجنوب، والَّتي جفَّت قبل 15،000 عام تقريبًا، حينما أَصبح مناخ البلاد أَكثر حرارة وجفافًا، بعد أَن كان باردًا وماطرًا.
المعدَّلات السَّنويَّة للرَّواسب الجوِّيَّة على طول المجرى

جبل الشَّيخ: أَكثر من 1،000 ميليمتر.
محيط بحيرة طبريَّا: 500 – 600 ميليمتر.
غور الأُردن الأَوسط: 400 – 500 ميليمتر.
عند المصبِّ في البحر الميَّت: أَقلّ من 100 ميليمتر.

مُلوحة المياه
ملوحة المياه تنتج عن الأَملاح المذابة بها، ويُعَبَّر عنها بطرائق مختلفة، من أَشهرها "إِجمالي الأَملاح المذابة" (Total Dissolved Salts, TDS)، وإِجمالي الأَملاح يشمل كلَّ الأَملاح المذابة المتواجدة في الماء، ما عدا أَملاح الكربونات والبيكربونات، ككربونات وبيكربونات الكالسيوم والماغنيسيوم، والأَملاح الَّتي تُؤخذ في حساب  "إِجمالي الأَملاح المذابة" هي أَملاح الكلوريدات، والكبريتات، والفوسفات، والنَّيترات، والنَّيتريت، ولكنَّ نظرًا لأَنَّ أَكثر الأَملاح تواجدًا في الماء هي الكلوريدات، خصوصًا كلوريد الصُّوديوم، أَو ملح الطَّعام، وكلوريد الكالسيوم، لذا يُعَبَّر عن "إِجمالي الأَملاح المذابة" بعدد ميليغرامات أَيُونات عنصر الكلور المتواجدة في الَّلتر الواحد من الماء (mg Cl-1/lit.)، والميليغرام هو جزء واحد من الأَلف جزء من الغْرام.
تجدر الإِشارة هنا إِلى أَنَّه ينبغي أَلَّا تزيد ملوحة المياه الصَّالحة للشُّرب عن 400 ميليغرام كلور أَيُوني لكلِّ لتر واحد من الماء، أَمَّا المياه التي تزيد مُلوحتها عن ذلك فلا تصلح للشُّرب، والمياه الَّتي تتراوح ملوحتها بين 401 و  2،500 ميليغرام كلور للِّتر، تصلح لريِّ بعض أَنواع المزروعات، وتصلح في بعض الصِّناعات أَيضًا، وإِذا زادت الملوحة عن 2،500 ميليغرام كلور للِّتر، فتصبح غير صالحة لذلك، والمياه الَّتي تصل ملوحتها إِلى 5،000 ميليغرام كلور للِّتر تصلح لتربية الأَسماك.  

مُلوحة مياه نهر الأُردن، بميليغرامات أَيُونات عنصر الكلور لكلِّ لتر من الماء (mg Cl-1/lit.)

رافد الحاصباني: 25، رافد الِّلِدَّان أَو دان: 14، رافد البانياس: 15، نقطة اتِّحاد رافد الحاصباني مع المجرى الموحَّد لرافدي الِّلِدَّان والحاصباني بسهل الحولة: 13، مدخل نهر الأُردن بشمال بحيرة طبريَّا: 25،2، بحيرة طبريَّا: 236، مخرج نهر الأُردن من جنوب بحيرة طبريَّا: 330، ملتقى نهر اليرموك مع نهر الأُردن: 131، جسر المجامع: 1،968، جسر الشَّيخ حسين: 1،727، جسر دامية: 2،553، جسر الملك حسين: 3،074، جسر الملك عبدالله: 5،000، أَلبحر الميِّت: 192،000. معدَّل مُلوحة مياه البحر الأَبيض المتوسِّط، من أَجل المقارنة، هي 35،000.

نهر الأُردن الأَعلى
بدايته بعد التقاء الرَّوافد العليا لنهر الأُردن واتِّحادها مع بعضها بسهل الحولة، ونهايته عند مصبِّ المجرى الموحَّد النَّاتج عن الاتِّحاد بالطَّرف الشَّمالي لبحيرة طبريَّا. أَلرَّوافد الرَّئيسيَّة العليا لنهر الأُردن هي دان أَو الِّلِدَّان، والبانياس، والحاصباني. رافد علوي رابع، أَقلُّ مياهًا، هو رافد عُيُون، الَّذي يبدأُ قرب بلدة مرجعيون بلبنان. فقط بعد اندماج هذه الرَّوافد الأُربعة مع بعضها يُطلق على المجرى الموحَّد الإِسم "نهر الأُردن". طول نهر الأُردن العلوي حوالي 33 كيلومترًا، ومساحة حوضه هي حوالي 1،565 كيلومترًا مربَّعًا. مياهه نظيفة بشكل عام، ولكنَّها تعاني، وبشكل دائم، من تلويثات طفيفة تأتي من عدد من المصادر: مياه برك وأَحواض تربية الأَسماك، مياه التُّربة المحتوية على الأَسمدة المذابة ومبيدات الحشرات، مياه مراعي وحظائر الأَبقار، مياه مجاري من بعض المستوطنات بسهل الحولة والجولان وجبل الشَّيخ. شدَّة هذه التلويثات تزداد في بعض الحالات، كما حصل خلال شهر تشرين الثَّاني عام 2019، حينما عُثِرَ في مياهه على كميَّات كبيرة من النَّفط، و كما حصل أَيضًا خلال شهر آب عام 2021، حينما وُجِدَت في مياهه، وكذلك في مياه عدد من روافده، نسبة مرتفعة من الجراثيم.

نهر الأُردن الأَسفل
بدايته عند مخرجه من الطَّرف الجنوبي لبحيرة طبريَّا، ونهايته عند مصبِّه بالبحر الميِّت. طوله حوالي 217 كيلومترًا، ومساحة حوضه هي حوالي 13،600 كيلومترًا مربَّعًا. مياهه نظيفة بشكل عامٍّ حتَّى سدِّ" أَلُومُوت"، بعد تلك النُّقطة تتحوَّل إِلى مياه قذرة ومالحة وملوَّثة. مصادر تلويث مياه النَّهر في هذا القسم من مجراه تأتي من عدد من المصادر: مياه الينابيع المالحة، وهي ينابيع الطَّابغة وينابيع حمَّامات طبريَّا، الَّتي تُجمع في محيط بحيرة طبريَّا في قناة وأَنابيب خاصة وتُصَبَّ به بعد خروجه من البحيرة، بين سدِّ" أَلُومُوت"، وموضع اندماج نهر اليرموك مع نهر الأَردن، وكذلك مياه المجاري الَّتي لا تُطَهَّرُ كليًّا بمشروع تطهير المياه بالجانب الإِسرائيلي من النَّهر، وهو مشروع "بِيتانْيا"، وكذلك مياه التُّربة المحتوية على الأَسمدة المذابة ومبيدات الحشرات. منتصف مجرى نهر الأُردن الأَسفل هو الحدُّ السِّياسي بين إِسرائيل والمملكة الأُردنيَّة.

تغيُّرات جوهريَّة في التَّنوُّع البيولوجي
شهد نهر الأُردنِّ الأَسفل في العقود الأَخيرة، بسبب شُحِّ مياهه، وتلويثها، ومُلوحتها، تغيُّرات سلبيَّة جذريَّة كثيرة في التَّنَوُّع البيولوجي، أَلنَّباتي والحيواني، على حدٍّ سواء، ففي حين كانت تعيش في الماضي غير البعيد، بداخل مياهه، وعلى ضفافه، وبالقرب منه، أَنواع نباتيَّة برِّيَّة عديدة، فقد اختفت غالبيَّتها، أَو انكمشت مساحات انتشارها، فقد اندثرت غالبيَّة النَّباتات المغمورة بالماء، واندثرت أَيضا نباتات البُوْص، والقَصَب أَو القيصُوب،  والسُّعد، وهي نباتات مُحِبَّة للماء العذب، كانت تنموا بكثرة على ضفافه، كما واختفت أَشجار الصَّفصاف، والحَوْر، وشجيرات الغَضَا والدِّفلى، واتَّسعت مساحات شجيرات الأَثْلِ، أَثْلِ الأُردن، وهو نبات مُحِبٌّ للملح.
ونظرًا لأَنَّ غور الأُردن، كباقي مناطق الشَّقِّ السُّوري الأَفريقي العظيم، هو أَحد الخطوط الرَّئيسيَّة لهجرة الطُّيور  في العالم كلِّه، فقد توقَّفت طيور مهاجرة كثيرة عن الاستراحة على طوله، والطُّيور تستريح من أَجل التَّزوُّد بالغداء والماء، وهذه أَصبحت قليلة هناك، والطُّيور المهاجرة تطير فوقه مرَّتين كلَّ عام، مرَّة في الخريف، حينما تدخله وهي قادمة إِليه من الشَّمال البارد، خلال اتِّجاهها نحو أَواسط أَفريقيا  الحارَّة، ومرَّة أُخرى في الرَّبيع، حينما تعود من أَفريقيا إِلى مواطنها الأَصليَّة بشمالي أُوروبا وآسيا، 
وبالنِّسبة للتَّنوُّع الحيواني في مياه نهر الأُردنِّ الأَسفل، هنالك هبوط بمقدار 50% عَمَّا كان عليه الوضع سابقًا، أَي عَمَّا يجب أَن يكون لو كانت مياه النَّهر غير ملوَّثة ومالحة، وأَحد أَسباب هذه الأَمر هو هبوط نسبة غاز الأُوكسيجين المُذاب بمياه النَّهر، ويعود الانخفاض في نسبة هذا الغاز إِلى كثرة المواد العضويَّة، ووفرة مركَّبات عدد من العناصر الكيماويَّة، كالنَّيتروجين والفوسفور، في مياهه، وهذه تأتيه بمعظمها من مياه المجاري ومن مياه الأَسمدة، وهي تسبِّب تكاثر الطَّحالب به. أَلكائنات الحيَّة، خصوصًا جراثيم البكتيريا بأَنواعها، تحتاج لهذا الغاز من أَجل تحليل هذه الموادِّ العضويَّة، ونظرًا لأَنَّ المصدر الوحيد لغاز الأُوكسيجين هو الهواء الجوِّي، وأَيضًا نظرًا لأَنَّ ذائبيَّة هذا الغاز في الماء، كذائبيَّة كسائر الغازات، تنخفض كثيرًا مع ارتفاع درجات الحرارة، وعلى ضوء معضلة الاحتباس الحراري العالميَّة الحاليَّة، وما يرافقها من ارتفاع واضح في درجات حرارة الهواء والماء بغور الأُردنِّ، فإِنَّ حِدَّة هذه المشكلة ستزداد من يومٍ لآخر إِذا لم تُحَل مشكلة النَّهر بكاملها، من تلويثٍ وشُحِّ مياه.

تغيُّرات مورفولوجيَّة في مجرى نهر الأُردن الأَسفل
شُحُّ مياه نهر الأُردن الأَسفل، وانخفاض سرعة جريانها،   والانخفاض السَّريع لسطح مياه البحر الميِّت، سبَّبت في الماضي غير البعيد، وهي لا تزال تسبِّب الآن، تغيُّرات مورفولوجيَّة جذريَّة في شكل مجراه، عند مصبِّه بالبحر الميِّت، وكذلك على طول مجراه بمنطقة "الزَّوْر"، وهي المُسطَّح السُّفلي الَّذي يجري في وسطه، والَّذي يقع تحت  المُسطَّح العلوي، مُسطَّح "الغور"، فالانخفاض السَّريع لسطح مياه البحر الميِّت، الَّذي يبلغ حاليًّا مترًا وعشرين سنتيمترًا كلَّ عام، دفعت النَّهر إِلى تعميق مجراه عند مصبِّه، وساعد على ذلك جريانه هناك بداخل رواسب نهريَّة ليِّنة وطبقات صخريَّة رخوة يَسْهُل على مياهه، بالرَّغم من قِلَّتها، جرفها والهبوط بداخلها، أَمَّا في منطقة الزَّوْر  فمياه الفيضانات الجارفة تسبِّب، بين الحين والآخر، قطع بعض منعرجاته، وتقصير مجراه.

الحلُّ ؟
الحلُّ هو "إِعادة المياه إِلى مجاريها"، أَي إِعادة مياه نهر الأُردنَّ إِلى ما كانت عليه في سابق عهدها، غزيرةً ونظيفة، ولكن نظرًا لأَنَّه من غير الممكن، على ما يبدو، التَّوقُّف عن سحب المياه من السُّدود العديدة والقنوات الموجودة على النَّهر وروافده، في جميع الدُّول المشاركة في النَّهر وحوضه، فلا مناص من دفع مياه البحر المُزَالَةِ أَملاحُها إِليه، وقد بدأَت دولة إِسرائيل بذلك، فمن المتوقَّع أَن يبدأَ دفع مياه البحر الأَبيض المتوسِّط المُحَلَّاة إِلى بحيرة طبريَّا، ثمَّ إِلى نهر الأَردن، ثمَّ إِلى البحر الميِّت، خلال مدَّة قصيرة، ومن أَجل ضمان إِعادة الوضع على ما كان عليه فيما مضى، في نهر الأُردنِّ، وفي البحر الميِّت أَيضًا، من أَجل إِيقاف هبوط سطح مياهه، فيجب أَن تُضَخَّ سنويًّا كمِّيَّةٌ تصل على الأَقلِّ إِلى 800 مليون متر مكعب، وينبغي أَيضًا أَن تتوقَّف الدُّول المشاركة في النَّهر عن صبِّ مياه المجاري، وسائر أَنواع المياه المالحة والملوَّثة والنُّفايات الصُّلبة به، وهذا الأَمر يتطلَّب، بالطَّبع، إِرادةً وعزيمةً من قبل هذه الدُّول كلِّها، ثمَّ تفاهمًا واتِّفاقًا بينها على ذلك. أَبحاثٌ كثيرة أُجْرِيَت من قِبَلِ أِسرائيل، والمملكة الأُردنيَّة، والسُّلطة الفلسطينيَّة، وتقاريرُ عديدة دُوِّنَت، وخططًا جمَّةً رُسِمَت، واتِّفاقيَّاتٌ أُبْرِمَت، بشأن ترميم نهر الأُردن الأَسفل، وإِعادته إِلى سابق أَيَّامه، ولكنَّ ما نُفِّذَ على أَرض الواقع لا يزال ضئيلًا، وغير بادٍ للعيان.
جانب من مجرى نهر الأَردن الأَسفل بمُنعرجاته عام 1938. أَلرُّقعة السُّفلى الَّتي يجري بها النَّهر، وهي رقعة حوضه الفيضي، هي رقعة "الزَّوْر"، أَمَّا الرُّقعة العليا، والمرتفعة، فهي رقعة "الغَوْر". (عن ويكيبيديا).